لا تنشروا اسرائيليات دون تفنيد

بقلم: طلال الشريف


نتفهم جيدا أن نشر نتاج الخصم أو العدو لإطلاع المجتمع عليها لمعرفتها وتكوين موقف وتعبئة مضادة مبنية على حقائق وتحليلات المختصين، ولكن لا نتفهم "لا تقربوا الصلاة" دون "وأنتم سكارى"، بالضبط كما نتفهم نشر الاخبار والمقالات والتقارير والتعليقات الاسرائيلية ولكن لا نتفهم نشرها دون الرد والتعليق والدحض والتفنيد لما يشوبها من خدع وتمرير وإلا نكون بمثابة المروجين للاسرائليات ونصبح في خدمة المشروع الصهيوني القائم على قاعدة فارق الوعي والخبرة الاعلامية والصحفية والتطور العلمي في خدمة المشروع الصهيوني.

كتابنا ومواقعنا ينقلون من مقالات وصحف اسرائيل وجهة نظر الاسرائليين ويقذفوها في وجهنا وعلى الناس وهم لا يدرون أن الاسرائيليين لا يختلفون في يهوديتهم وصهيونيتهم من أقصى اليمين الى أقصى اليسار كما ثبت ذلك عند منعطفات اجبارية كثيرة تحتاج من الاسرائيليين تبني مواقف سلامية أو تستحق التعاطي مع حقوق الفلسطينيين .. فهل منطلقات مواقعنا وكتابنا ومحللينا هي فعلا لها علاقة بالانتفاع والشهرة أو السذاجة وعدم الخبرة والمماحكة الضارة؟

ولأن صراعنا معقد وخطير وطويل لابد للمتخصص الاكاديمي العربي والفلسطيني القادر على التمييز بين ألعاب السياسة والاعلام أن يتصدى لتشريح كل موقف في سياسات اسرائيل لكي يبني المواطن العربي والفلسطيني مواقفه على أسس صحيحة وقوية وراسخة.

كثير مما جرى لقضيتنا في قرن فات من الزمان لها علاقة بعدم فهم طبيعة الصراع أولا والذي لم نفهمه الى الآن،وثانيا في فشلنا في ادارة هذا الصراع بكل حيثياته، وفي كل حقبة نكتشف بعد مرور الحدث والخطوات والوقت أن هناك أبعاد خفية للصراع العربي الاسرائيلي لم نكن ندركها في حينها حتى أصبح الفرد يغرق في الخيال بأن اليهود سيفتحوا باب التبشير المغلق كما نعرف والذي يميز الديانات الاخرى مثل الاسلام والمسيحية .. فمن يدري في العقود القادمة قد نكتشف أن من أهداف ايجاد دولة اسرائيل في المنطقة العربية هو تهويد العرب والمسلمين حقيقة .. لا ندري !! ولكن غياب التحليل الواعي والمدرك لطبيعة هذا الصراع هو مبني على قدرات رجال البحث الاكاديمي والاعلاميين والسياسيين والذي جعلنا في مهب الريح دائما ...

على مر الأيام رأينا كثير من المغالاطات الخطيرة على الوعي تحدث بها من يسمون أنفسهم خبراء أو محللين في الشئون الاسرائيلية في الوقت الذي نقارن فيه بين من يقدم داسة أكاديمية راقية تضع لدينا أفكارا راسخة وحافظت على جزء من الوعي سابقا وكانوا في غالبيتهم ليسوا فلسطينيين وبالمناسبة بل كانوا عربا أو مناوئين غربيين لاسرائيل درسوا التاريخ والاعلام والثقافة بعمق، أما خبراؤنا الفلسطينين فتجد تحليلاتهم في غالب الأحيان سطحية وخبرية مأخوذة بنفس المصطلحات والرواية التي يطلقها الاسرائيليون.

تجتهد بعض المواقع المشبوهة الاجندات والمال السياسي في نقل كل ما هو اسرائيلي بادعاء التعريف للجمهور ولكنها لا تدرك بعد ذلك بالأثر البعيد والعميق الذي صنعته في مجتمعنا دون أن تقدم الجزء المطلوب منها لتفنيد ما تنشره فتصبح مواقع خطرة على الوعي بعلم أو بأجندة خفية مالية سياسية حتى بات مجتمعنا أحيانا يعجب بما مرر عليه من خداع الوعي.

لا تقرءوا ما تنقله المواقع والفضائيات من جانب واحد ودون تفنيد وعليها لإثبات وطنيتها أن يكون لديها متخصصين في تفنيد هذه الثقافة والاعلام والتقارير والمقالات الاسرائيلية بشكل مجتهد ومثابر ومتواصل فهذه قضية خطيرة على قضيتنا الفلسطينية.
كل من ينشر نتاجات اسرائيلية دون الرد عليها بقوة في موقعه وصحيفته وفضائيته وفي نفس السياق واللحظة هو يخدم المشروع الصهيوني بعلم أو بدون علم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت