كان أبرز ما يميز العلاقات الحمساوية الفتحاوية هي تلك سمة التناقض وبل وحتى التصادم بشكل يتجاوز في الأثر التنظيميين السياسيين إلى الكل الوطني الفلسطيني .
فقد أصبح هذا التناقض هو السمة العامة والظاهرة للجميع من أعضائهما أو غيرهم ، وهي سمة تبدو طاغية كل بادرة لعلاقة من التعاون والتقاطع وحتى التنسيق بين الفصيلين .
و تحول هذا الأمر إلى حالة من الاستقطاب الثنائي على قواعد كثيرة ومن ضمنها المصلحة كمتغير موضوعي ومحدد للعلاقات السياسية مما أدي إلى انقسام كريه ما زال يدفع الشعب الفلسطيني ثمنه حتى هذه اللحظة ، ذلك الانقسام الذي لم تستطيع كل الجهود المحلية والعربية والإقليمية بزحزحة صخرته سوى أقدام قليلة لتدفع بعربة المصالحة على طريق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام .
ضمن هذه العلاقة المعقدة بين الفصيليين وخلال الأيام الأخيرة الماضية ظهرت قضية احتفال حركة فتح بانطلاقتها الثامنة والأربعين في قطاع غزة بكل الجدل الذي ثار حول السماح أو عدم السماح لفتح بإقامة مهرجان لانطلاقتها في قطاع غزة .
وعلى أمواج علاقات التصادم المتدافعة بين الطرفين كانت تعلو وتنخفض هذه القضية التي أخذت شكل أزمة تطلبت إدارة و جهود جبارة حتى تم الخروج منها بموافقة حماس على إقامة المهرجان المذكور والذي تم تحديد مكانه في ساحة السرايا بمدينة .
ما كادت تحل هذه الأزمة وتختفي من سطح هذه الأمواج المتلاطمة حتى علت فوق هذه الأمواج قضية مهمة جداً قد تكون أهم من قضية الموافقة على المهرجان وهي قضية إنجاح المهرجان .
تلك القضية التي قد تعتبر مصلحة فتحاوية بامتياز وضرورية جداً للحركة على جميع المستويات الجماهيرية والسياسية المحلية والدولية ، فبالتالي نجاح هذا المهرجان ومن خلال هذا المنظور الفتحاوي قد يتعارض مع مصلحة حماس في ظل ما أشرنا له من علاقات التناقض بين الفصيليين .
وبكسر هذا المربع المنطقي الذي وضعتنا فيه تلك العلاقات النمطية بين الفصيليين و بالنظر بعمق أكبر في هذه القضية نجد بأن هناك مصلحة مشتركة للطرفين في إنجاح هذه المهرجان ، فحركة فتح مصلحتها واضحة من نجاحه واستغلال تلك الفرصة لإظهار قوتها الجماهيرية بكل شكل وفي كل لحظة ، أما بخصوص حركة حماس فإن إنجاح المهرجان رسالة إيجابية واضحة بخصوص أدائها السياسي والإداري والأمني على مستوى السلطة في قطاع غزة ، وأهم ذلك هو القبول الإداري والقانوني من حركة فتح تنظيماً و أفراداً لهذه المؤسسات السلطوية في قطاع غزة والتي كانت بالنسبة لهم مؤسسات غير شرعية أو تمفصلات لحكومة مقالة على أقل تقدير.
فلذلك فإن الطرفين سيحاول كل منهما تحقيق غايته القصوى من هذا المهرجان بأقصى درجة مع الحرص على تقليل استفادة الطرف الآخر من هذه الفرصة ، ولكن يجب أن يحرص كلا منهما أشد الحرص على المحافظة على ذلك الخيط الدقيق الحساس بين تلك المصالح ومصالح أخرى للفصيليين تستند على ما قد أشرنا له أعلاه ، وإلا انقطع هذا الخيط و تخلخل التوازن وتحولت الأمور لمردود عكسي قد يدفع ثمنه طرف واحد أو الاثنان معاً أو الكل الفلسطيني .
وبالتالي فإن نجاح المهرجان ليس الحفل بل التجربة سيؤسس لعلاقة قادمة بين الطرفين قد تزحزح صخرة الانقسام وتدفع بعربة المصالحة في طريق الوحدة الوطنية بإذن الله .
حسن حسين الوالي-غزة فلسطين .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت