وأنا امشي في الشارع وجدت خفافيش سوداء تمتص ماء النهار.....نهار فقير....بلا ساعدين......بلا كتفين.....بلا قامة......بلا إطراف....علي الشرفات نساء يعلقن فوق حبل الغسيل سراويل أزواجهن القديمة .....والخطوات تمر علي السوق مثقلة كالحجارة........والوقت صفصافة.....واقفة بيننا كالجدار...ورائحة السمك الميت ،الخضراوات الحزينة والعرق البشري وإيقاع أغنية معذبة....يتجول فوق سطوح المنازل والأرصفة ....وملعقة عند باب الحديقة مكسورة .....وصف طويل من النمل يمشي إلي هدف غامض
آه آه آه آه من فكرة أتعبتني......تفاصيلها الخاطفة .
ربما سأجن.......وافقد ذاكرتي ......وأنسي خطوات يدي.... والفرحة النازفة .... ربما ......!
ربما....! سنجن جميعاً ...إذا ما أطلت أصابع أقدامنا... من جوارب هذا النهار الفقير........ودأبت علي حجر الطرقات فهل سنموت....يا تري.....؟
لالا..........وماذا أذن..؟ سنضيئ ..... سنضيئ حياتنا بالشمع ونلعن الظلام ولكن الشمع ؟؟؟ انه الموت ....مولد كهربائي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ انه الموت ايضاً.
هذا إذا مالمسنا الحقيقة فوق تراب الجنون الذي ينجب العاصفة...... لالالا نلعن الشمع ويبقي الظلام . ويموت الشعب وتبقي الشموع لتنير الشارع العتيق ..!!!!!!!
آه آه آه حين تنقطع الكهرباء واذهب أضم الأجفان أو أفرج بين الشفتين أخاف من المجهول أخاف علي الأبناء أخاف علي الأهل أخاف علي الجيران .....أصوات مريبة هل هي صوت اطفائية لحريق من شمعة أو مولد انفجر أم صوت ماذا ؟
يجلد ذاك الخوف الثائر في عقلي ثم ينصرف سريعاً مثل سحابات الصيف العابرة الترحال.
ابتسم-حيناً-حين تمر علي عيني بعض الاوجهه أو حين تجوب مخيلتي صور قد تكون جميلة بالنسبة لي...تنتحر الإحداث جميعاً.....تتدلي من قلعة رأسي ....أخلد مرات للنوم،أحياناً أخلد للموت ثم في الصباح أحطم كل تنبؤي. وأكسر هذا الحاجز.
انه الموت في الشارع العتيق وفي البيت الجديد إذا لعنا الظلام وأنرنا الشمع
فالشمع قيمتها عندما يحل الظلام فنور الشمعة الصغير يضيء عالماً من الظلمات..
ودائماً الشمعة تحتــــرق مـــن أجـــل الآخرين... و تنير شمعة خيــراً وأفضـــل من لعـــن الظــــلام ..إلا انه اليوم بعد سماع الكارثة تلو الكارثة والمصيبة تلو المصيبة أصبحنا نلعن الظلام خير من أن ننير شمعة أو حتي تشغيل مولد ..؟.
يحترق المواطن .....ويبقي الشمع ...... وتنقشع الكهرباء
فتتدلي من قلعة رأسي أفكار ....سأجن بل سنجن جميعاً إذا لم نعرف حق الوطن علينا وحقوقنا تجاه هذا الوطن .
انه الوطن ؟ ومن هـو المواطن .. ؟ ما هي الواجبات التي يتحتم عليه أداؤها ؟ وماهية الحقوق التي له والتي من المفترض أن يتمتع بها ؟ ماذا لو اختل ميزان الواجبات و الحقوق ، ما هو لي ، و ما هو عليّ ؟ كلنا نحب الوطن الذي نعيش فوق أرضه و تحت سمائه، واستشهد المئات لأجله وتم أسر الآلاف منة وجميعنا ينشد صلاح الوطن ورفعته وهو وطن واحد لا يتجزاء وهو نفسه المواطن سواءً في أقصي الشمال أو الجنوب .
إن الوطن الأول لكل إنسان هو رحم أمه ، وفيه تعطي الأم من دمها غذاء له ، ثم يخرج إلى وطنه الثاني وهو آسرته ، التي تعطي من وقتها ومالها وجهدها تربية له ، ثم يكبر ليجد نفسه في مجتمع أكبر ، وفي هذه المرحلة يعطي المجتمع من خلال مؤسساته التعليمية قدرات تمهيدية وتنموية ، ليصبح هذا المواطن في النهاية قادراً على المشاركة في بناء هذا المجتمع. وخلال هذه الرحلة يقل اعتماده على من حوله شيئاً فشيئاً ، حتى يصل بعد ذلك إلى حاله من القدرة على العطاء لنفسه ولمن حوله وفي النهاية يمكن أن ينام علي نور الشمع ويصبح جثة متفحمة
ولاشك أن قضية العلاقة بين الراعي والرعية أو الحاكم والمحكوم من أهم تلك الأصناف ، فديننا الحنيف قد شرع من الحقوق والواجبات ما يوثق تلك العلاقة بينهما ، ويشيع روح الأخوة والتعاون بينهم بعيداً عن الانقسام والتجاذبات هنا وهناك.
إذاً يجب أن تصبح الحقوق أبجدية الأطفال , و أن تدرس في المدارس , و أن ينادي بها المنادون في الساحة العامة على أصوات الأبواق , و أن يتلوها الكهنة من على منابرهم , وأن توزع في الأسواق على أوراق منفردة , و أن تستقر في المحفوظات , و تلصق بأمر من البلديات على جدران المدن و القرى جميعاً , و حينئذٍ يعرف أصغر مواطن حقوقه , و يعرف كل فرد ما إذا كان قد أحاق به ظلم أم لا , و يكون لدى كل فرد المعيار الذي يتيح له أن يقدر قيمة جميع التدابير التي اتخذتها الدولة , و جميع القوانين , و تكون الأمة بأجمعها قادرة في كل لحظة أن تراجع مبادئ الحقوق بصدد كل قانون , وأن تستند إليها عند الحاجة للوقوف في وجه هذا القانون , إن الأمة في شعورها بحقها الذي وجدت التعبير الجازم عنه في إعلان حقوق الإنسان , قد أصبحت سيدة القوانين وأخيراً هذا يتطلب شي واحد لاغير إنهاء الإنقسام المرير الذي اختلطت به الحقوق مع الواجبات. وما يحدث هذه الأيام أن الكل يرفع الأيدي بالدعاء لرفع الظلم ولكن الكل ظالم مستبد كل في دائرته فلا يستجاب دعاء .. وتغرق الدنيا في المظالم أكثر وأكثر وفي الظلام يوماً بعد يوم، والحريق يوما بعد يوم ...هل ننتظر لتحرق فلذات أكبادنا أم يحرق كل الوطن خياران كلاهما مر ،فلا احد يستغني عن أبنائه بالموت بالحرق ولا علي وطنه الذي ترعرع فيه مع أهلة وأحبابه .
ولو ركبنا إلى الله مركب الصدق .. وعدل كل منا في دائرته وأخلص في عمله واتقى في قوله لتولانا الله برحمته لوكلنا من فوقنا ومن تحت أرجلنا ولما احتجنا لأحد ولا لشيء .. ولكننا نتكلم في الدين ولا نعرفه وندعو إلى الأخلاق ولا نتخلق بها ..وهذه دنيانا .. أصبحت مرآه لأفعالنا .. ولا غرابة !!
د.هشام صدقي ابويونس
باحث وكاتب في الاقتصاد والفكر السياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت