كي تصل رسالة فلسطين للعمق الأمريكي، وكي تخترق أذن جماعات الضغط اليهودية، وكي نجبر العدو على مراجعة حساباته، وكي نحفز شعوب الأرض للإحساس بالظلم الواقع على شعبنا، فإنه يتوجب على الفلسطينيين أن يتجاوزا طاولة الحوار في القاهرة، وأن يقفزوا معاً لاستقبال الرئيس الأمريكي بما يليق بمكانة أمريكا في العالم، وذلك من خلال حشد ملايين اللاجئين على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، في رسالة ميدانية لا تؤكد على حق العودة، وإنما تؤكد أن القضية الفلسطينية ليست قطاع غزة والضفة الغربية فقط.
يتحمل المسئولية عن الحشد كل من التنظيمين الكبيرين المنقسمين حتى اللحظة على الموقف السياسي، ليجدا في الحشد فرصة للتأكيد على الجدية في المصالحة، وفي العمل الميداني المشترك ضد عدو مشترك، وفي الحشد المشترك مجال لفرض المصالحة المجتمعية رغم أنف المشككين، وللحشد إمكانية تجاوز سلبيات سنوات من الانقسام طغت على إيجابيات سنوات من العمل المقاوم المشترك في ساحات الوطن.
فإذا كانت حركة فتح قد حشدت قبل شهور مليون وربع كما قال مسئولوها، وإذا كانت حركة حماس قادرة على حشد العدد ذاته، فمن الأجدر أن تتضافر الحشود على الحدود في رسالة ضمنية تؤكد على حقنا بأرض فلسطين، وضرورة عودتنا لأرض الجدود، ورسالة صريحة تفصح عن عشقنا للسلام لمن أراد أن يبرهن على سلمية الحشود.
وفي الحشد رسالة فلسطينية داخلية مفادها أن حركة فتح وحركة حماس قد تجاوزتا الانقسام عملياً، وفي الحشد رسالة للعالم تفيد بأن قطاع غزة قد ضاق بسكانه، ولا مستقبل فيه للأجيال القادمة، وأن غالبية سكان قطاع غزة هم ليسوا من قطاع غزة، وإنما بشر يتكدسون فوق بعضهم بالقوة الإسرائيلية، ولا حياة لأي حل سياسي أو أمني أو اقتصادي لا يأخذ بعين الاعتبار هذا التجمع البشري المتفجر بالكراهية لكل من لا يعادي إسرائيل.
قد يقول البعض: إن الحشد سيفسد زيارة الرئيس الأمريكي، وسنفقد التعاطف الذي قد يبديه الرجل مع قضيتنا العادلة، وقد تستغل إسرائيل الحشود في الدعاية المضادة، ونخسر فرصة سانحة لاستئناف المفاوضات، ولاسيما أننا نتطلع إلى نصرة أمريكا، ونتمنى أن تضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان فترة المفاوضات، ونتمنى أن نحقق بعض الأحلام السياسية من هذه الزيارة، وواجبنا أن نعد الخرائط والوثائق والشواهد، وألا نفجر الموقف في الميدان.
هذا الرأي الذي أورد قضيتنا التهلكة، فقد وجاهته السياسية بالتجربة العملية، وقد دللت الوقائع أن السياسية تتشكل على ضوء المستجدات الميدانية، فمن أراد تحريك الرأي العام العالمي لنصرته، وأراد أن يكسب مزيداً من الأنصار، عليه أن يتحرك في الميدان في عز الزحام، وأن يحرك الجماهير بكل غضبها ولا يكتفي بالحلم، والنوم على وسائد حسن النوايا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت