بين البيروقراطية ،والنظام الانتخابي في بلادنا..!!

بقلم: حامد أبوعمرة


لا أعرف ما المشكلة في ان يتم تغيير البرنامج أوالنظم الانتخابية في بلادنا وفقا لمتطلبات المرحلة القادمة مرحلة الدولة الفلسطينية وإن كانت مقدرة للتعذر السياسي ، غير محققة على أرض الواقع ، وهل ما اتفقنا عليه بالأمس حكمه السياسي لا الفقهي هو اتفاقا لا يقبل التبديل ولا التغيير أو التجريف أي كما يقول الفقهاء : قولا واحد !! ،ثم أليست القرارات الأنسب دائما منبعها توافق الأغلبية ،وليس الأقلية ،مع عدم الاستتار بقدرها ولا بتقزيم مكانتها ؟!!ثم إذا كان كل نظام له ايجابيات وسلبيات فعلينا أن نختار على الأقل أيهما أقل ضررا ،وأقل سلبية، وأيهما أفضل بعيدا عن النظرة الفصائلية الضيقة ، أن يتم التواصل بين أفراد العائلة في مناطق مختلفة من الأرض..الأرض الفلسطينية أم التقيد بمكان محدد يوحي بأن هناك أشخاصا هم فقط المسئولون عن أي قرار،وبدونهم لا تمشي العربة أوالقطار إن غابوا.. ؟!! فيكون الوضع أشبه ما يكون مقيد بشخصية أحادية الجانب !! ،وبالمناسبة ،في هذا المضمار ..لا يمكني أن أنسى ذلك الموقف عندما استوقفني أحد المارة ،وسألني :ما الفرق بين النظام الانتخابي على مبدأ التمثيل النسبي الكامل أي انتخاب "القوائم" بنسبة مئة في المئة، ومابين الدوائر أي "المحافظات " ؟!!فقلت له: كالفرق بين البيروقراطية والديمقراطية فابتسم وقال :أما الديمقراطية فانا اعرفها.. لكن ماهي البيروقراطية أريدك فقط أن تبسط لي الأمر ،وبدون أي توسع معرفي ،وبسرعة لو سمحت ،فاني من الذين إذا اتسعت مفاهيم الأمور لديهم ضاقت رؤيته باتساع الفكره !! حينها قد بادر إلى ذهني حوارا قرأته منذ سنوات فأعجبني قلت له بينما كان أينشتاين في إحدى الحفلات اقتربت منه سيدة ،وطلبت أن يشرح لها النظرية النسبية ،فروى لها القصة التالية أي أينشتاين فقال : كنت مرة مع رجل مكفوف البصر ،فذكرت آه إنني أحب الحليب ، فسألني: ماهو الحليب؟ قلت :إنه سائل ذو لون أبيض .فقال : إنني أعرف ما هو السائل ،ولكن ماهو اللون الأبيض ؟ قلت :إنه لون ريش البجع .فقال أما الريش فإنني أعرفه ،ولكن ماهو البجع ؟قلت إنه طائر رقبته ملتوية .قال :أما الرقبة فإنني أعرفها ،ولكن ما معنى ملتوية؟ عندئذ أخذت ذراعه ومددتها ،ثم ثنيتها ،وقلت :هذا معنى الالتواء .فقال الرجل : آه ،الآن عرفت ما هو الحليب .وصمت قليلا وتطلعت إلى الرجل الذي يسألني وقد احمرت عيناه ،ووجنتاه فكأنما الدم على في عروقه ،وقد بدت على ملامح وجهه ثورة بل بركان من الغضب،حيث قال بكل اقتضاب : سامحك الله أسألك عن البيروقراطية تقول لي الحليب الأبيض وما شأن هذا بسؤالي ؟
قلت له يا عزيزي: التمثيل النسبي الكامل هو أشبه ما يكون بالبيوت المشتركة بحدودها والمترابطة فتتراءى لنا كبيت واحد متصل يمثل معظم الكيانات السياسية والاجتماعية. ،وأما الدوائر فهي أشبه بالأفراد الذين يقطنون في بيوت محددة ،معزولة الجغرافيا ،والتاريخ والثقافة والسياسة.. فأيهما أسهل وأبسط أن تتعامل مع البيوت المتصلة بكل أطيافها وان تدخلها عبر بوابات مركزية واحدة فتكون صورة واقعية هي اقرب للحقيقة من خلال رؤيتك الكل والتواصل معهم أينما كانوا لأنهم يحملون هموم الكل ،أم تختار شخصا واحدا فقط تتعامل معه أيديولوجيته أنا ومن بعدي الطوفان قد يبهرك بكلامه المعسول ،وبشخصيته المبهرجة،وما تكاد تكتشف فيه بمرور الوقت إلا أن الصورة التي كُونت له كانت هلامية زائفة تخدم قضيته المحورية والمتمثلة في أعمار بيته فقط ،ولتسقط بيوت الآخرين فهذا شأن لايعنيه !!،فأجاب بعفوية مفرطة :لالا يا أخي الموت مع الجماعة رحمة ،واليد وحدها لا تصفق أبدا !! قلت له ولا تنسى أن الأمر هو أشبه مايكون بين الدستور الجامد.. جمود ثلج الاسكيمو !!، وبين تطبيقاته مراعاة للنفس الآدمية وإلا لما كانت الاستئنافات في القضاء !!..عندئذ ضحك وقال : إلى هنا وكفى ،وإلا سيلتبس علىّ الأمر فالآن قد عرفت البيروقراطية !!
بعدها واصلت المسير عازما الرجوع إلى البيت ، مقتنعا ان كل الدوائر سواء أكانت هندسية أو مؤسساتية أو إنتخابية فعيوبها أنها مغلقة تدور خطوطها دائما بعيدة عن المركز ،وكلما زادت الدوائر دل ذلك على التجزئة وأما وإن كان ذلك لامحالة فما المشكلة أن يكون النظام الانتخابي يشمل دائرة وطنية واحدة أو دائرتين على أن نكون أقطارا رئيسية نمر بالمركز قلب الوطن لا أن نكون أوتارا أو مماسات !!

بقلم /حامد أبوعمرة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت