منذ فترة ليست بسيطة و مصر تعاني حالة التفرد بالحكم و حالة غريبة على حياتها السياسية وحالة لم تعهدها طوال تاريخها السياسي , منذ ما يقرب من عشرة ايام أي في الذكري الثانية للثورة المصرية المعاصرة ومصر تتجه نحو المجهول وتتجه نحو انقسام محقق يقضي على هيبة مصر التاريخية ,و يقضى على حلم ملايين المصريين في الدولة المدنية التي تتمتع بالأمن والاستقرار , وهناك من يعتقد ان هذه الحالة مؤقته و نحن منهم لكن يبدوا ان مؤسسة الرئاسة تعيش لفصيلها فقط وتعتقد خطأ انه يمكنها ان تحكم مصر على طريقتها ولم تقتنع بعد ان المصريين والشارع المصري مازال يعيش واقع الثورة التي اطاحت بنظام مبارك وان الثائر يمكنه الاستمرار في الثورة إذا ما شعر أن النظام الحالي لا يحقق طموحات و أحلام الامة و اعتقد ان هذا ما شعرت الملايين من ابناء مصر الغالية على قلوب كل شرفاء الامة العربية بعد التفرد بحالة الدستور الجديد ,وبعد اقالة النائب العام وبعد العديد من الممارسات التي يفهمها الشعب على ان مصر اصبحت للإخوان واتباعهم فقط , ولعل ما يحث في مصر الآن من قتل و سحل للمتظاهرين دون دواعي امنية محددة يعتبر كرة اللهب التي تكبر يوما بعد يوم حتى تصل الحالة الى ابعد قياس ثوري يطالب بالإطاحة بالرئيس مرسي وهذا من أخطر حالات الاختلاف بين المصرين على اعتبار ان مصر اليوم اصبحت جبهتين , الاولى جبهة الاخوان و الفصائل التي تدور في مساراتها وتستفيد من حالة الحكم ,والجبهة الثانية هي جبهة الانقاذ التي تتمثل في قيادات سياسية مصرية مستقلة الى جانب بعض الاحزاب الليبرالية والتي تدعوا الى اعادة النظر في حالة حكم الاخوان بالذات في هذا الوقت الذي تعيشه مصر العربية .
ان ما يحدث في مصر ينذر بانقسام خطير في المجتمع المصري و القيادة السياسية المصرية و وهذا الانقسام سيؤدي بالطبع الى انهيار كبير في كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتنحصر حركة السياحة في مصر , و بالطبع ستفقد مصر دورها التاريخي في المنطقة العربية و سيكون هذا الدور غير مؤثر وقت الدفاع عن قضايا الامة العربية , و قد تدخل المنطقة في اعادة هيكلة جيوسياسية مخططة من العالم المركزي ,و مع هذا الانقسام الذي نخشي حدوثة قد يؤدي في نهاية لتنفيذ مشاريع تصفية للقضية الفلسطينية , لهذا يتوجع الفلسطينيين لما يحدث في مصر و يتألم الغالب الفلسطيني لرؤية ما يدور بالشوارع الرئيسية و المحافظات لان مصر واستقرارها يعتبر صمام الامان للمنطقة العربية جمعاء كما ويدرك الفلسطينيين ان ضعف مصر لا يمكن ان يتم الا عندما ينقسم المجموع المصري الى فئات و بالتالي تضعف المؤسسة العسكرية التي ستحسب نفسها على جهة ما , و لعل ضعف مصر هو النتيجة الطبيعية و المؤكدة للانقسام سواء ادرك هذا الرئيس او لم يدرك , سواء عرف الاخوان هذا و تجاهلوه او لم يعرفوا ..
ان فلسطين عندما تتوجع و يصيبها الالم مما يحدث بالشارع المصري تعرف تمام المعرفة ان مصر خندق هام في حلقة الدفاع العربي عن مقدرات الامة العربية, و تعرف ان مصر الواحدة يعنى فلسطين الواحدة ,ويعنى مصر القوية وان فلسطين تأخذ قوتها من قوة الوجود و الحضور المصري عند كل المراحل التي تعيشها القضية, بالذات وان فلسطين جربت الانقسام وذاقت ويلات التفرق و الضعف و ما زالت تعيشه حتى اللحظة , وان فلسطين تدرك ان تماسك مصر و وحدة قيادتها السياسية و اصطفاف شعبها خلف قيادة تعلن الولاء للشعب و ليس للحزب , و تعلن التخلي عن الرؤي الحزبية الضيقة التي تجعل من المصريين أما اخوان او لا و هذا بالفعل شيء مخيف حتى اللحظة, و لعل مؤسسة الرئاسة في مصر هي السبب الرئيس في أي انقسام يحدث لان الرئيس هو رئيس كل المصرين وعليه تقع مسؤولية الوحدة الوطنية و مسؤولية توحيد القوي السياسية , فعند ادراك ان امرا ما تم الاقرار به قد يقسم الشارع المصري و يجعل الجماهير تشتبك و تتقاتل يتوجب الاعلان فورا عن التراجع عن هذا القرار لصالح الجماهير و لصالح أمن و استقرار الدولة المدنية .
ان مصر وطن كل العرب و مصر دولة كل العرب و مصر دولة الاستقرار العربي و مصر قضايا العرب و كبريائهم و كرامتهم لا يجوز ان تنقسم و تضعف بسبب مصالح سياسية ضيقة سواء للإخوان او المعارضة و من هذا المنطلق يتوجب على الجميع ادراك النتائج الكارثية ان خرجت الامور عن السيطرة في مصر وتحول النزاع الى حرب داخلية لا سمح الله , و نقول ان وجع الفلسطينيين اليوم وجعين وجع سببه الانقسام الفلسطيني الفلسطيني و وجع سببته الحالة التي تعيشها مصر وكلا الوجعين من الاوجاع التي يمكن مداواتها ان قنع الجميع بالعيش و العمل و التقوي بقوة الوطن ليس الفصل او الحزب والحفاظ على الشعب ابيا كريما و الحفاظ على دماء ابنائه عزيزه مصانه.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت