خان يونس - وكالة قدس نت للأنباء
دعا الرئيس العام للمجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين الشيخ ياسين الأسطل، اليوم الجمعة حركتي "فتح وحماس" إلى الصدق في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية وعلى الفور.
وقال الشيخ الأسطل:"يكفيكم ما مضى من التلهي والإلهاء، فإن الاختلاف الذي بينكم إنما هو اختلاف رأي لا رؤية، واختلاف سياسة لا عقيدة ولا دين، وهو مما يجوز فيه اختلاف التنوع والتعدد، والفيصل فيه هي الأمة التي أعطتكم ولايتها وولاءها، وانتخبتكم لدنياها".
جاء ذلك خلال خطبه الجمعة بمسجد الحمد في مدينة خان يونس والتي بعنوان(ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك)، مشدداً على أنه لا يجوز لكم أن تفسدوا عليها الدين والدنيا جميعاً، إما أم تقوموا بحقها, وإما أن تردوا إليها أمانتها، وترجعوا لحكمها، فملككم ليس قارونياً ولا طاغوتياً نمروذياً ولا فرعونياً، ولا كهنوتياً، أنتـم مسلمون فاتقوا الله فينا، قد بلغ السيل الزبى، ولا صبر بعد فوات، ولا نطق بعد موات.
وأعتبر الشيخ الأسطل أن الاختلاف في الدين إذا كان مع التعاكس والتشاكس والتضاد، والتباغض والتحاسد والعناد ، والتخاصم والتصادم، إنما يبعث عليه التنافس والتزاحم على الدنيا وشهوة التزعم و الرئاسة والتطلع إلى مملكة الدنيا الزائلة، لا التراحم والعبادة والتطلع إلى رضا الله جل وعلا وهو سبحانه من يملك الدنيا والآخرة ، هذا ليس ممنوعاً فحسب؛ بل هو والعياذ بالله من الموبقات المهلكات، ومن النصوص الدالة على ذلك :قوله تعالى في سورة الأنعام:{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) }.
وأوضح أن الاختلاف في الرأي مع طهارة القلب، وسلامة الصدر، فهو طارئ علينا، وإذا كان كذلك؛ فلا يجوز أن يدفعنا إلى التنازع والخصومة؛ بأن يتعصب كلٌ منا لرأيه، وينتصر لنفسه، بل يجب علينا أن يقودنا هذا الاختلاف في الرأي إلى بذل المزيد من الجهد المبارك في الألفة والتراحم والتماس العذر والاعتذار، لا تَلَمُّسِ الخطأ وتمحلِ الأعذار، وقد سار بين الركبان القولُ الحسنُ : ( الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية).
وبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : يا عائشة { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً } هم أصحاب البدع، وأصحاب الأهواء، وأصحاب الضلالة من هذه الأمة ليست لهم توبة، يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة غير أصحاب البدع وأصحاب الأهواء ليس لهم توبة، أنا منهم بريء وهم منى براء " .
ولفت الشيخ الأسطل إلى أن الخلائق بين العجز والتقصير، والاختلاف والتنازع ، إلا من رحمه الله ، وهذه هي طبيعة الخليقة، والسبب اختلاف الميول والأهواء، وما ترتب عليها من تصرفات وأعمال، وهذا لاختلاف الأفهام وتنوع الاستعدادات الفطرية عند البشر، وقد أخبرنا الله تعالى أنه أعلم بنا إذ خلقنا فقال :{ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) }.
وأشار إلى أنه اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يبعث إلينا الهداة المرسلين، والأنبياء المكرمين بوحيه الأمين ، ودينه الواضح المبين ، وحرم علينا الاختلاف في الدين ، والتفرق فيه، وخصوصاً إذا غير الأحوال ، وبدد الأموال، وأفسد ذات البين، فأوقع العداوات ، وقطع الصلات، وفرق الجماعات، ونقض العهود، واستباح الحدود، ومن الأدلة الشرعية على ذلك قوله تعالى في سورة هود : {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) }.
وأكد الشيخ الأسطل أن العصمة لأنبيائه سبحانه وتعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام لأنهم يبلغون الناس بما أمرهم الله من الوحي المنزل عليهم، ثم العصمة للأمة في مجموعها بإيمانها واتباعها واجتماعها، وقد جاء خبرُ النقل وقطعُ العقل بأن الأمة لا تجتمع على ضلالة أبدا ،فاجتماع الأمة حجةٌ بلا خلافٍ بين المسلمين، ولا من العقلاء من الناس، فقد روى الطبراني في المعجم الكبير عَنْ عَمْرِو بن دِينَارٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَنْ تَجْتَمِعَ أُمَّتِي عَلَى الضَّلالَةِ أَبَدًا , فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ ".