هل العرب تيسٌ مستعارٌ؟

بقلم: فايز أبو شمالة


من لهؤلاء الموظفين الذين يعانون شظف العيش؟ من يفك كربة الأسر الفلسطينية التي تنتظر الراتب، ولا تجد قوت يومها؟ من لأصحاب المحلات التجارية، وأصحاب الحرف الصناعية الذين ارتبط رزقهم برواتب الموظفين، وباتوا ينتظرون الفرج غير المعلوم؟
ماذا يقول المسئولون الفلسطينيون؟ وماذا أعدوا لمثل هذا اليوم الأسود؟ وأين هي مؤسسات الدولة التي تفاخر اللجميع بتثبيتها على الأرض، وعند الجد لا نجد لديها رواتب؟ أين هو الاقتصاد الفلسطيني المزدهر؟ وأين النمو الذي تباهى البعض بتطوره حتى صار مستقلاً؟ أين الاستقلال؟ وأين الدولة؟ وأين الذي يتجرأ على التنكر للحقيقة المرة التي تؤكد أن حياة الفلسطينيين السياسية قد صارت معلقة بمشنقة الرواتب؟
فمن الذي أوصل المجتمع الفلسطيني إلى هذه الحالة من اللهاث خلف الوظيفة، والارتباط بمصدر الرزق الوحيد؟ من هو المسئول عن حالة التسول التي يعيشها شعب فقد أرضه وحريته؟ ولماذا نناشد العرب بتوفير شبكة أمان مالي للسلطة الفلسطينية، ولا نطالب المجتمع الدولي بالضغط على الغاصبين للتوقف عن سرقة الأموال الفلسطينية؟ هل العرب تيسٌ مستعار؟ فلماذا نتوسل الدول العربية لتوفير رواتب آخر الشهر، ولا تتفجر ثورة في وجه الصهاينة الغاصبين؟ لماذا لا يخرج الناس إلى الشوارع لقطع طرق المستوطنين رداً على عدم تحويل الاموال؟ ولماذا نعتب على العرب لعدم توفيرهم شبكة أمان مالي، ولا نعتب على السلطة التي وفرت شبكة أمان سياسي للصهاينة سهلت لهم التوسع الاستيطاني؟
الموظف الفلسطيني بحاجة إلى الراتب حاجة فخامة الرئيس الفلسطيني إلى البساط الأحمر، والموظف الفلسطيني بحاجة إلى الراتب حاجة القادة المسئولين إلى وسائل الإعلام؛ كي يتباهوا بحصولهم على دولة لها صفة مراقب في الأمم المتحدة، والموظف الفلسطيني بحاجة إلى الراتب حاجة وزراء السلطة الفلسطينية إلى بطاقة vip الإسرائيلية.
كان الأجدر بحركة فتح التي تحرص على إظهار قوتها من خلال الاحتفال بانطلاقتها في قطاع غزة فقط، كان الأجدر بحركة فتح أن تقف وقفة رجل واحد في وجه الجهة التي حرمت الموظفين من رواتبهم، أو الجهة التي تسببت في حرمانهم من رواتبهم، أو الجهة التي أشغلت الفلسطينيين، حتى صار جل همهم كيفية توفير رواتب الموظفين !.
كان الأجدر أن يحرص قادة حركة فتح على أن يكون الاحتفال الكبير بانطلاقة التنظيم الكبير بعد أن ضمن توفير الرواتب لجيش الموظفين الكبير، كي يكون الاحتفال بهيجاً مع انجازٍ ماديٍ ملموسٍ في يد الموظفين.
قبل قدوم السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة الذي كان محتلاً من الإسرائيليين، كانت المرأة الفلسطينية تطوف أرجاء مخيم خان يونس للاجئين بحثاً عن عجوزٍ يذبح لها الدجاجة، ولكن بعد ثمانية عشر عاماً من وصول رجال السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة والضفة الغربية، صارت المرأة تطوف أرجاء المخيم الذي يعج بالرجال، كي تستلف ثمن الدجاجة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت