أسمع جعجعة ولا أري طحيناً

بقلم: سوزان العربشلي

رَنا مؤخراً على مسامعنا جعجعةً ولا نري طحيناً.. نسمع كثيراً عن إعادة بناء جُسور الثقة بين فريقين لم يّكِلا يوماً عن الشجب والضرب بِكُلْ الوسائل القديمة والحديثة، وتوجيه الكدمات الموجعة لِكُلٍ مِنهما ولصميم قلوبنا..خاضا على مدار سبع سنين حرب ضروس لا تقل في شراستسها عن حرب البسوس مع فارق العمر لكلٍ منهما. حرب البسوس ذهب ضحيتها عشائر وبشر.. وفي حربكم أيها المتخاصمين ذهب شعبٌ ووطنْ... ورغم فداحة الخسارة لم تَكِلا ولم يَهدأ بالاً لكما بل استمريتم في خضم الخصومة.

لا أكتب لمجرد استعراض عضلات كلماتي التي إن أطلقتها لتمنيتها سوطاً لاذعاً عليكما لعلكم تفيقون من سباتكم. لكني أتساءل ماذا بعد خطوتي حسن النوايا من المحور العباسي الفتحاوي في الضفة ومن حسن النوايا من الحلف الحمساوي في غزة وفق حساباتكم الداخلية للأسف بعقد مهرجاناتكم؟؟؟!!.

في ذات الوقت أتفاءل لعل ما نراه بوادر حسن نوايا لخطوات قادمة حقيقية على أرض الواقع، لكن في لفتة خفيفة وسريعة قصيرة سَأقُصصُ عليكم قصةً قصيرة لطالما قَصصها علينا أجدادنا وأساتذتنا في أيام الصبا عن "راعي الغنم الكاذب والذئب" حينما ذهب في المرة الأولي لأهل القرية واستغاث بهم لنجدته من الذئب الذي هاجم غنمه وعندما هبوا لنصرته وجدوا أنه كاذب وبقي يكذب حتي كُتب عند ربه وقومه كَذْابَا فنحن نقول لكم هذه فرصتكم لتتصالحوا بينكم حتى لا تُكْتَبوا عند الله وعند شعبكم أنكم كاذبون.

وتذكروا أنه بعد حراك ونزال دام سبع سنين لم ينتصر أحدكما على أحد، بل ألحقتم هزيمة نكراء بدولتنا وأرضنا.

نحن بصفكم ونشجعكم كِلا الطرفين دون محاباة لأحد على أحد أن تلتقيا وتتصالحا وتعودا تصطفا وتذهبوا بجاهةٍ قوية وطلة بهية تردوا هذه الزوجة المسكينة المعلقة (فلسطين). لن يهنئ أي منكما إن استفرد بشبرٍ من أرضها فأنتم لستم وَرَثَتِهَا بلْ أنتم مستخلفين عليها وأمانة في أعناقِكُم لحمايتها.

فلسطين تضخ دَمِها في عروقنا فدعونا نَنْضُج بِفِعْلِنا ونَكْبُر على طيشنا وتَهَورِنا وأحيّيوا القدوة الحسنة فينا. مجرد إعلان حسن النوايا ما هو إلا إبر تخدير تَعود عليه شبابنا وشيخونا ونساءنا وأطفالنا وما عادت أجسادنا تستسيغها وتستجيب لها. اعتبروا دعوتي هذه كيفما شئتم من باب الأدب أو قلة الأدب أو تعليم الأدب لأفضالكم.... كفوا عن العبث بأرضنا وحقوقنا ومصيرنا فنحن أول المعذبين وآخر الأحياء في بقاع الأرض.

يكفي ما عبثتم به من مستقبلنا وأحلامنا وصُلحنا الداخلي الذي نَثَرتُموه فوق شوك الحصار والقهر والفقر وفي يوم ريح حالك طلبتم من شعب مظلوم حافي القدمين أن يجمعوه ويقفوا أمام بطش وجبروت عدوٍ ليردعوه.

لقد آن الأوان أن نعالج سوياً كل ما اقترفتموه بحقنا ولا أجد أصدق من هذه الدعوة بقلبي وبقلب كل فلسطيني فلسطين ليست كراسي تتشبثون بها فلسطين هي الأرض المسلوبة التي لم تطأها بَعد أقدام أبنائكم سوى بضع أشبار. فأفيقوا من تيهكم وغطرستكم واتقوا الله ولتعلموا أن ديننا يعتبر الظلم وصفا ًلشخصين، من يجور على غيره، ومن يقبل الضيم في نفسه، وفي هذا يقول القراءن الكريم: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض) سورة النساء:97، ونحن لن نستغرق بعد أكثر من ذلك في سباتنا وضعفنا. ليكن أفقنا واسع وخلقنا أوسع، وإنكم لن تكونوا جنوداً لفلسطين إذا سرقتم بدلة جندي وارتديتموها فالعسكرية علم ودراية وليس ثوباً يلبس، وفلسطين مصالحة ومحبة وليس توأمين منشقين عن بعضهما البعض.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت