حال الواقع الشبابي والمجتمعي مع بداية العام الجديد في القدس

القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء
شخّص مازن الجعبري مدير دائرة تنمية الشباب في بيت الشرق حال الواقع الشبابي والمجتمع الفلسطيني مع بداية العام الجديد في القدس والازمات والهموم التي تعصف به من كل جانب وابرزها الضائقة السكنية الخانقة للشباب والازواج الشابة ولكنه اكد على قدرات الصمود وارادة الثبات والحياة والعيش بحرية وكرامة في القدس رغم كل هذه المآسي التي يخلقها الاحتلال منذ عقود .

وقال الجعبري ، الخبير والملم في القضايا الشبابية والبعدين الاجتماعي والاقتصادي من خلال عمله في جمعية الدراسات العربية منذ فترة طويلة " للأسف .. الصورة قاتمة مع بداية العام الجديد 2013 ، فالمراقب للوضع يلحظ بوضوح التدهور الحاصل وخاصة الضائقة الاجتماعية والاقتصادية ، وهذا الحال يجب الإشارة إليه خاصة في ظل انسداد أي أفق سياسي في المنظور القريب. ولكن لنتكلم عن هموم المقدسيين .. أعتقد ان الفلسطيني في القدس همه الأول الضائقة الاجتماعية والاقتصادية .. خاصة ونحن نرفع شعار الصمود وهذا بحاجة الى مقومات ودع" .

واشار الجعبري خلال لقاء صحفي لنادي الصحافة- نقابة الصحفيين في المقهى الثقافي -المكتبة العلمية ان الاسرائيليين بحكم سيطرتهم بالقوة على القدس يعترفون بنسبة فقر عالية خاصة بين العائلات الفلسطينية .. تصل إلى 70% من العائلات الفلسطينية تعيش تحت خط الفقر، وهذا الرقم مفزع وخاصة أن العائلات الفلسطينية تتكون أغلبها من الأطفال والشباب حيث ان هذا يعني ان 80% منهم يعيشون تحت خط الفقر. والمشكلة الكبرى التي يعاني منها المقدسيون تختلف كليا عن الصورة النمطية التي يحملها البعض عن اهل القدس بأنهم مرفهين ولديهم الكثير من مصادر الدعم والمستحقات المالية الاسرائيلية على مختلف انواعها من تأمين وبطالة وشيخوخة وضمان دخل وخلافه .. وهذه حقيقة غير صحيحة بتاتا وخادعة .. فخلال السنوات الثلاث او الاربع الاخيرة تضاعف الفقر وشمل هذا العدد الكبير من العائلات الفلسطينية وهو رقم مخيف اي ان ثلثيهم لا يسددون نفقاتهم الاساسية من اجرة السكن والطعام والتعليم .. ما يضطر الفلسطينيين في القدس للبحث عن مصادر لسداد هذه النفقات من خلال بعض المصادر الاسرائيلية ويدخلهم بالتالي في مآزق ومصاعب مع القوانين الاسرائيلية المعقدة والمجحفة .

ويؤثر ذلك بشكل عملي على العائلات في اكثر من جانب خاصة وان معظم افرادها من الاطفال والشبان الذين يلجأون الى سوق العمل الاسرائيلي الاسود لتحسين دخل العائلة على حساب تعليم ابنائهم اضافة الى مصادر المساعدة الاخرى التي تلجأ اليها هذه العائلات وهذا يستغل من جانب السلطات الرسمية الاسرائيلية للتدخل في النسيج المجتمعي الفلسطيني ومحاولة العبث به وتدميره .

ورأى الجعبري " أعتقد ان عزل القدس ومحاصرتها بالجدران والبوابات العسكرية هو السبب الرئيسي، فإسرائيل تسعى إلى تهميش القدس من مركز حضاري وثقافي وتجاري إلى مدينة هامشية تسبح في القوانين والمستعمرات الإسرائيلية .. فصعوبة البناء وقلة المساكن للفلسطينيين تعتبر من المشاكل الرئيسية بالإضافة إلى هدم المساكن، وهذه الإجراءات تجعل الفلسطيني يعيش في خوف وقلق، كذلك ارتفاع قيمة الإيجارات للمساكن، حيث يصرف الفلسطيني حوالي 50% من دخله على السكن.

والسبب الثاني هو البطالة العالية بين السكان الذين لا تستوعبهم أماكن العمل الإسرائيلية، وأحد أسباب هذه المشكلة هي "قوانين لم الشمل" الإسرائيلية التي تمنع العديد من العائلات الحصول على الهوية الإسرائيلية مما يجبر احد أفراد العائلة وهو المعيل غالبا على عدم القدرة على العمل، مما يفاقم الوضع الاقتصادي للأسرة. أيضاً نستطيع الاطلاع على التقارير الإسرائيلية للإشارة إلى المشكلة أعلاه، وخاصة عدد أفراد الاسر الذين يتوجهون إلى مراكز ومكاتب "الرفاه الاجتماعي الإسرائيلية" فهذا مؤشر خطير على تفكك النسيج الاجتماعي الفلسطيني في القدس" .

واعتقد ان السبب الرئيسي ان اسرائيل استطاعت منذ عام 1992 حتى الان ان تعزل القدس كمركز عن محيطها الفلسطيني في الضفة الغربية .. وهذا عمليا يعني ان القدس اصبحت تعيش على الهامش بدلا من ان تكون مركزا اقتصاديا وثقافيا وتجاريا. كما ان مشكلة السكن التي يعاني منها المقدسيون حيث ان اسرائيل من جهة لا تعطي تراخيص لبناء مساكن للفلسطينيين اضافة الى عمليات الهدم والغرامات الباهظة على البناء غير المرخص .. مما خلق مشكلتان في ان كثير من الفلسطينيين اصبحوا يقيمون خارج الجدار العازل مما يهدد مكان اقامتهم في القدس كما ادى الى غلاء كبير في الايجارات .... ولا ننسى مشكلة البطالة خاصة بين فئة الشاب ممن يتخرجون من المعاهد العليا والجامعات ولا يجدون اية فرصة عمل في السوق الفلسطينية .."

واعرب الجعبري عن تفاؤله بالمستقبل قائلا " في رأيي ما زال الفلسطينيون في القدس لديهم المقدرة على الصمود والحفاظ على الهوية الفلسطينية ، ولكن هذا بحاجة الى تحمل المسؤولية.. فنحن عادةً نوجه اللوم إلى الاخرين، ولكنني اعتقد ان وضع المقدسيين برغم كل ذلك يدعو الى عدم التشاؤم .. فما زال الفلسطينيون في القدس يحرصون على ثقافتهم وانتمائهم ومكانتهم الشرعية المتجذرة في المدينة المقدسة رغم كل هذه المصاعب. لكننا بحاجة ماسة الى تحمل المسؤولية بشجاعة وليس فقط لوم الاخرين.. وللمقارنة اذا ما عدنا للوراء قليلا .. نجد انه كان لدينا مؤسسات ذات صفة سيادية إلى حد ما تشكل عناوين ومرجعيات للفلسطينيين مثل بيت الشرق والهيئة الإسلامية العليا والغرفة التجارية واتحاد الجمعيات الخيرية .. فنحن نتحمل المسؤولية عما وصل له الوضع في القدس حاليا .. وما تتعرض له مؤسسات وصروح عريقة مثل مستشفى المقاصد حيث ينهار أمام أعيننا دون أن نتمكن من فعل شيء ",,؟!!

" والحقيقة لا يمكنني ان اشّخص واشرح الوضع الخطير في القدس بكل تفاصيله ومدلولاته في لقاء سريع وإنما احاول أن أضع عناوين بانورامية لهذه الهموم الكبيرة على امل ان نعطيها حقها في نقاش مستقيض مع نخبة من شباننا وشاباتنا ربما في لقاء قريب بالتعاون مع نادي الصحافة المقدسي ومقهى الكتاب .. لنعطي شباننا الفرصة الحقيقية للتعبير عن همومهم التي تؤرقنا جميعا .."

ولخّص الجعبري دور دائرة تنمية الشباب في المساهمة في الحفاظ على هوية شبابنا وانتمائهم .. " نحن مثل كثير من المؤسسات الأهلية والوطنية في القدس نحاول التخفيف من مشاكل الفلسطينيين، وخاصة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، فنحن في الفترة الأخيرة نعمل مباشرة مع العائلات الفلسطينية بالاضافة الى ما نقدمه من برامج لقطاع الشباب في القدس. وضمن رؤية المؤسسة الام – بيت الشرق - نحاول ان نقدم ونوّفر بعض عوامل الصمود ووقف التدهور داخل المجتمع الفلسطيني في القدس . وهذا يعني قدر الامكان والمستطاع الحفاظ على الهوية الفلسطينية امام محاولات تفريغها وتذويبها . ونركز خلال السنتين الاخيرتين على التخفيف من الضائقة الاقتصادية لدى المقدسيين وخاصة العائلات التي عدد افرادها كبير اضافة الى برامج المؤسسة العادية التي تتعلق بالمؤسسات الشبابية ورعاية الشباب .