الاوضاع العربية والفلسطينية الى اين في ظل الظروف الراهنة

بقلم: عباس الجمعة


في ظل الممارسات العدوانية لحكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة نرى ان اي حديث عن ما يسمى السلام اصبح مضيعة للوقت في ظل الظروف العربية والدولية الراهنة ولكافة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة في مجلس الأمن والجمعية ألعامه وهي بلا شك كيان فوق القانون ، وخاصة في ظل الدعم الأمريكي السافر واللامحدود التي يدفعها لان تتصرف بعنجهية ووقاحة لا مثيل لها في العالم من خلال ممارساتها طالما أنها فوق القانون ولا يوجد من يسائلها أو يحاسبها ، صحيح أن فلسطين معترف بها كدوله مستقلة من أكثر من 130 دوله وحكومة ومنظمه دوليه لكن وضعها الحالي والممنوح لها من قبل الجمعية العمومية للأمم بصفة دوله غير عضو " يتطلب منها الذهاب الى كافة الهيئات الدولية والعمل على نقل ملف القضية الى الامم المتحدة من اجل مطالبتها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية .
أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي رفضت القرارات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان والتي جميعها أدانت إسرائيل واعتبرت جميع إجراءاتها مخالفه للقوانين والمواثيق الدولية واتفاقية جنيف ، واعتبرت الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير شرعي وتم تشكيل لجنه من مجلس حقوق الإنسان لدراسة واقع المستوطنات وانعكاسها على الفلسطينيين الأمر الذي رفضته حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأعلنت عن رفضها لاستقبال اللجنة المشكلة من قبل مجلس حقوق الإنسان وأعلنت عن رغبتها للانسحاب من عضوية مجلس حقوق الإنسان ،
امام هذه الاوضاع نرى اهمية توحيد الجهود فلسطينيا لمواجهة هذا التعنت الإسرائيلي وحسم للخيارات الفلسطينية لوضع حد لهذه السياسة الاسرائيليه ، من خلال رسم استراتجيه تخدم حماية الأرض الفلسطينية من المخطط الإسرائيلي الهادف لسياسة التهويد ولن يكون إلا بموقف فلسطيني يحسم الخيار أمام تلك العبثية من المفاوضات التي ما زالت إسرائيل تضرب بعرض الحائط بكل الاتفاقات المعقودة مع السلطة وترفض الإقرار والاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية وبحقهم بإقامة ألدوله الفلسطينية المستقلة بحدود الرابع من حزيران 1967 ،
ان الغارة الجوية الصهيونية العدوانية على منشأة للأبحاث العسكرية الدفاعية السورية في منطقة جمرايا بريف دمشق وعلى مقربة من الحدود اللبنانية ، لتؤكد هذه الغارة على إستغلال حكومة الاحتلال للظروف السورية الراهنة لدخول معلنٍ على خط الأزمة ، وذلك بغية توجيه جملة من الرسائل دفعةً واحدةً وفي مختلف الإتجاهات. وهي بكل تأكيد جس نبض ردة الفعل السورية في مثل هذه الظروف المصيرية الصعبة التي يمر بها هذا البلد النازف، ومحاولة لاكتشاف مدى إستعداداته في ظل أزمته الراهنة لمواجهة أي عدوان صهيوني، أو أطلسي، عليه ، وصولاً إلى نوعٍ من محاولة اختبارٍ لما يشاع حول تزوِده بأسلحة روسية متطورة.
امام العدوان على سوريا في ظل الثورات العربية اسأل ويسأل كل عربي ، اين الثورات العربية التي قدمت التضحيات من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، وكيف ارادوا تحويلها والسطو عليها ممن ادعو بالاسلام السياسي بانهم جزء لا يتجزء من الحراك الشعبي الذي اوصلهم للحكم من اجل ان يسطو على الثورة الحقيقية للجماهير الشعبية في سياق مخططات أمريكية تهدف إلى إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية على نحو جديد يخدم المصلحة الأمريكية أساسا، والتقليل من شأن الثورات، والتعدي على تضحياتها، واستخفاف بإرادة الشعوب.
ان الثورات العربية اتت تتويجا لمسار نضالي وشعبي له عناوينه الواضحة وحيثياته المعروفة، وباعتقادي أن الديمقراطية الحقيقية التي تنشدها الشعوب العربية ستعمل على تصويب المسار التاريخي للأمة العربية ، وستعمل على إطلاق المبادرات والطاقات التي ظلت مدفونة تحت رماد القمع والاستبداد، وستخلق البيئة والمناخ الصحي الذي في ظله ستعبر الشعوب عن إرادتها الحرة وعن قناعاتها الراسخة، وستصنع في فضائه مستقبل هذه الأمة بسواعد أبنائها وبشغفها للحرية، وتوقها للخلاص من كل أشكال الهيمنة والاستبداد.
ان فلسطين التي فرحت بانطلاق الثورات العربية حتى تستعيد القضية الفلسطينية بريقها وأعادتها تتطلع اليوم الى العالم العربي بانه اصبح مستهدف ، فما يجري في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا من تآمر يستهدف وحدة الشعب وكيان ألدوله ومؤسساتها وضرب وحدتها بالأموال التي تدفع وتستغل لإحداث الفوضى وإثارة الفتن الداخلية بهدف إضعاف هذه الدول لتبتعد عن عروبتها وقوميتها وكل ذلك يأتي بفعل التدخل الخارجي سواء العربي أو الأمريكي الصهيوني تحت حجة حماية الثورات لتصفية الثورة لصالح الحفاظ على المصالح القوى الاستعمارية ، وما جرى ويجري في العراق من أعمال قتل تستهدف المدنيين بنتيجة عمليات التفجير والتفخيخ للسيارات والعبوات المزروعة محاوله من محاولات تكريس الفتنه الطائفية والتمييز العرقي الذي كان وما زال هدف أمريكا وأعوانها حتى بعد الخروج من العراق>
لم يعد مقبولا مواصلة الركض وراء السراب الأميركي. فمن مفاوضات مدريد عام 1991 وحتى اليوم، خبر شعبنا صنوفا من " المبادرات " والمناورات الأميركية، التي أسفرت عن نتيجة واحدة، وهي اعطاء الاحتلال المزيد من الوقت لتغيير معالم الأرض الفلسطينية، بالمصادرة والاستيطان، لجعل مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 سرابا. وجعبة الاميركيين بهذه المناورات زاخرة لا تنضب. فالأخبار تشير على تحركهم فور التصويت في الجمعية العمومية لطبخ نسخة جديدة من هذه المناورات. فهل نبلع الطعم من جديد متجاهلين كل التجارب السابقة ؟ علما بأن نتائج الرهان على المناورات الأميركية قد تكون كارثية هذه المرة.
من هذا المنطلق لا بد لكل الفصائل من حسم خياراتها تجاه عملية المصالحة فالمصلحة الوطنية الفلسطينية فوق كل الاعتبارات الحزبية والسعي تجاه توحيد الرؤى الفلسطينية لبناء استراتجيه فلسطينيه تقود لوضع تصور لكيفية مواجهة المخطط الصهيوني الأمريكي الهادف لتصفية القضية الفلسطينية ضمن المخطط المرسوم للمنطقة والمسمى بالشرق الأوسط الجديد ، الفلسطينيون في وحدتهم وتناسيهم لخلافاتهم يملكون من القدرات والإمكانيات التي تحول ودون تخطي القضية الفلسطينية والتمكن من تصفيتها وان الفلسطينيون يملكون من ضعفهم قوة الحق والحجة التي تمكنهم من فرض أجندتهم على المجتمع الدولي وان القضية الفلسطينية هي بوحدة الفلسطينيين ما يجعلها في عقل الجماهير العربية ، الأمر الذي يتطلب من الجميع الشروع الفوري لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة وتشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة ضمن ما تم الاتفاق عليه في القاهرة للقيام بدورها في تطبيق اليات اتفاق المصالحة والعمل من اجل الاشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية وتفعيل الاطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية للقيام بدوره والتمهيد لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني وبذلك تصبح الخلافات من الماضي ويكون الهدف تحقيق الوحدة الوطنية والتمسك بالثوابت الفلسطينية وحماية المشروع الوطني.
ختاما : لا بد من القول أن الوحدة الوطنية الشاملة تحتاج إلى مؤسسات وطنية واحدة تخدم الجميع من خلال حكومة منتخبة واحدة ومن خلال برلمان فاعل يدافع عن حقوق الشعب ، وان اي وحدة يجب ان تتجلى في اطار منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها قائدا وممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني وبرنامجها الوطني بالعودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس ، فبدون الوحدة الوطنية ومجابهة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة، من الصعب في مسيرة النضال نحو الحرية والاستقلال والعودة وتحرير الارض والانسان.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت