المعلم الأول لم يكن أبدا سقراط!!

بقلم: حامد أبوعمرة


لما كنت جالسا ،في أحد صالونات الحلاقة المزين جاءني أحد الأصدقاء ممسكا أحد معارفه من جلابيبه ،ويجره ،ليسألني أمامه ..فعرفت أن هناك في الأمر جدالا حادا يحتاج إلى تحكيم فوري وسريع لحسم الأمر، ووقف حدة النزاع ،فقال لي ذاك الصديق :يا أخي عندما يحوم الغراب حول أحد البيوت محلقا مرة ،ومرات فماذا يعني ذلك أليس هذا نذير شؤم ؟!! حينها قد ضحكت بصوت عال عن دون قصد ..فقلت له كلامك صواب إن كنت تتبع قول الشاعر :إذا كان الغراب دليل قوم . . يمر بهم على جيف الكلاب أما على غير قول الشاعر فالحقيقة بعيدة كل البعد ،بعد الفضيلة عن الرزيلة ،وبعد الترادفات عن الأضداد ،وبعد الحق عن الباطل ،هذا الرأي الشائع الذي تم نقله مخالف لرأي أهل السنة فمعلوم أن الطيرة تخرجنا من العقيدة ، ومنهج أهل السنة لا يعلق مسائل العقيدة بحدث من طائر من الفواسق ،وكيف نتهم الغراب بالشؤم والخراب وان كثيرين هم الذين ينزعجون لنعيقه ،وهناك من يرى رأيا مخالفا فيه فيقول أنه طائرا من أزكى الطيور ..ياصديقي العزيز بعيدا عن الآراء الدائرة حول الغراب مابين متفائل ومتشائم أقول برأيي الشخصي أن الغراب منذ طليعة الخلق كان رمزا للحكمة ،فقد كان له عظيم لشرف في الاختيار المقدر من الله سبحانه في ان يعلم ابن آدم كيف يواري سوءة أخيه..وإلا لحمل قابيل أخيه هابيل على كتفيه ماسحا الأرض إلى أن يأتيه اليقين... لا ياصديقي ما هكذا يكون منا نحن البشر رد الجميل تجاه من علمنا أول درس في حياتنا البشرية هذا اعترافا صريحا مني ومن رؤيتي الخاصة الغير ملزمة ان المعلم الأول لم يكن سقراط ولا أرسطو كما كانوا يُزعمون في مناهجنا الدراسية !! ..وكفانا ما نراه من تبديلات ومهاترات وهواجس ،وافتراءات تحيط وتحاك بنا ..كفانا إنكارا وجحودا !! ثم أليس الله سبحانه وتعالى قد قال في الطير وقوله الحق:
الم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون. ( النحل:79).
عندئذ تدخل صديقي قائلا:وقد بدت على وجه علامات الدهشة والإغراب .. إذا للغراب حكاية ورواية ..،وقال صديقة الذي كان قد جُر من جلابيبه :ألم أقل لك أن الغراب لا يستحق منا أن نمقته ؟!!وعندها قلت لهما : الحمد لله ان الخلاف بينكما كان مجرد زوبعة كلامية في فنجان فارغ ، فطالما لم تتدخل الأيادي ولا الأسلحة فالأمر هين إذا!!حقيقة أنهما لم يعلمان أنه قد أصابتني قشعريرة شديدة قبل ان يأتيا إلىّ ،لما قرأت على الشريط التلفزيوني لأحد القنوات الإخبارية خبر عاجل مفاده اغتيال شكري بلعيد، المنسّق العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد في تونس أي رمز الديمقراطية إثر خلافات سياسية ومناكفات هناك وأني أتساءل هل ان الخلاف في الرأي عند البعض لم تزل نظرتهم فيه أنه لم يفسد للود قضية ،أم تغيرت تلك النظرة بعدما أصبح يُزهق أرواح البشرية ويفنيها ؟!!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت