خلق الله عز وجل آدم عليه السلام ليكون في الأرض خليفة ، وخلق له حواء زوجاً وأنساً ليسكن إليها ، من أجل ذلك كان التزاوج بين الذكر والأنثى ، وتحقق بالتزاوج التوالد والتكاثر ، حتى لا يأتي الموت على بني آدم بالفناء ، قال سبحانه : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) } سورة الروم ، وقال جل وعلا : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) } سورة النساء . وفي معرض الامتنان وبيان كمال قدرة الله جل شأنه قال سبحانه في سورة الشورى : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) } ، وهنا نجد أن الله سبحانه وتعالى قدم ذكر الإناث ( البنات) على البنين الذكور ، مع محبة الناس للذكور وتفضيلهم للذكر على الأنثى ، وفي ذلك ملمح كريم ليدل على فضل الإناث ، وكمال علمه وقدرته ، قال الإمام أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي رحمه الله في كتابه [ تفسير القرآن العظيم ]:
(..يخبر تعالى أنه خالق السموات والأرض ومالكهما والمتصرف فيهما، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وأنه يخلق ما يشاء، و { يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا } أي: يرزقه البنات فقط -قال البغوي: ومنهم لوط، عليه السلام { وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ } أي: يرزقه البنين فقط. قال البغوي: كإبراهيم الخليل، عليه السلام -لم يولد له أنثى،. { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا } أي: ويعطي من يشاء من الناس الزوجين الذكر والأنثى، أي: من هذا وهذا . قال البغوي: كمحمد، عليه الصلاة والسلام أعطى الله محمداً الذكور والإناث أعطى الله محمداً فاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم أربع من البنات وأعطاه من البنين القاسم وبه كان يكنى وابراهيم وعبدالله وعبدالله يلقب بالطاهر والطيب عليهم السلام أبناء النبي صلى الله عليه وسلم وبناته رضوان الله عليهم وعليهن ولم يحيا له صلى الله علية وسلم ذكر بل ماتوا صغاراً لكن البنات عمّرن وولد لهن وتزوجن رضي الله عن الجميع عن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم { وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا } أي: لا يولد له. قال البغوي: كيحيى وعيسى، عليهما السلام، فجعل الناس أربعة أقسام، منهم من يعطيه البنات، ومنهم من يعطيه البنين، ومنهم من يعطيه من النوعين ذكورا وإناثا، ومنهم من يمنعه هذا وهذا، فيجعله عقيما لا نسل له ولا يولد له، { إِنَّهُ عَلِيمٌ } أي: بمن يستحق كل قسم من هذه الأقسام، { قَدِيرٌ } أي: على من يشاء، من تفاوت الناس في ذلك ) اهـ .
أيها المسلمون:روى الإمام مسلم في صحيحه وابن أبي شيبة في العطف على البنات من مصنفه ، واللفظ لمسلم في بَاب فَضْلِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ قال:حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ " اهـ .
لأنه تحمل العبء في تربية هؤلاء البنات فإن لهن تربية تخصهن دون الذكور
وقال مسلم : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بَكْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ عَنْ ابْنِ الْهَادِ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ حَدَّثَهُ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ :(جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنْ النَّارِ" ) اهـ .
ما أرحم الله ، وما أعظم الله ، وما أرأف الله ، ومأ أقبل الله ، لو أقبلنا عليه ، وتبنا بين يديه ، وأعلنا التوبة النصوح ، وهو الذي دعانا للتوبة النصوح ، قال تعالى : {ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير }، نحن نحتاج إلى هذه التوبة النصوح ، ويا صاحب الذرية يا من جعل الله لك ذرية من البنين والبنات إياك أن تفضل الذكور على الإناث فإن الإناث إذا أحسنت إليهن كنت من أهل الجنة وكنت رفيق الني صلى الله عليه وسلم والإحسان إلى البنات يتضمن العفو عن زلاتهن والحدب عليهن والعطف وتوفير ما يرغبن فيه ما دام الأمر حلالا ما دام طيبا والعناية بهن في التربية وفي التأديب وفي المأكل والمشرب والملبس وفي الأمر بعبادة الله عز وجل وتوحيده والأمر بالصلاة والأمر بأحكام الشريعة والإحسان إلى الوالدين وإلى الناس ولا تؤاخذهنّ بما يقعن فيه من خطأ ليس خطيئة الخطيئة لا يعفا عنها ولاكن الخطأ ما لم تتعمد القلب فهو مغفور فإن الله يغفر الخطأ سبحانه وتعالى ويقول جل وعلا : {ولا جناح عليكم فيما أخطأتم به ولاكن ما تعمدت قلوبكم}. وأبنائنا وبناتنا هم أحرى بنا الا نؤاخذهم بالخطأ بل نعلمهم ونؤدبهم ونشير إليهم بالصواب.
وقال الإمام الترمذي : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَكُونُ لِأَحَدِكُمْ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ" ) اهـ .
قد يكون لك أخوات وعليك أن تحسن لأخواتك كما تحسن لبناتك حتى تدخل الجنة وهنا يحضرني ما كان من أمر جابر رضي الله عنه إذ مات أبوه عن تسع أخوات له رضي الله عنه وعن أبيه فترك تلك الأخوات له وفي رواية سبع أخوات فأراد أن يتزوج فتزوج امرأة ثيبا فهنأه الني صلى الله عليه وسلم وقال له : " بكر أم ثيب قال: بل ثيب يا رسول الله هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك قال يا رسول الله كرهت أن أتي خواتى بجارية حديثة السن مثلهن فلا تحسن القيام على شغلهن " . انظروا كيف فعل آثر جابر ابن عبدالله مصلحة خواته على شهوة نفسه كيف لا يكون رضي الله عنه خليصا بإشارة النبي صلى الله علية وسلم ولنا فيهم الأسوة الصالحة رضي الله عنهم أجمعين لإحسان المعاملة مع الاخوات والاخوات ومع سائر الأبناء وسائر الناس أجمعين نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم التقوى وأن يجعلنا من أهلها والعاملين بها
أيها المؤمنون :عباد الله : أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين ،فاستغفروه وتوبوا إليه إنه سبحانه الغفور الرحيم ، اللهم أمين يارب العالمين .
إخوة الإسلام يا عباد الله : رحم الله القائل وهو أمامكم :
قالوا .. تحبون البنات ؟ ******* قلنا نعم حتى الممات
إن الذي خلق البـنيـن******* هو الذي خلق البنات
سبـحانـه من خـالـق ٍ******* جعل البنات مُنَعَّمَات
عجباً لكم هذا السؤال******* أو تكرهون الآنسات
هي أمكم هي أختكم******* هي بنتكم نعم الصفات
أو مـا علـمتـم أنـهـن******* المؤنسـات الغالـيات
من ذا الذي تحلو لـه ******* من غير زوج ذي الحياة
إننا والله نحن الذكور أبناء الإناث أمنا التي ولدتنا أنثي وهل تحلو الحياة بغيرها هل لما خلق الله آدم سبحانه جعل لآدم من نفسه زوجاً وهى حواء ثم تناسل الخلق بعد ذلك وقال الله تعالى: (ومن آيته أن خلق من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ) فالرجل يتعب ويشقي ولا يستريح إلا بالرجوع إلى بيته والسكنى إلى أهله ومداعبة أبنائه وبناته فينسى كل ما لقيه من ؟؟؟؟ وتعب . نعم والله نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المحسنين في العلم والعمل والعبادة والمعاملة وفي كل أدب في هذه الحياة خصوصا مع هؤلاء الأخوات ومع هؤلاء البنات فإن أهل الرحمة في الدنيا هم أهل الرحمة في الأخرة فالراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
بقلم /الشــيخ ياســين الأســطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
بالمجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت