دُعيت للمشاركة في لقاء التخطيط الاستراتيجي، لبلدية خان يونس، وبرغم جدول أعمالي المزدحم، آثرت المشاركة، نظراً لأن الشعار الذي حملته الدعوة كان ذو قيمة عليا محفزة، ألا وهي "التخطيط الاستراتيجي من خلال المشاركة المجتمعية"، حيث أكدت البلدية من خلال موظفيها ورئيسها، على أنها تنتهج فلسفة التخطيط من، ومع، القاعدة.
باعتقادي هذا توجه لا بد أن يحترم، ويُقدر، وهو أول الطريق لتغيير الإطار الفكري الناظم للمؤسسات الخدماتية في المجتمع، والتحول من مفهوم التخطيط في الغرف، وإدارة المكاتب، إلى فلسفة العمل المجتمعي والتخطيط في النور، والعمل وفق الاحتياجات التي يراها المجتمع، وتحديد الأولويات وفقاً للاحتياجات، كما يراها أصحاب المصلحة، لتصبح الخطوات اللاحقة في عمليات التنفيذ ذات قيمة فضلى، كما أن هذا التوجه يتيح للناس ليكونوا أدوات، وأهداف التنمية المحتملة من التخطيط الاستراتيجي، وأيضاً عناصر فاعلة في عمليات المحاسبة، والرقابة على الأداء.
إن التوجه الحالي يقودنا بيسر إلى احترام هذا النهج كلياً، ولا يجعل للنقد السلبي مكاناً، ولكن النوايا والتوجهات وحدها لا تكفِ، بل الأفعال هي ما تحدد مستقبل الفكرة، ومصداقية التوجهات. وهنا لا بد من تسجيل نقدي الأولي للإطار الذي تم اعتماده في عملية التخطيط، وبالتالي قد أكون من أول الناس الذين يمارسون حقهم الطبيعي في تعديل المسار من خلال مراقبة الأداء .
أولاً: باعتقادي الشخصي الذي كونته من خلال الملاحظة المباشرة، أثناء اللقاء المُنعقد، أن العينة المسحوبة للتواجد في اللقاء، لا تمثل خانيونس، بشكل حقيقي، فهناك غياب لبعض القطاعات في المجتمع.
ثانياً: العدد الذي حضر اللقاء لم يكٌ باعتقادي عدد ملائم لمدينة تناقش مستقبلها، واعتقد أن لهذا أسباب كثر، أتصور أن تدني مستوى الثقة بين المواطن البلدية أحد أهم الأسباب.
ثالثاً: إن اللقاء الأول كان من المفترض أن يكون بمثابة إعلان أولي لنية البلدية للقيام بهذا التكتيك الاستراتيجي المجتمعي، ولم يكٌ مهماً أن يعقد اللقاء، وينبثق عنه مجموعة من اللجان المختلفة، التي تمثل القطاعات المتنوعة لمناحي الحياة، فمن خلال معرفتي البسيطة بالتخطيط الاستراتيجي، أرى أن فريق التخطيط قام باستخدام العينية الطبقية في اختيار الأشخاص المحتمل وجودهم في اللقاء، ولكن الطبقات لم تكٌ ممثلة بشكل متوازن فيه، لذا كان من المفترض أن يقتصر هذا اللقاء على الاعلان عن نية البلدية وتوجهاتها الاستراتيجية في عملية التخطيط المستقبلي، ويعقب هذا اللقاء، لقاءات أفقية فرعية أخرى تمثلها طبقات المجتمع بشكل متوازن، كل على حدة، ويتم خلالها اختيار لجان أكثر تخصصاً وفهماً لطبيعة التدخل اللاحق بقصد احداث التأثير المطلوب.
وأخيراً أود دعوة رئيس البلدية، إلى التريث في الخطوات المتعلقة بالمشاركة المجتمعية، كونها الأساس الفكري الذي سوف يرسخ مفاهيم جديدة في هذه المدينة الرائعة، فالجميع يعلم سهولة رصف أي شارع محتمل، ولكن من الصعب جداً أن نحافظ على نظافته، فالقيمة تكمن في ضمان الثقة، وسلامة الاجراءت التكتيكية لضمان المشاركة المجتمعية بقوة، وبالتالي تحقيق التنمية، وضمان الحفاظ عليها، وحمايتها مجتمعياً، فخانيونس، تستحق.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت