فكلما أرتفعت موازنة قطاع التعليم وحقق الرضا الوظيفي في القطاعات المختلفة زادت نسبة الأبداع والإقبال على التعليم والتعلم، ولعل الدول العربية تحتل ميزانياتها الدرجات المتدنية على قطاع التعليم مقارنة بالعالم المتقدم فرغم غنى الموارد إلا أنها تذهب في أكثرها للإستثمارات والمشاريع الإقتصادية التي تنمي الدول بصورة وهمية وبطيئة إقتصاديا وإجتماعيا .
ومن المؤسف أن تكون دولة الإحتلال الصهيوني تنفق نسبة تصل إلى ( 8% ) على قطاع التعليم والبحث العلمي باعتبار ذلك أساسياً في صراع وجودها في منطقة الشرق الأوسط .
المعلمون يكافحون ...
يكافح المعلمين في قطاع التعليم المدرسي منذ فترة زمنية ليست بقليلة من أجل تحقيق مطالبهم المشروعه في تحسين أوضاعهم المالية والوظيفية وخاصة بما يتعلق بانتظام الحصول على الراتب الشهري دون تأخيره أو الإقتطاع منه ليعطي على مراحل زمنية تحددها الحكومة ووزارة المالية، وازدادت الفعاليات منذ أن أعلنت الحكومة عن عجز ميزانيتها السنوية وحالة التقشف التي ستمارسها على جميع القطاعات الحكومية وما على الموظفين إلا أن يتعاونوا ويصبروا لحين تعدى تلك الأزمة المالية .
صمت المعلمون الحكومين كما غيرهم من باقي الموظفين الحكومين في البداية على أمل الفرج القريب وانتظار الأمل الموعود لكن ليس في الأفق بوادر لصورة واضحة عما سيكون لهم وما هناك من مجيب لنداءاتهم المستمرة مما دعي نقابة المعلمين بإعلان الخطة المتدرجة نحو الإضراب المستمر لأجل تحقيق المطالب .
ومع أن قطاع التعليم والمعلمين يجب إعتبارهم من أولى الفئات الحكومية كما الصحية أيضاً التي يجب عدم التقصير في حقوقها ودعم دورها في بناء المجتمع وتطويره كدور ضروري وحيوي ويعتمد عليه مستقبل الأجيال، إلا أن تلك الإضرابات تتزايد كل يوم وبدأت تترك أثرها السلبي على المسيرة التعليمة واكتساب الطلبة للمعلومات حسب الخطة السنوية لهذا العام وخاصة في ظل التصعيد المستمر للإضراب .
الطلاب هم الضحية !!
إن من يدفع الثمن الأكبر من وراء هذه السياسات والصراعات هم طلبة المدارس الذي أَمّنوا على أعمارهم وأوقاتهم بين يدي الحكومة والمعلمين ليقدموا لهم كل مجهود من أجل إكسابهم المعرفة والمهارات التربوية، كما وضع الأهالي كل ثقتهم بهذه الجهات المسئولة عن صناعة أبنائهم ومستقبلهم دون أن تضيع أوقات من أعمارهم لا يطلبون فيها العلم ولا يتعلمون كون العلم حق أساسي لجميع المواطنين نصت عليه جميع القوانين والدساتير الدولية والمحلية ولا يجوز حرمان أي إنسان من حق التعليم والتعلم .
وفي ظل ظروف الإضرابات الحالية المتكررة والمتصاعدة للمعلمين، وفي ظل عناد الحكومة وعدم التجاوب السريع مع المطالب المشروعة لهم يبقى طلبتنا يحتضنون فرش الأسرة في ساعات نوم طويل يُنسيهم ما تعلموه في مدارسهم، ويعانون الإضطراب وعدم القدرة على التنظيم لحياتهم المدرسية وضياع أوقاتهم في اللعب واللهو وسرور الكثير منهم بتعطل المدارس وعدم والإلتزام في قوانينها وأوقاتها ووظائفها التعليمية .
إن هؤلاء الطلبة هم المستقبل القادم لبناء مجتمعنا ومؤسساتنا وهم من يُعول عليهم ليغيروا الكثير من الأوضاع نحو التطور والتقدم الحضاري والصناعي وجعل دولة " فلسطين " بين مقدمة الدول المنتجة والمتقدمة في عطائها للبشرية، وهم من يصنعون الحضارة والثقافة القادمة بما يكتسبون من مفاهيم علمية وتربوية وأخلاقية وبما يشاهدون من ممارسات حول بيئتهم المحيطة بهم ، فأي تقصير أو إهمال في هذه الفئية العمرية الممتدة ما بين ( 6-19 ) وهي أهم مراحل تكوين الشخصية الإنسانية وبنائها وتفعيلها نحو الحياة سوف ينعكس على شخصياتهم المستقبلية وعلى مستقبل المجتمع ومؤسساته ككل .
فعلى المسئولين في الحكومة أن يراعوا حق المواطن الفلسطيني في نيل حقوقه سواء كان على مستوى الموظفين في الوظيفة العمومية وبالذات المعلمين أو حق الطلبة في الحصول على التعليم المستمر والمتقدم وحق الأهالي في نيل أبنائهم وتربيتهم في مدارس متطورة ودائمة التواصل معهم ومع الطلبة .
آمال أبو خديجة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت