"نفتالي بينت" نجم جديد .. يلعب دوراً سياسياً وانتخابياً فعالاً في الحلبة السياسية الإسرائيلية، ويشكل الإزعاج لمخططات "نتنياهو"، وينتزع الأصوات من "الليكود"، وهذا النجم يتزعم حزب "البيت اليهودي"، الأكثر يمينياً من "الليكود" ومن "إسرائيل بيتنا"، ويستنزف هذا الحزب "الليكود"، واستطلاعات الرأي العام تعطي الحزب الجديد بين (12) إلى(15) مقعداً في الكنيست، فحزب "الليكود" الذي شكل قائمة انتخابية مشتركة مع حزب "إسرائيل بيتنا" بهدف الحصول على مقاعد أكثر في الكنيست في هذه الانتخابات، يتبين أن هذا التشكيل كانت نتائجه عكسية، إذ أن استطلاعات الرأي العام أشارت إلى أن هذه القائمة المشتركة، التي لها في الكنيست الحالية (42) مقعداً، قد تهبط إلى (35) مقعداً، أي بخسارة (7) مقاعد، بينما كان توقع "نتنياهو-ليبرمان" أن تحقق القائمة (45) نائباً على الأقل.
من هو "نفتالي بينت"
من مواليد عام 1972، انتخب رئيساً لحزب "البيت اليهودي" المشترك مع الحزب الوطني الديني "المفدال"، وهو ضابط احتياط في الجيش الإسرائيلي، ورئيس طاقم نتنياهو السياسي بين عامي 2006-2008، من غلاة المتطرفين اليهود وقد استقال من الطاقم آنف الذكر، ومن حزب الليكود، على خلفية تجميد البناء الاستيطاني الذي توصل إليه الأميركان مع إسرائيل لمدة عشرة أشهر، فبعد أن كانت علاقته مع "نتنياهو" حميمة، أصبحا خصمين لدودين، فقبل عام انتخب "بينت" رئيساً لما يسمى بمجلس المستوطنات في الضفة الغربية، وقد وصف بحامل لواء إعادة الصهيونية إلى مركز الأحداث، وقبل شهر ونيف انتخب بشكل مفاجئ رئيساً لحزب "البيت اليهودي"، هذا الحزب الذي له في الكنيست الحالية ثلاثة نواب، يتبنى هذا الحزب برئاسته أجندة سياسية متطرفة، حددها في إعلانه عن معارضته إخلاء أي مستوطن حتى من البؤر الاستيطانية العشوائية، وهو كجندي احتياط سيرفض أوامر القيادة العسكرية إذا صدرت إليه بإخلاء مستوطنين، ويقول أن ترحيل أي يهودي من "بيته"، يعتبر عملاً فظيعاً ومخزياً ويعمل من أجل استمرار البناء الاستيطاني، حتى في المنطقة "E1" التي تربط بين القدس ومستوطنة معاليه ادوميم، ويتضمن برنامجه الانتخابي فرض السيادة الإسرائيلية على منطقة "ب" وفقاً لاتفاق أوسلو، التي يتواجد فيها "350" ألف مستوطن، وتشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، وهذا يضمن لإسرائيل تواصلاً جغرافياً، ويعارض إقامة دولة فلسطينية، ويريد أن يصل عدد المستوطنين إلى مليون، ويعتبر أن قيام دولة فلسطينية يشكل خطراً على مصادر المياه في إسرائيل.
إن المعركة الانتخابية في إسرائيل، لا تحمل برامج سياسية خاصة لحزب "الليكود" الحاكم، بل أن الكراسي والمناصب الوزارية والاستيطان تشكل الأساس للصراعات الداخلية بين الأحزاب، فـ"نتنياهو" –الذي أعلن عن حل الدولتين- تخلى عن هذا الحل، بل أنه تعهد بتعزيز الاستيطان، ومواصلة البناء خاصة في القدس، التي ستبقى –على حد قوله- تحت السيادة الإسرائيلية، وغير قابلة للقسمة، ومن أولوياته محاربة البرنامج النووي الإيراني، والمضحك قوله أنه سيواصل مد يديه دوماً إلى جيرانه من أجل السلام الحقيقي والمتبادل، مع التشديد على المصالح الحيوية لدولة إسرائيل، فعن أي سلام يتحدث بعد أن أسقط حل الدولتين، فالبناء في القدس وفي الضفة الغربية-على حد قوله- مسألة مبدأ، ولا يهمه ما تقوله الأمم المتحدة والعالم عن هذا البناء، وينفي أن تكون مخططات البناء ذات علاقة بالانتخابات، فـ"نتنياهو"- الذي لا يقول علناً أنه ضد إقامة دولة فلسطينية- يرفض شركاؤه "ليبرمان"، وأيضاً وزير التعليم "غدعون ساعر" وغيرهما من الوزراء علناً إقامة دولة فلسطينية، إذن لماذا يدعون لاستئناف المفاوضات؟
أما الرجل الثاني في حزب "إسرائيل بيتنا" "يئير شامير" ابن رئيس الحكومة سابقاً، والمرشح الثاني للكنيست من قبل حزبه فيصرح بأن إسرائيل دولة صغيرة ومزدحمة ومكتظة ولا متسع لإقامة دولة فلسطينية وما يسمى بحل الدولتين، في الوقت الذي يحذر فيه الجنرال "عاموس يدلين"- رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، ورئيس معهد أبحاث الأمن القومي- من خسارة إسرائيل للعالم إذا استمرت بهذا النهج، وأن نتنياهو يقود الدولة العبرية نحو الكارثة، داعياً حكومة "نتنياهو" إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، ودعا الحكومة للعودة سريعاً إلى طاولة المفاوضات، والدفع لإقامة الدولة الفلسطينية، غير أن لرئيس جهاز "الشاباك" السابق "يوفال ديسكين" رأيا آخر، حيث دعا إلى وضع ورقة بيضاء في صناديق الاقتراع، لعدم وجود زعامة إسرائيلية جادة، وأن هذه الزعامة الحالية تجعل الكثير من الإسرائيليين يفقدون الأمل في مستقبلهم، وهذه إحدى أهم المخاطر التي تواجهها إسرائيل، وتساءل: لماذا يفكر 40% من الإسرائيليين بالهجرة منها؟
إن الحزب الوحيد الذي ينادي بإلغاء اتفاقية "أوسلو"، واستبدالها بمبادرة السلام العربية، هو حزب ميرتس الصغير، أما حزب العمل، فهو ينادي بقيام دولتين لشعبين، معتبرا أي خيار آخر يؤدي إلى دولة ثنائية القومية، يُعرّض جوهر الدولة اليهودية للخطر، كذلك فإن حزب "الحركة"، وحزب "المستقبل"، يؤيدان إقامة دولة فلسطينية مع التحفظ على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.
إن معسكر اليمين الإسرائيلي ما زال المتفوق حسب استطلاعات الرأي العام، وسيحصّل بحدود (35) مقعدا في الكنيست من أصل (120) عدد مقاعدها، وهذا اليمين الذي يضم "الليكود"، "إسرائيل بيتنا"، "شاس"، "البيت اليهودي"، "يهودت هتوراة"، فهذا اليمين سيساند "نتنياهو" في ترؤس الحكومة القادمة، مع أن هناك بعض المشاكل، فحملة "نتنياهو" الانتخابية، ضد البيت اليهودي، اتخذت من أقوال "نفتالي بينت" رئيس الحزب الذي قال بأنه يرفض الأوامر العسكرية بإخلاء مستوطنين ذريعة لمهاجمته، أما حزب "شاس"، و ورئيسه الروحي الحاخام "عوباديا يوسف" فيعترضون بشدة على أقوال "نتنياهو" بأنه سيحتفظ لحزبه بوزارتي الإسكان والشؤون الدينية، بينما هاتان الوزارتان بيد حزب "شاس" حاليا، ويريدون إبقاءهما بأيديهم، إضافة إلى وزارة الداخلية، التي يريد "ليبرمان" إسنادها لأحد أعضاء حزبه، فقد بدأ الحديث عن توزيع الحقائب الوزارية، قبل إجراء الانتخابات، ومعرفة نتائجها، وقد تكون هناك مفاجآت بضم "نتنياهو" لحكومته من أحزب الوسط، لكي لا تظهر متطرفة ويمينية أمام العالم، خاصة أنه وضع "فيتو" أمام مشاركة حزب البيت اليهودي في حكومته بسبب أقوال رئيسه ضد الأوامر العسكرية، لكن السبب الحقيقي أن هذا الحزب الذي قد يحصّل ما بين (12-15) مقعدا في الكنيست، سيتحقق على حساب أصوات الليكود، وعلى كل الأحوال، فإن أصوات اليمين قد تنتقل من حزب يميني إلى آخر، كذلك أحزاب الوسط واليسار، لكن الغلبة ستبقى لليمين.
هناك بعض التغييرات التي يريد "نتنياهو" إجراءها في المناصب، فوزير المالية الحالي "يوفال شتاينتس"، قد يعين رئيسا للكنيست، ورئيس الكنيست الحالي "رؤوفين ريفلن"، قد يصبح رئيسا للدولة خلفا "لشمعون بيرس" الرئيس الحالي بعد نهاية ولايته، وسيحتفظ نتنياهو لحزبه بالوزارات السيادية وهي: الدفاع، الخارجية، والمالية.
وأخيرا: فإن الحكومة القادمة ستكون يمينية عنصرية ومتطرفة برئاسة "نتنياهو"، والنواب العرب سيحافظون على عدد مقاعدهم (11) دون أن يكون لهم تأثير بل سيجلسون في صفوف المعارضة، أما عدد أصحاب حق الاقتراع فتبلغ (5.1) مليون ناخب، منهم 81% من اليهود و 15% من العرب، أي أن العرب أقل من نسبتهم السكانية التي تزيد قليلا عن 20%، لأن الأسر الفلسطينية كثيرة الأولاد دون السن القانوني للمشاركة في الانتخابات، كما أن هناك 4% من أصحاب حق التصويت ديانتهم غير محددة، وهم من المهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق، ومن الجدير بالذكر، وجود أكثر من (700) ألف يهودي من حملة الجنسية الإسرائيلية، ومن الذين لهم حق التصويت، مقيمون في الخارج، لا يستطيعون الإدلاء بأصواتهم إلا إذا حضروا إلى البلاد، وأخيرا وفي ظل هذه المعطيات وغيرها، فإن موضوع السلام مع الفلسطينيين مغلق في ظل التطرف الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية.
مقال تحليلي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت