أبى الغالى مّرت ثلاث سنوات دون أن أراك ..!!

بقلم: نصر فؤاد أبو فول


فى يوم وفاة أبى الغالى كتبت مقالاً عنه كان يعبر عما يجول ما فى قلبى , ولكن اليوم يختلف فذكراه مرت ثلاث سنوات وأنا أنتظر شوقه وابتسامته , إنها ابتسامة الأب الحنون والقلب الحنون ورب الأسرة المكنون , يوم وداع الأب العزيز ..

كان ذلك اليوم الرابع من فبراير من العام 2010 يوما عاديا بالنسبة للجميع , وأصبح ذلك اليوم بالنسبة لي ذكرى أتذكر فيها والدي العزيز .. والدي الكبير ذو القلب الرحيم ... والدي الذي لم يتوانى لحظة في حياته إلا وكنت بجانبه .. والدي وما أدراكم ما والدي ...

في ذكرى وفاتك أيها العزيز هذه السنة غمرني شعور في أعماقي ، أحلام وكوابيس سيطرت علي – خفت – نعم أنا خفت والخوف الذي غمرني يتكرر كل مرة .. خوف من الفقد ، آآآآآآه كم تعلم أن الفقد مؤلم جداً ..! منذ أن رحلت حدثت أمور كثيرة ، حاولت التعايش معها بدونك ، أكانت مبهجة لي أم لا ،،، تمنيت أن تكون معي لنفرح معاً ولا يعكر أجوائنا شيء ..أتعلم في تلك الأيام الماضية كلما مر اسمك في قراءاتي أو في مسمعي لا أستطيع نطقه وأتجاهله ،، لا أعلم لماذا ؟؟!! لكنني الآن أجاهد لأبقي السعادة والتفاؤل في حياتي ، أحاول أن أنسى وأبدأ حياة جديدة ... ثلاث سنوات مرت كرهت الحياة فيها .. وبعدما رحلت وازداد عمري سنيناً أضنت كاهلي وقلبي ،،، منذ أن رحلت ، تفتحت عيناي على الحياة أكثر وعلمت كنهها الذي كنت أجهله قبلاً...

والدي العزيز أتذكر في يوم من أيامي التي عشتها معك الحب والحنان والخوف علىّ من المجهول وكنت دوما راضيا عنى حتى وصلت إلى ما وصلت .. وسأبقى على عهدك يا أبتي فالدموع لا مكان لها والانهزام من الواقع لا مكان له ولكن تبا لتلك اللحظات المؤلمة ودقائق الوداع التي ودعتك بها حتى لم أكن بوعي .. تبا لهذه الثواني التي لم أعثر على بسمتك بها التي كنت تقابلني بها صباح مساء .. تبا يا أبى لمن حاول أن ينساك فلن أنساك يا أبى .. وهل ينسى القلب قلبه ؟!...

أبى العزيز : أتذكر لحظاتك الطيبة ولحظات المرح والفرح معك حتى كنت ستشاركني في فرحتي يوم خطوبتي ولكن الله أراد قبلها بيوم واحد أن ترحل بجانبه , ولكن أتذكر كلماتك الأخيرة يا أبتي وعلى الملأ " أبنى العزيز أنتا عزيز عليا , وأنا معك في كل شئ وسأكمل معك مشوارك , وان مت فسامحني " يا الله كم أتذكر هذه الكلمات .. يا الله ما أصعبها على قلبي .. انى أحس وكأن شئ يخنقني وتذرف دموعي دون ارادتى .. نعم لأنه أبتي ولأنه المربى الأول ومعلم الأجيال ...

أبتي إن الدموع التي امتزجت في قلبي لم تكن لتصيبك حتى تخطئك ولم تكن تخطئك حتى تصيبك , فأنت المعلم الأول وأنتا الأب الحنون , أبى العزيز ليس لي مقام في هذه الدنيا بعدك .. فوالله إن وحشتك غالية على قلبي .. من يحس بجرحى أيها الناس فإني مجروح بكافة الجروح .. أبى توفاه الله ووالدتي مريضة منذ وفاته ..

والدي أتذكر وان كتبت عنك أنك استسلمت بعد أن صارعت الموت لسنوات عديدة حزنا علي ابنه البكر الأسير . صراع أعادني إلى صراع آخر جعل أبي إن يضحي بعائلته، الزوجة و الأولاد، بالرغم من حبه الكبير لهم ...

صحيح انك رحلت وأعلم أنها مبكرة وما أصعب علي فقدانك ,ولكن أنت فينا وحولنا بأحاسيسنا وبوجداننا وبأفكارنا وبكل الأحبة والأصدقاء الذين أرغموا شبح رحيلك على الهزيمة وأثبتوا لعائلتك أنك موجود...وأعلن إن افتخاري يفوق حزني ولن تنحني راية أدميت قلبك وأفنيت بحياتك وضحيت وضحينا بالغالي لأجلها ...فيا حنيني لن انسي توصيتك أبدا ولن أستوحش طريق الحق مهما قل سالكيه ...وأنبيك انه معج بأرباب الحق والحرية.

انه لشعور مخيف اشعر بحزن كبير لفقدان والدي لأنه كان صديقي الحميم قبل أن يكون والدا وخاصة في الأيام الأخيرة من عمره، وأنا مؤمن بأن الموت حق، لكن الشئ الذي يحزنني كثيراً أن والدي توفى دون إن يفرح بى بالرغم من ملازمتي له أيام صراعه مع الموت، إذ إصابته النوبة القلبية بغيبوبة، لكنه قطعا كان يشعر بيدي و يدي والدتي و نحن نمسك بيده، فكرنا للحظة بأننا قد نمنحه بعض حياتنا، لكنه أمر الله. و ليس وداعا يا أبي.

والدي يا أيها الكتلة الحماسية الطموحة الملتهبة المعطاء فاجأتني برحيلك...وأدهشني هذا القلب الكبير...فلم أكن اعلم انه سيذوق طعم السكوت...كما وعهدتك أكثر مني شبابا وكنت تخلق لي أجواء المنافسة وتجعلني من حيث لا اعلم ألتهم خير جليس في الزمان , فما وجدتك إلا زميلا وصديقا وحبيبا وأخا وفي أصعب الأوقات وبأمرها كنت أبا... ما مرت ثانية إلا وأنت فيٌ وحولي فقد تركت بنا غصة الذكريات وقلب أدماه فراق الحبيب وابتسامتك التي ارتسمت مقلة دامعة وحزن لن يُهزم ,فقد قضيت سنتك السادسة بعد الستون ويكن إليك قلبي عتابا شديدا نفسه ذاك العتب الذي كنت أدعوك إياه بعد إن تتأخر بهدية فرحى ومشاركتك فيه ...فعادت علي هذه ولكن ليست بوجودك ...ولكن ها أنا أصبر نفسي فعلمت (من بعد أن داهمني الشك) إن هاتفي لن يرن باسمك وأن حوارك أنقطع عن الحوار وإنها كانت الأخيرة في اليوم الرابع من فبراير ..!! ولكن أنت أكثرهم تعلم بأنه لن ينفك عقلي عن الترانيم باسمك , وأنشدك بأن كل ما عندي من عتاب أصبح إليك مندماً....

سيبقي جثمانك في هذه الأيام ... بعد انقشاع هذه الغيوم وسواد الليل ... سيأتي الفجر وهو الفجر الأكثر قسوة .. فجر سأذكره ماحييت ... فهو فجر اليوم الذي رأيت به وجهك المشرق لآخر مرة..ومن بعدها سأعيش وحيدا ... أرعى أخوتي وأمي التي سيمزقها فراقك ... ياربي أقف الآن على باب رحمتك متوسلا ومتضرعا أن ترحمه وتعفو عنه وتصفح ...

" اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به ، وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه ، آته برحمتك ورضاك وقـهِ فتنة القبر وعذابه ، وآته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين "اللهم آآآمين.

---
نصر فؤاد أبو فول
كاتب وصحافي فلسطيني
رئيس مجلس إدارة الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام - فلسطين
رئيس لجنة العلاقات الدولية فى الاتحاد العربى للصحافة - القاهرة
ممثل فلسطين فى الإتحاد الدولى للصحافة العامة - نيويورك
عضو اتحاد الصحفيين العرب - جمهورية مصر العربية
عضو اللجنة الاستشارية للمجلس العالمى للصحافة - قبرص
العضو الدائم فى نقابة الصحفيين الفلسطينيين - فلسطين
ناشط فى قضايا الأسرى داخل سجون الإحتلال الإسرائيلى

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت