في سياق تنامي الفر دانية، في نسق بعض الأحزاب السياسية ، والثيوقراطية خاصة ، لا تعدو المواطنة أن تكون دافعا لتحصيل حقوق مادية للفرد يسعى لتوسيع دائرتها أقصى ما يمكن، استجابة لدوافع اللذة والمتعة والمنفعة الشخصية، حسب نظرية النفعية التي تحث عنها جون مل وغيره ، شعرت بهذا التغيير المقيت فى مجتمعنا العربي في ظل ضمور روح التطوع والضمير الخلقي والحس الجماعي ، وانكفاء الفرد المنسجم مع حزبه وفكره الضيق ومع ذاته حدّ الولع النرجسي.
وهو ما تضافر مع انتشار النسبية الأخلاقية والنزعة الأنانية، في تفكك الروابط الاجتماعية وانفصال الذات الفردية عن الذات المجتمعية.
هذا هو الواقع للأسف ، واقع وصل بمسخ العقل الجمعي عند كبرى الأحزاب ، التي ظن مريديها أنهم يملكون الحق الإلهي المقدس في السيطرة على الأرض والإنسان والمكان وحدود الزمان ، وأخطاءهم لا يحاسبون عليها لأنهم يمتلكون تفويض الهي ، ومن يملك هذا التفويض لا يحاسب حسب ما شرعن لهم مفتى الأوهام ، فباتوا يجمعوا بين فكر الجهمية الجبري ، ويكرهوا المنطقية العقلية عند ابن رشد ..
في ظل هذه الترهات وجدنا ا لنفض غبار التبعية ان ندعو الى تطبيق مفاهيم متجردة من المصطلحات الخادعة وذلك لمصلحة الوصول للتعاقد الاختياري بين مواطنين أحرار، فمن يدعو تملقاً للفكر الليبرالى المزيف ، لابد أن نوضح لهم أنها تخفي إخضاعها الأفراد لآليات التطويع و الترويض والقهر،، فالمواطن الليبرالي كما قال (ميشال فوكو) ليس كائنا حقوقيا مجردا بل هو قبل كل نشئ كائن يخضع لأشكال شتى من الضبط والإكراه الناعم المنبث في مختلف مناحي النسيج الاجتماعي والسياسي
هذا القمع الناعم سلوك المواطن في ظل "مواطنة ليبرالية" قابلا للضبط والتوجيه والتحديد ضمن وعاء سياسي محدد ومنضبط.
كما تحتاج فكرة مشاركة المواطن في تحديد سياسات الدولة في إطار مواطنة ليبرالية في حاجة إلى ومراجعة مفاهماتية ..
قطعا لا نشكك في مساهمة المواطنة الليبرالية في تقليص مخاطر التوتالتارية والأنظمة الشمولية. إلا أن استفحال الفر دانية والتفكك الاجتماعي وخضوع الإنسان لترشيد المواطنة الليبرالية ، وإكراهاتها تجعلنا نفكّر جديا في ضرورة الفصل بين المواطنة والليبرالية، وضرورة إيجاد صيغ أعدل و أكثر إنسانية لمفهوم المواطنة
فكلا المفهومين نظرية التفويض الالهى ومفهوم الليبرالية بحاجة إلى إعادة قراءة وصياغة لأننا بشر نسعى لتوطين كل مفاهيمنا وفكرنا السياسي والديني على حد سواء
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت