أمس لم أنم جيداً كنت قلقاً في نومي لا لسبب ، ربما حالة نفسية وربما التعب والإجهاد منعني من أن أحظى بقسط من الراحة والنوم .أتذكر أن محاولتي للنوم بدأت على أنغام أغنية عبد الحليم " إلي شبكنا يخلصنا يا حبيبي" وما أن اقتربت الأغنية أن تبدأ استغرقت في النوم حتى أيقظني الأرق مرة أخري من الحلم الجميل .فبعد عناء عدت إلى النوم مرة أخري ، ليراودني حلم جديد، رأيت مجموعة من الناس مجتمعة فسألتهم عن السبب ، فأخبروني أن اجتماعهم "لمصالحة" بين قبيلتين يتناحر أفرادها دون سبب شاهدت من بين الأشخاص "متولي ومرعي وزرعي وبرعي" ودخل عليهم "معيط ونطاط الحيط" ، كانت وجوههم تدل على الطيبة وعلى التسامح ، للمرة الأولى رأيت الرأفة والمودة بينهم مجسدة ، والشهامة والجيرة ناطقة ومتكلمة ، رأيت في حلمي صدقهم وطيبة أصلهم ، في تلك اللحظة تجسد لي واقع الخبث واللؤم المرير بغمام أسود أفزعني وأجبرني على الاستيقاظ .
وقتها غيرت موجات الراديو إذا بصوت الست ام كلثوم كانت تردد " عايزنا نرجع زي زمان قول للزمان ارجع يا زمان " .تقلبت علي الجنبين وأجبرت نفسي علي النوم وأغمضت عيوني وتشبثت بقشة النوم ، وحلمت حلم أخر .
رأيت في حلمي كل الأخطاء المتعاقبة من سيارة أخر موديل إلى بلديات مستحدثة إلى خصخصة ، كان هناك مشاريع لم أميزها فلم يكن لها لا طعم ولا حلاوه ولا شكل ولا لون وكانت هناك ملفات للخرجين لا عدد ولا حصر لها ، وأموال لا طائل لها كانت الرياح تلعب فيها وتشتتها هنا وهناك ، ورأيت شاب لا يتجاوز العشرينات من عمرة يتحدث بالملاين وشاهدت سائق التاكسي الذي كان يقلني إلي السوق يقف علي المفترقات ينظم السير وشاهدت في حلمي الشخص الذي كان يقل عربة كارلو ليبيع عليها الحليب يركب سيارة أخر موديل ويحمل مبايل الآيفون5 ووجدت حفر كثيرة يخرج منها ذهب وجدت نفسي بين حجري رحى ضخمة ، وأصوات تنادي ، حقك علينا يا مواطن سامحنا ضيعناك . ضيعناك يا.... محترم ... وفي اللحظة التي دارت الرحى وبدأت بالطحن استيقظت من النوم مفزعاً عندها استيقظت على صوت الست ام كلثوم مرة أخري وهي تردد " تفيد بأيه يا ندم يا ندم وتعمل إيه " .بصراحة بعدها قررت أن أبقى مستيقظاً طوال الليل ، فقد كان خوفي أن أنام من جديد وأحلم حلما أخراً من جديد ، واستيقظ مفزوعاً من جديد ، وتكون الست وقتها تردد " فات المعاد " .أو أقوم بتغير موجات الراديو فيردد عبد الحليم " إلي شبكنا يخلصنا يا حبيبي"
د.هشام صدقي ابويونس
كاتب وباحث في الاقتصاد والفكر السياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت