رأيت غزة تبتلع..(3) يقول البحر ( نريد إنهاء الإنقسام )

بقلم: منذر ارشيد

بسم الله الرحمن الرحيم

نعم يقول البحر فغزة التي رأيتها تبتلع البحر وما دام البحر في قلب غزة ..فلماذا يبقى البحر صامتاً ولا يصرخ في وجه الجميع.. لماذا لا يقول كفى كفى كفى ..!

في رحلتي المفاجئة لغزة هاشم ,وأنا أدخل معبر رفح عادت بي الذاكرة إلى ذلك اليوم من
عام 95 بعد أوسلو ويوم دخولي لأول مرة إلى أريحا , وهذه المرة وكأني لأول مرة أدخل الوطن من جديد , لم أجد فرقاً بين أريحا وغزة إلا في البحرين..
ففي أريحا بحر ميت وفي غزة بحر يعج بالحياة

لا أدري أهو عشق للوطن أم أنه حلم كان يراودني, فعندما عدت إلى الضفة عام 1994 وأقمت في أريحا ثلاثة أشهر قبل أن أدخل مدينتي جنين عشقت أريحا ليس المكان , بل السكان , والأسباب يعرفها كل من كان في تلك الفترة التي خدمت فيها في أريحا والتي إستطعت أن أندمج خلالها مع المجتمع الريحاوي الذي قيل عنه الكثير قبل دخولنا وقد كان الكلام سلبيا ً لدرجة كبيرة من خلال الدعايات التي سبقت , ولكن أشهد الله أني وجدت فيها شعبا طيباً شهماً عزيزاً أبياً , فتأكدت أن المسألة تحتاج فقط إلى إرادة وعمل جاد وإدارة جيدة تستوعب الجميع
كتبت عن غزة وشعبها العظيم وعن فتح التي تحتاج لقيادة بحجم غزة
ففي غزة رجال ونعم الرجال ونساء ٌ ونعم النساء , ألم يشاهدهم العالم وهم يواجهون البطش الصهيوني الذي طال الحجر والبشرفي أبشع صوره .!
وفي كل مرة يخرجون حاملون جراحاتهم وعذاباتهم وفقرهم ويقولوا للعالم
( لن ننكسر ولن نستكين ولن نُهزم ) كان هذا مع ضيق الحال والضرب من جانب واحد
ولكن هذه المرة الوضع يكان مختلفاً تماماً فالصاع قابله صاعين من قبل أبنائهم الأبطال الذين سجلوا أروع صفحات العزة والشموخ من خلال الرد القاسي في قلب الكيان
أيٍ كان الوضع ومهما كان من دهاليز سياسية فالناس تعرف فقط أن كرامتهم رُدت إليهم
وشعورهم أنهم انتصروا وواجهوا الأمربروح الجماعة بتتأكد من جديد مقولة (شعبٌ لن يموت)
أهل غزة هو الشعب الفلسطيني الذي عرفه العالم كأعظم شعوب الأرض عنفواناً وكبرياء.

كتبت وقلت ما قلته عن غزة التي فيها ما فيها من مختلف أنواع البشر كبقية البشر وركزت على الفئة الغالبة الذين هم ملح الأرض ولم ألتفت إلى الشواذ والذين هم موجودون في كل مكان

لقد كانت هناك ملاحظات من بعض الإخوة والأخوات وقد اعترضوا على بعض ما وصفت به أهلنا في غزة وقال البعض أنت لم تدخل المواقع المهمشة والأحياء الفقيرة وربما نظرت من برجك العاجي ورأيت علية القوم من النخب التنظية والقيادات التي تعيش رغد العيش خاصة أنك حضرت مع وفد رسمي لقائاته كانت مع النُخب
بيوت مدمرة
ورغم أني ذكرت أني تأخرت عن الوفد الرسمي الذي غادر القطاع بعد خمسة أيام وبقيت أسبوع آخر تجولت خلالها في معظم مدن ومناطق القطاع والتقيت ببعض الفعاليات ودخلت بعض الأحياء وزرت بعض الإخوة متوسطي الحال والمظلومين والذين منهم من دمرت بيوتهم أو أصبحت بيوتهم غير آمنة وآيلة للسقوط بسبب ما لحقها من خراب جراء إطلاق الصواريخ من جانب بيوتها ومن ثم الرد الاسرائيلي على نفس المكان والذي زُلزل أساسات جراءه بعض البيوت مثل بيت الأخ المناضل عوني السيسي وقد التقط صورا ً بجانب بيته المهلهل وقد وضع فيه أموالاً من قروض بنكية أرهقت كاهله , ومثله الكثيرين ممن أصابهم الضرر الجسيم
ولا أريد الخوض بالتفاصيل ولكن أضع ملاحظة ان هناك بيوت هدمت أو تضررت ولم يتم أي إجراء أولي من قبل المسؤولين في غزة مثل حصر الأضرار كما جرت العاده , رغم أن الصواريخ التي تم إطلاقها من جانب بيوتهم لم يراعي من اطلقوها حق المواطن المغلوب على أمره ممن حكمت الظروف عليهم بأن تكون بيوتهم منصات لإطلاق الصواريخ
وهناك أيضاً من المواطنين من يعيشون تحت خط الفقر وخاصة ممن لا ينتمون لأي تنظيم أو حزب وهؤلاء كثيرون ومن الضروري أن يتولى ذو الشأن العناية بهم
فتح وحماس


لسان حال الناس في غزة يقول كفى نريد إنهاء الإنقسام ولتوحد وإعادة الروح للجسم الفلسطيني الذي مزقته الأحداث المريرة
وكما أن الوضع في غزة فيه كثير من الأمور التي تحتاج إلى إعادة نظر وخاصة بين فتح وحماس وهما يشكلان الزخم الشعبي الأكبر قياسا مع التنظيمات الأخرى ,
فهذا الأمر يشكل هاجساً لدى المواطنين والذين ينتظرون المصالحة بفارغ الصبر
فمن البديهي ونحن نرى هذا الخطاب الجديد الذي تجلى بعد النصر الذي سجلته المقاومة في غزة
وقد توجه الأخ خالد مشعل في مهرجان الإنتصار وتحدث خلاله بروح الوحدة الوطنية
من البديهي ان يعمل الجميع من أجل ترجمة الأقوال بالأفعال
فلماذا هذا اللغط والجدل البيزنطي حول مسألة تكاد تكون ثانوية ..مكان إقامة مهرجان فتح ..!
فماذا يضير حماس أن يكون الإحتفال في الكتيبة مثلاً لماذا وقد أقيمت مهرجانات حماس في الضفة وبشكل جميل ورائع ..!
نتمنى أن يتغلب العقل على العاطفة لا بل تتحد العقلانية مع العواطف لنتجاوز المرحلة السوداء من تاريخنا الذي ما كان يجب أن يكون مسجلاً في تاريخ وطننا الفلسطيني بالأصل
ولهذا نناشد الجميع أن يلتقوا على كلمة ٍسواء , ويحتفل الجميع بكل المناسبات الوطنية ففتح لها تاريخ لا يمكن لأحد أن يشطبه , وحماس لها وجود وقوة لها تأثير كبير , فلو إجتمعت وتوحدت الجهود لتغير وضعنا بشكل كبير إلى الأفضل
وهنا أعيد القول إن ما يجري ما هو إلا لأسباب جوهرية لفتح التي لم تنجح في لم شمل أبنائها بشكل يسمح بعدم تجاوزها لا بل إحترامها وهذه مسؤولية القيادة المركزية ( هذا الكلام قلته في مقالاتي السابقة وأكرره ألف مرة )
وكما رأيت غزة قد إبتلعت البحر أتمنى ان أرى الجميع في فتح وحماس أن يبتلعوا جراحهم
ويحتسبوا كل ما جرى في الماضي عند الله , وبهذا يكون الأمر كله ل لله الذي لا يضيع عمل عامل منكم, ولتكن مصلحة فلسطين أولا ً وقبل كل شيء
والعاقبة للمتقين , والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
أللهم ألف بين قلوبنا ووحد صفوفنا وإنصرنا على عدونا

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت