وأخيرا استطاعت القيادات الفلسطينية تحويل السالب الانقسامي إلى الموجب التصالحي .. الانتصار لإرادة الجماهير ومعالجة الوجع والجرح الذي استمر سنوات طويلة وقاسية جدا ، مما أوجد حالة من عدم الثقة بين الجماهير .. إن الأحداث الأخيرة المتلاحقة والتي أوجدت صداها في المجتمع الفلسطيني عامة وفي قطاع غزة خاصة فتحت أبواب الدعوة والسير في مركب المصالحة بحيث لم يعد هناك مجالا غير ذلك أو مناسبات تفوق هذه الأحداث .. الانتصار على الاحتلال والانتصار في الأمم المتحدة والمهرجان المليوني لحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " ، كلها أوصلت رسائلها في عرس حركي ووطني .
ينطلق خلال الأسبوع القادم قطار المصالحة متجها إلى محطاته التي بينت في الكثير من التصريحات التي تمت خلال الأسبوع الماضي ومن أعلى المستويات في حركتي فتح وحماس وكثير من المراقبين والفصائل الفلسطينية والشخصيات الوطنية أكدت هذه الأخبار .. إن قطار المصالحة يحمل عنوان واحد وهو " لا متسع من وقت إضافي كي ننتظر زمن آخر " .
إن معركة المصالحة لم تبدأ اليوم ، بل أن تنفيذ ما بعد المعركة سيبدأ اليوم .. وبالتالي فإن أي معركة تحمل المكاسب والخسائر .. وعلى الصعيد الوطني فإن الخاسر الوحيد هو الوطن .. هذا الوطن يصرخ : " المحتل يهدد بقاؤنا وحياتنا ومسيرتنا ويتنكر لحقوقنا ويُهوِّد أرضنا ويعمل على حرق وتدمير مقدساتنا وأقصانا .. يجب أن نحول خسائرنا من الانقسام إلى مكاسب في زمن المصالحة .. وهذا الأمر يتطلب صفاء النية وصدق العمل والسواعد المتلاحمة المتشابكة " .
إن المصالحة تنادينا .. ليكون جوابنا نعم للمصالحة المجتمعية ونعم لكل لجان المصالحة .. علينا ألا نبقى نرثي واقعنا وانقسامنا ... نريد أن ندخل الى المحطة الأجمل .. محطة تمنحنا القدرة على البقاء في دائرة الوطن الكبير والأرض والمقدسات التي تضييع يوم بعد يوم وتحتاج جهودنا مجتمعين .. علينا أن نحول اليأس إلى أمل ،وان نتطلع إلى الغد والمستقبل وألا نلتفت إلى الوراء .. علينا أن نخوض معركة المصالحة عامة ،و المجتمعية خاصة ،وأن نتسلح بالنية الصادقة والفعل السليم والمنظم والعدل في قراءة كل القضايا المطروحة .. حري بكل فلسطيني أن يدفع بعجلة المصالحة بكل ما يملك من قوة وسلطة وقرار ومبادرة وحتى بالدعاء ، وان نخرج من النص المدون على الورق الى آليات التنفيذ والتطبيق وان نسجل في ذاكرة التاريخ أننا برغم اختلافنا وتباين وجهات نظرنا وحتى صدامنا المباشر استطعنا أن نعيد للوطن وحدته وللأجيال آمالها وان ننطلق انطلاقة نوعية نسجلها في ذاكرة الوطن بالتاريخ واليوم والمشهد .. ألا يستحق شعبنا هذا .. ألم نكن دائما نتمترس خلف عهد الشهداء وعهد الدماء والمصير المشترك والثوابت التي تجمعنا .. نعم وألف نعم ولا مكان بالمطلق لــ " لا " .. فــ " لا " تعني بقاء الانقسام بكل تداعياته وكل همومه وكل مشاكله المتراكبة والمستمرة .
إن الوحدة الوطنية والمصالحة الفلسطينية ضرورية للتخطيط للمستقبل و بلوغ أهدافنا وتجاوز أزماتنا وإشكالاتها في ضوء الاستيعاب الدقيق لتحديات المستقبل الماثلة أمامنا والتي لا يمكن أن نتخطاها أو نقفز عنها أو ندير لها ظهورنا ..
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت