"مصر في عيون العريفي.. رؤية وتحليل" هو عنوان الكتاب الجديد للكاتب والباحث طارق أبو هشيمة، والذي حاول من خلاله توضيح القيمة التاريخية والحضارية لمصر وكذا القيمة الثقافية والسياسية من خلال ما طرحه العريفي من معلومات تاريخية عن مصر في خطبته عن "فضائل مصر" والتي ألقاها في جامع عمرو بن العاص بقاهرة المعز لدين الله الفاطمي.
بدأ الكاتب كتابه بتوثيق دقيق وعرض لخطبتي الشيخ العريفي اللتين ألقاهما بالسعودية ومصر مؤكدًا أن الباعث على تسجيل تلك المعلومات القيمة التي جاءت في هاتين الخطبتين هو حرصه الشديد على معرفة أبناء مصر هذه القيمة العظيمة لمصر وتاريخها، وأيضًا لتكون نموذجًا لمن يدرسون التاريخ، مبينًا أن كل ما جاء في هذه الخطبة يتفق وشعار الثورة (ارفع راسك فوق أنت مصر).
انتقل الكاتب بعد ذلك ليعقب على ما جاء في الخطبتين من خلال قراءة تحليلية دقيقة، واستخلاص أهم ما جاء بهما وربطه بما يحدث على أرض الواقع، ودلل على ذلك بمجموعة من البراهين، حيث استشهد على قوة المرأة المصرية ووقوفها أمام الظلم بقصة ماشطة ابنة فرعون التي لم يثنيها سقوط أبنائها في النار واحدًا تلو الآخر عن الإيمان بالله وكيف أنها وقفت ضد الظلم وضد سلطان ظالم لتقول له لا، هي نفس المرأة التي وقفت في التحرير في الأيام الأولى من يناير وسط الرصاص الحي والخرطوش والدهس بالمصفحات والمدرعات لتقول للحاكم الظلم (ارحل)، مؤكدًا أن جينات الشجاعة والصدع بالحق هذه انتقلت عبر السنين إلى أجيال متعاقبة في المرأة المصرية.
وأكد أبو هشيمة على أن من أهم النقاط الإيجابية التي توقف عندها العريفي هي الدعوة إلى الوحدة بين أبناء الوطن الواحد، خصوصًا في وقت يعاني منه الشارع المصري حالة من الانقسام والفرقة للدرجة التي جعلت الشعب ينقسم إلى معسكرين، وظهور حالة من التخوين والاتهام بالعمالة للدرجة التي جعلت البعض ينحاز لأعداء الثورة للغلبة على الآخر، وأكد الكاتب على أن الانقسام هو العدو الأول للمصريين، وأن الثورة لم تكن لتنجح لولا أن توحد الشعب المصري وقتها ووقف صفًّا واحدًا، لذلك عمل أعداء الثورة على بث الفرقة بين الشعب من أجل إفشال مصر الثورة، لذلك تركيز العريفي على هذه النقطة كان شديد الأهمية في وقت عم في الانقسام بين شركاء الوطن.
تطرق الكاتب إلى العديد من النقاط وألقى عليها الضوء أيضًا منها قيمة الدعوة إلى المستثمرين في هذا التوقيت، ودور مصر المعطاءة على مدار تاريخها بدأ من أيام يوسف عليه السلام وإلى الآن، وأشار الكاتب إلى الطيور المهاجرة من خيرة علماء مصر بالخارج، وطالب بتهيئة الجو لعودتهم للمشاركة في بناء الوطن، ووقف الكاتب على العديد من فضائل مصر وكيف اختصها الله بهذا الثناء العظيم، ولم ينس الكاتب أن يتوقف عند طبيعة أرض مصر وخيراتها وكيف أنها بعيدة كل البعد عن ما يطلق عليه البعض المجاعة أو ثورة الجياع، لما اختصها به الله تعالى من خيرات عظيمة.
اعتبر الكاتب تناول الخطبة لملف الوحدة بين المصريين بطرفيها المسلم والمسيحي كان غاية في الأهمية، وكيف أن التاريخ أثبت هذه العلاقة الرائعة بين طرفي الأمة، وأن مفهوم الفتنة مرفوض على المستوى الشعبي، ولم يكن يستخدمه إلا الأنظمة الفاسدة لتحقيق مكاسب سياسية، وصرف نظر الشعب عن جرائمهم وفسادهم.
انتقل الكاتب إلى جزئية أخرى في الكتاب من خلال رصد كل ردود الأفعال التي اتفقت مع الخطبة أو اختلفت معها، كذلك أيضًا ردود الأفعال حول شخص العريفي، وحول سرقة موضوع الخطبة، وقام الكاتب بتحليلها من خلال وجهة نظر محايدة، من أجل أن يوضح للقارئ وجهة المؤيد والمعارض دون انحياز، بمعنى آخر قرأ ما هو مكتوب خلف السطور لكل رأي ورد في الموضوع من المؤيدين والمعارضين.
حلل أبو هشيمة أيضًا وجهة نظر القوى والأحزاب السياسية حول الخطبة ما اتفق معها وما لم يتفق، ولم ينس أيضًا أن يسجل ردود الشارع المصري حولها وكيف استقبلها الشارع المصري، خصوصًا بعدما ضج في الآونة الأخيرة من الدعاة والخطاب الديني المليء بالشحن والتخوين واتهام الآخر بالخيانة والعمالة للدرجة التي قد تصل في بعض الأحيان إلى السب والقذف.
لم تغب أيضًا عن الكتاب ردود أفعال رواد الشبكات الاجتماعية من الفيس بوك وتويتر ويوتيوب، بل رصدها الكاتب في كتابه وصنفها بين مؤيد ومعارض، وكذلك آراء علماء الدين الذين رأوا أنها جاءت في وقت مناسب أو من هاجمها وقال إنها لا تستحق كل هذه الحفاوة.
حاول الكاتب أن يقدم الموضوع من كافة جوانبه بحيث يصبح أمام القارئ النص الأصلي للخطبة وتحليل الكاتب لكل ما ورد فيها علاوة على ردود الأفعال التي جاءت حول الموضوع.
على حسن السعدنى
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت