اجتماعات القاهرة استنتاجات ودروس

بقلم: جادالله صفا

انتهت اجتماعات القاهرة وما زالت هناك العديد من العقبات التي تعترض اتمام المصالحة، رغم صدور البيان الختامي الذي يتحدث عن الايجابيات، فتصريحات قادة الفصائل ما زالت تؤكد ان هناك مسافة طويلة لانجاز المصالحة وانهاء الانقسام وما زالت الخلافات مستمرة.
دون الخوض بتفاصيل الانقسام والمصالحة ودون الانحياز الى اي من الاطراف الفلسطينية التي تشكل الانقسام الفلسطيني، فان السؤال الذي يطرح نفسه: اين القوى الفلسطينية الاخرى، هل هي جزءا من الانقسام؟
واضح حتى اللحظة فشل القوى اليسارية الاخرى بكافة اطرافها وغياب قدرتها على التأثير لاخراج الساحة الفلسطينية من الازمة التي تمر بها، والسؤال العالق لماذا اليسار الفلسطيني عاجزة حتى اللحظة عن التاثير؟
هل ممثل هذا الفصيل او ذاك من خلال مداخلة قادر على اخراج الساحة الفلسطينية من مأزقها وازمتها الداخلية؟ واضح ان اطراف الانقسام ما زالت جماهيريتها تفوق التوقعات، رغم انهم سببا بالازمة وسببا بالانقسام، وحتى قيادي واحد من اطراف الانقسام جماهيريته قد تفوق جماهيرية فصيل او اكثر من فصائل اليسار، فاليسار بريء من التدهور بالساحة الفلسطينية لانه لم يصل الى مركز صنع القرار، ولولا هذه الجماهير التي تحظى بها اطراف الانقسام لما استمر الانقسام، اما لماذا اليسار لم يحظى ولم يتمكن من بناء قاعدة جماهيرية له تكون مؤثرة لتجاوز الانقسام؟
تحظى حركة فتح وحماس على جمهور واسع من الشعب الفلسطيني قد يصل الـى
80%، وما تبقى من القوى الفلسطينية التي يفوق عددها ال 10 فصائل لا تصل نسبتهاال 20% لماذا؟ وعندما اخص الفصائل الاساسية فاعني بها شعبية، ديمقراطية وحزب الشعب، لماذا شعبيتها وجماهيريتها متدنية لهذه الدرجة؟ هل المشكلة بهذه القوى ام المشكلة بالجماهير؟ لو ان الجماهير ترى بهذه القوى بديلا عن فتح وحماس لما بقيت الحالة الفلسطينية هكذا.
على قوى اليسار ان تراجع مواقفها من علاقتها بالجماهير وعلاقتها بالازمة وكيف يمكن ان تتعاطى معها، وأن الابتعاد عن الجماهير وضعف برامج هذه القوى يقودها الى حالة من التفكك والتلاشي، وهذه هي المخاطر التي تواجه قوى اليسار بالوقت الحاضر.
ان ايجاد البديل للوضع القائم هو ان تضع قوى اليسار الفلسطيني كل امكانياتها وقدراتها وكوادرها واعضائها من اجل اقامة افضل العلاقات الجماهيرية التي بمحصلتها تلبي احتياجات قطاعات شعبنا وبالتالي تمكنها من الحفاظ على كرامتها الوطنية من اجل حماية المشروع الوطني الفلسطيني من التبديد والضياع، وتوفير مقومات الصمود لشعبنا، وهذه بحاجة الى قرارات تضع هذه القوى امام كافة التحديات التي تواجهها، مزيد من الانخراط بالجماهير، ومعرفة همومها اليومية والحياتية، والبحث عن حلول واقعية وبطريقة جماعية تساهم بمزيد من الترابط والتكاتف المجتمعي، حيث يعمل الكيان الصهيوني الى رفع حدة التناقضات الداخلية بالمجتمع الفلسطيني التي تهدد بتفككه، وهذا ترك سلبيات كبيرة وكثيرة على اداء الفصائل الفلسطينية، كذلك السياسة الخاطئة واستمرار الانقسام والتناقضات الداخلية تسرع من عملية الانهيار، وبالنهاية تقود الى تصفية القضية الفلسطينية.
الفصائل اليسارية الفلسطينية لا امامها الا طرح البديل لحالة الانقسام بالساحة الفلسطينية من خلال الالتحام بالجماهير، ووضع الحلول الواقعية لمشاكلهم وقضاياهم الوطنية، وان الكوادر الواعية والمخلصة التي تتمكن من بناء افضل العلاقات مع الجماهير يجب ان تكون من اولويات مهمات هذه القوى، واما غير ذلك فان هذه القوى تبقى رهينة موقف طرفي الانقسام وجماهيريتهما تبقى بانحسار بما يهدد مستقبلهما وينذر باندثارهم، فهل قوى اليسار ستعيد حساباتها من اجل بناء افضل العلاقات مع الجماهير الفلسطينية بما يلبي المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني؟ وهل قوى اليسار ستتمكن من بناء الكادر الواعي المثقف القادر على فهم المجتمع الفلسطيني وفهم تناقضاته ومعالجة قضاياه؟ فالقوى الفلسطينية مطالبة بمراجعة مواقفها من العلاقة مع الجماهير اذا رأت انها يجب ان تستمر.
جادالله صفا – البرازيل
13/02/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت