لا شك أن المصالحة الوطنية الفلسطينية كانت وما زالت ضرورة وطنية لردم هوة الانقسام وطي صفحة الخلافات لنبدأ صفحة جديدة من تاريخ النضال الوطني الفلسطيني لمواجهة المخاطر الجدية التي تتهدد القضية والحقوق الوطنية وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وقد استبشر شعبنا خيراً وتنفس الصعداء وهي تتطلع الى اجتماع اللجنة القيادية لمنظمة التحرير الفلسطينية في القاهرة ، ولكن للاسف ان ما سمعناه من مواقف وتصريحات وتحميل الرئيس محمود عباس مسؤولية فشل الاجتماعات يؤكد بما لا يدعي الشك ان البعض ينتظر شيئ الرياح التي تهب في المنطقة حتى يصنع شيئ ميداني على الارض
وامام حالة تعثر بحث كل الملفات ولم يصل اجتماع القاهرة لتحقيق طموحات جماهير شعبنا وشرفاء أمتنا التي راهنت على هذا الاجتماع لكن الفرحة لم تكتمل فتم رفع الجلسات وتأجيل الاجتماعات لأسباب أكبر من طموحات الشعب الفلسطيني
ومن هنا نرى اهمية العمل الفوري من اجل عقد المجلس المركزي الفلسطيني لبحث كافة الامور المتعلقة باتفاق المصالحة وتنفيذ الياته والعمل على تعزيز وتطوير (م. ت. ف.) وتفعيل مؤسساتها باعتبارها الكيان السياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني .
ان تحميل مسؤولية فشل اجتماع القاهرة الى فريق فلسطيني هو بهدف إجهاض الحوار ، وهذا يتطلب تحرك شعبي فلسطيني لدعم ومساندة تطبيق اليات اتفاق المصالحة الوطنية والمطالبة بتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس الثوابت الفلسطينية والضغط على كل طرف يحاول تخريب الحوار لفرض أجندة لا تخدم مصالح شعبنا الفلسطيني ،ورفض كل التدخلات الإقليمية والدولية التي تحاول الضغط لافشال المصالحة والعمل على تجاوز كل الضغوطات والشروط ومحاولات الاستثمار السياسي من قبل البعض لتحقيق طموحات شعبنا والعمل على تفعيل مؤسسات (م. ت. ف.) على أسس سياسية وتنظيمية ديمقراطية وإعادة تشكيل المرجعية الوطنية الحقيقية بعد انتخاب المجلس الوطني على قاعدة التمثيل النسبي وإعادة صياغة البرنامج الوطني بمشاركة جميع القوى والفصائل والشخصيات واللجان والاتحادات والنقابات المهنية لنكون شركاء في مرحلة التحرر الوطني لتحقيق كامل أهداف شعبنا في دحر الاحتلال عن الارض الفلسطينية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
ان ا جتماع القاهرة لم يرق إلى طموحات الشعب الفلسطيني الذي يرغب في التوصل إلى تسوية حقيقية بين الفصائل تعزز الصف الفلسطيني في مواجهة إجراءات الاحتلال. وبذلك تبيت الكرة إذاً في ملعب الفصائل الفلسطينية ، فالشعب الفسلطيني يعلم جيداً أن حلم الدولة لن يتحقق في ظل الانقسام الذي يكرس السيناريو الممكن تحقيقه هو التعايش مع واقع الانقسام إما بشكل كامل، أو من خلال اتفاقات جزئية، لن تتوقف اضرارها على ما حدث حتى الآن، وانما سيصل الى الكارثة الكاملة .
ان ما يجب ان يقال ان المغيّب من هذه المعادلة هو المواطن الفلسطيني صاحب الحق الطبيعي في قول كلمته وصاحب الحق في اعطاء الشرعية او نزعها عن اية جهة ترفع لواء تمثيله، وهو نفس المواطن الذي ادرك ان الانقساميين لا يكترثون بموقفه ونداءاته المتكررة لإنهاء هذا الانقسام المأساوي، وسئم كل الوعود والتصريحات التي يشعر وكأنها تطلق للاستهلاك الدعائي ولإخفاء حقيقة النوايا التي شكلت حتى الآن السبب الرئيس في تكريس الانقسام
ان شعبا عظيما مثل الشعب الفلسطيني قدم كل هذه التضحيات الجسام من قوافل الشهداء والاسرى والجرحى والمعاناة المتواصلة، يشعر بالاهانة وبمصادرة حقه الطبيعي كمصدر اساسي للسلطات وكصاحب سيادة. هل ينتظر ما يسمى بـ "الربيع العربي".
فقد حان الوقت ليرى الشعب الفلسطيني نتائج واضحة نحو انهاء الانقسام ونحو استعادة حقه الطبيعي في قول كلمته في انتخاب ممثليه بعيدا عن كل الوعود والتصريحات التي يتكرر سماعها دون نتائج وبعيدا عن استمرار اغراقه في الصراع الذي اقل ما يقال فيه انه ليس صراعا ليس في خدمة مصالح الشعب الفلسطيني ..
ختاما: لا بد من القول ان مصير القضية الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة سيعتمد على قدرة النخبة السياسية والشعب الفلسطيني من اجل إنهاء الانقسام فالخشية من الاتفاق على إدارة الانقسام وفي هذه الحالة ستدخل القضية الوطنية والصراع مع الاحتلال بحالة أشبه بحالة لا حرب ولا سلم ،ونخشى أن تكون إسرائيل أكثر قدرة في توظيف هذه الحالة لصالحها.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت