جمعة السرايا رسائل متعددة

بقلم: عبد الجواد زيادة


بمعرفتي بنمط تفكير كوادر وقواعد حركة فتح في غزة، استطيع الادعاء بأنهم سيأتون غدا، للاحتفال بساحة السرايا، زحفا شيبا وشبابا نساء وأطفالا، في مسيرات راجلة ومحمولة، من أقصي الشمال .من بيت حانون إلي أقصي الجنوب .رفح، ولن يلتفتوا كثيرا لمن سيلقي الكلمة المركزية، ولا حتى بالمضمون الذي تحتويه، ولن يضيرهم من سيعمل علي جني الثمار لاحقا، بالادعاء بأنه خلف هذا التحشيد وانجازه، المهم لديهم التحريض لاستنهاض الجماهير للمشاركة في هذا العرس الوطني، وتبديد المخاوف التي حاول البعض المغرض، ترويجها خدمة لمشاريعه الخاصة، لضمان حشد لم يشهده قطاع غزة من قبل، لإيصال رسالة من خلاله لقيادتهم قبل الآخرين، بان ما قبل الحفل سيختلف عما بعده.
ما يعزز وجهة النظر هذه ما حدث، ليلة اشعال الشعلة بساحة السرايا، حيث أم المكان عشرات الآلاف من كوادر وجماهير الحركة، دون دعوة من احد أو حتى تعميم، بالتزامن مع حشود مشابهة جابت شوارع كافة المدن والقرى والمخيمات، في جميع أرجاء قطاع غزة، في مشهد فاجأ الجميع دون استثناء، بمن فيهم قادة الخلية الأولي في الحركة، وما دونها من الأطر الحركية، بالإضافة للفصائل الوطنية والإسلامية التي نالها نصيب من المفاجأة، لاعتقادها بان ما نالته حركة فتح خلال الأعوام السبع العجاف، من تقييد حركتها وحظر نشاطها وإهمال قيادتها، وانقسامهم علي أنفسهم، وتصدير خلافاتهم لقواعدهم، أسهم في عزوف الجماهير عنها، وحد من انضمام وتاطير أجيال جديدة لها، لكن هذه هي حركة فتح، التي غالبا ما تخالف المتوقع، وتجعل من المستحيل ممكن، وتترك الخسارة من نصيب، كل من يراهن علي اندثارها والقضاء عليها، فهي كانت وما زالت وستبقي، الحركة الرائدة بتقديم الشهداء والجرحى والأسري، تنتفض لتعلن تجدد شبابها والانبعاث مرة تلو أخري.
ما حدث خلال الأيام السابقة ليس وليد المصادفة، فحركة فتح في قطاع غزة، شهدت خلال الأشهر الأخيرة حراكا متواصلا، بين كادرها بعيدا عن الإطار التنظيمي المكلف من قبل الدكتور نبيل شعت، والذي لم يحظي بقبول الكادر والقاعدة الفتحاوية العريضة، والتي كلف فيها بعض الصغار الموتورين، الباحثين عن مكان بين الكبار بأي ثمن، وان كان علي حساب تاريخ الحركة وكادرها ومستقبلها، فتداعي الكادر بعقد اجتماعات عدة ومعمقة، علي مستوي الأقاليم وعلي مستوي الكادر المتقدم في القطاع، للبحث عن مخارج لازمة التنظيم وأوصلوا صوتهم لأعضاء المركزية، وأعضاء المجلس الثوري، الذين بدورهم اشتكوا التهميش، مما اوجد حالة من الاستياء ما زالت تتفاقم، تجاه الخلية الأولي التي تتعامل بفوقية مع قطاع غزة، وكأنه اسقط من حساباتها، وان الأوان لان تقول القاعدة لها كفي.
رسائل جماهير فتح التي يريدون إيصالها لقيادتهم في الخلية الأولي من خلال حشد جمعة السرايا هي:-
1- نعم للتوجه فورا لعقد المصالحات الداخلية، وإنهاء كافة الخلافات القائمة، والاحتكام للنظام واللوائح الناظمة، للعلاقات الفتحاوية الداخلية في حل القضايا العالقة، فالخلافات القائمة، انعكست قاعديا وباتت تهدد وحدة الحركة وقوتها الانتخابية.
2- تكليف مكتب تعبئة وتنظيم في المحافظات الجنوبية، وفق ما نصت عليه اللوائح التنظيمية، بمشاركة اللجنة المركزية والمجلس الثوري وكادر متقدم، والتخلص من البعض الموتور المتسلق، الذي يحاول أن يخلق من التنظيم إقطاعية خاصة، أو شركة بمساهمة محدودة، ويستخدم كافة الأساليب القذرة لإقصاء الكادر المتميز والمنتخب، مما فاقم الاحتقان إلي درجة الانفجار.
3- الشروع في عقد المؤتمرات، للأقاليم والمناطق والمكاتب الحركية، لاختيار قيادات منتخبة وفق النظام، تشرف علي إعادة الاعتبار للتنظيم، وصولا للإسراع في عقد المؤتمر السابع، لانتخاب قيادة مؤهلة، لتقود الجماهير العظيمة التي سبقت قيادتها دوما، فنحن بحاجة لقيادة مؤسسة، وليس لأفراد مع الاحترام لتاريخهم ومكانتهم، نريد المؤسسة القادرة علي شحذ الهمم، لتحويل التأييد الجماهيري إلي قوة انتخابية منظمة موحدة، لصالح الحركة في صندوق الانتخابات.
4- الإسراع في انجاز المصالحة مع حركة حماس، كضرورة وطنية ملحة، وتذليل العقبات ونزع الذرائع، لما في ذلك انعكاس ايجابي علي القضية الوطنية، فحركة فتح هي الحاضنة للمشروع الوطني، وعلي كاهلها مسئولية حمايته.
أما الرسائل الموجهة لحركة حماس فهي:-
1- نعم لشراكة وطنية مع حركة حماس وكافة الفصائل، قائمة علي احترام الأخر، لا القضاء عليه وتشويه تاريخه، فحركة فتح عصية علي الاندثار، وهي تمتلك قوة جماهيرية راسخة في أذهان الشعب الفلسطيني، بموروث متعاقب من الدماء والتضحيات، يصعب شطبه من الذاكرة الفلسطينية لعقود قادمة، فهي جزء أصيل من تاريخ الوطن الفلسطيني.
2- التأكيد علي أهمية الوحدة الوطنية، من منطلق الندية والتكامل، فحركة فتح وكادرها لا تؤمن بإقصاء الأخر، وتؤمن بالشراكة مع الكل الوطني والإسلامي الفلسطيني، فلا تضيعوا الفرص المتاحة، ولا تراهنوا علي متغيرات الإقليم، التي قد لا تجني تمارها قبل عقود.
3- نحترم تضحيات جميع القوي وإسهامهم في مواجهة الاحتلال، ونعي بان الوطن يتسع للجميع باجتهاداتهم، وعليه يجب توظيف الكفاءات، بما يخدم مشروعنا التحرري، ولا خلاف عقائدي أو سياسي بيننا، ولنقر بما اقترفنا من أخطاء وخطايا، ولنعمل علي معالجتها، بما يكفل إعادة الحقوق لأصحابها، ورد المظالم لردم الهوة التي حدثت.
رسالة موجهة لكيان الاحتلال:-
ها هنا باقون مقاومون مقاتلون، عيوننا نحو أرضنا المغتصبة شاخصة متحفزة، إلي القدس وحيفا ويافا وتل الربيع، والي كل مدننا وقرانا التي هجر أجدادنا منها قهرا، بالمذابح والمجازر والإرهاب، ونقول عائدون عائدون عائدون.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت