أوباما في ديارنا، يا مرحبا، يا مرحبا

بقلم: فايز أبو شمالة


رتب القائمون على زيارة أوباما للشرق الأوسط كل الأشياء، فهم يعرفون طرق النجاح، وقد بدأ وزير خارجيته الجديد بالإمساك بالخيوط السياسية، وسيشرع في زيارة المنطقة، تمهيداً لتحقيق الأهداف الاستراتيجية من الزيارة، والتي لخصها نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سلفان شالوم في استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، كمقدمة لتعزيز تحالف الأنظمة العربية مع أمريكا وإسرائيل ضد إيران.
من يتشكك في سلامة رأي سلفان شالوم عليه أن يراجع السياسة الأمريكية، ليكتشف أن القضية الفلسطينية هي مدخل المخططات الأمريكية للمنطقة، ويكفي في هذا المضمار أن نسترجع عشر سنوات فقط من التاريخ الحديث، وبالتحديد سنة 2003، حين احتاجت أمريكا إلى ورقة توت تستر فيها عورة بعض الأنظمة العربية التي تحالفت معها ضد بلد عربي، فعمدت إلى كسر الجمود الذي سيطر على المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأعلنت في مهرجان احتفالي عن خارطة الطريق، والتي اعتمدت جدولاً زمنياً لحل القضية الفلسطينية، وصار إلى تحديد سنة 2005 موعداً نهائياً لقيام الدولة الفلسطينية
لقد صفق العرب لخارطة الطريق الأمريكية سنة 2003، وأسهموا في إنجاز الأهداف الأمريكية والإسرائيلية، ولم يدركوا أن أمريكا هذه التي صفقوا لها ستقف في الأمم المتحدة ضد الإعلان عن قيام دولة فلسطينية بصفة مراقب سنة 2011.
لقد فرح العرب لخارطة الطريق الأمريكية التي طالبت حكومة إسرائيل بتجميد جميع النشاطات الاستيطانية (بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات) سنة 2003، ولم يخطر في بال العربي أن أمريكا الحنونة هذه، هي نفسها التي ستستخدم حق الفيتو في الأمم المتحدة، سنة 2010، وتمنع المجتمع الدولي من إدانة الاستيطان الصهيوني.
فهل أدرك العربي حين هلل لخارطة الطريق أنه كان يمسح عرق الخزي الذي نز من جبين الجيش الأمريكي الذي يدمر العراق، ويسبي حرائر العرب لصالح الصهاينة؟
وهل أدرك العربي أن إسرائيل كانت الرابح الأكبر من استئناف المفاوضات التي جرت سنة 2003، وما تلاها من سنوات تفاوض امتدت حتى اكتوبر 2010؟
وهل لدى العربي والفلسطيني ضمانات بألا تكون إسرائيل هي الرابح الأكبر من استئناف المفاوضات التي سيعلن عنها أوباما أثناء زيارته للمنطقة في شهر مارس؟.
وهل يتبقى شيء اسمه المصالحة الفلسطينية إذا صار الاتفاق على استئناف المفاوضات ضمن موازين القوى الراهنة؟
يحكى أن ليلى العامرية قد فرحت فرحاً كثيراً عندما علمت بزيارة قيس بن الملوح لبيت أبيها، فقالت جملتها المشهورة: قيس ابن عمي بيننا، يا مرحبا يا مرحبا!
ولكن ليلى العامرية لم تتنفس أريج الوصل، وضاق صدرها بالحب الذي ظل أسيراً على طاولة المفاوضات، وفشلت في تحقيق دولة، بل ارتضت ليلى أن يغفو شعرها على وسادة رجل آخر، وأن تلتف عليه بقرونها لفيف الأقحوانية في شذاها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت