محمود عباس على نقيض محمود الزهار

بقلم: فايز أبو شمالة


هل الشعب الفلسطيني مع المقاومة وضد التفريط، أم مع استئناف المفاوضات العبثية؟
سأجيب على السؤال مستشهداً بأقوال أربع شخصيات فلسطينية سياسية معروفة، تمثل مفارق الوعي الفلسطيني، وجميعها تحمل اسم محمود.
أولاً: القيادي محمود العالول، الذي قال يوم أمس: إن حركة فتح لم تتخل عن الكفاح المسلح كحق مشروع، وقد تم تثبيت ذلك في المؤتمر العام السادس الذي انعقد في بيت لحم.
معنى ذلك أن الرجل يتباهى بالمقاومة، وإن كان حديثه لا يعكس الحقيقة القائمة على الأرض، فالموقف يمثل الأمنية الفلسطينية التي تتشبث بالمقاومة، ولا ترى من دونها كاشف.
ثانياً: ما يمارسه القيادي محمود الزهار عملياً من مقاومة مسلحة، ثم ما يردده ليل نهار؛ بأن لا وجود لنا على وجه الأرض إن اعترفنا بوجود هذا الكيان، والحرب بيننا وبينهم إلى يوم الدين.
معنى ذلك أن الرجل يستعد للمواجهة، ويعكس الواقع الفلسطيني المقاوم.
ثالثاً: محمود درويش، الذي خاطب اليهودي الغاصب قائلاً له: سلم على بيتنا يا غريب، فناجين قهوتنا لا تزال على حالها، هل تشم أصابعنا فوقها ؟.
الشاعر يمثل الوجدان الفلسطيني الذي لا يرى باليهودي إلا غريباً عن هذه الديار.
إن الرجال الثلاثة الذين يحملون اسم محمود يمثلون 75% من محمود الشعب الفلسطيني تقريباً، بينما السيد محمود عباس لا يمثل 25% حين يقول: من حقي رؤية مدينة صفد، وزيارتها مثل السائحين، وليس من حقي العيش فيها، وحين يقول: لن أسمح بأي مقاومة، أو انتفاضة ضد المستوطنين اليهود طالما بقيت على قيد كرسي الرئاسة.
سابقاً كتبت مقالاً تحت عنوان "بين محمود ومحمود محمود درويس" قلت فيه:
في فلسطين ألاف الأشخاص الذين يحملون اسم "محمود" ولكن الأبرز محمود عباس ومحمود الزهار ومحمود العالول والشاعر محمود درويش.
وقبل التطرق للاسم محمود، واختلاف دلالته من شخص لآخر، لا بد من الإشارة إلى أن الحب يكبر بمقدار التضحية، وأن الحب يموت إذ خضع للمقاييس المادية، هذه البديهية تؤكد أن الأم التي أعطت عمرها لأطفالها، ورعتهم صبياناً، وحمتهم شباباً، تحبهم إلى حد الغيرة عليهم من النساء الأخريات، ويعرف الجميع أن للحب سطوة، وأن للحبيب بريقاً، وأن العقل ينساق برضا خلف نبض الروح، ويذوب في هوى المحبوب، وكلما طال زمن الحب كلما تعمق في الوجدان، وكلما كان الفداء للمحبوب عظيماً كلما غلا بالقيمة الروحية والمادية.
بمقاييس التضحية يمكننا التفريق بين حبيب أعطى فتاته، وكان وفياً لها، وبين شخص يدعي الحب للتغطية على مطامعه في اعتلاء ظهر اللحظة، ليقطف من فتاته مفاتنها، وهنا يجب التفريق بين فتاة ضحت بالأشياء كلها من أجل حبيبيها، وفتاة تقيس العلاقة مع الآخر وفق حسابات مادية، متناسية أن الحب أرقى شعور إنساني يجمع بين قلبين.
لقد انتبهت لمعاني التضحية وأنا أقرا مقالاً منشوراً على موقع المستقبل العربي للكاتب شاكر الجوهري، حين أشار الرجل إلى تضحية محمود الزهار باثنين من أبنائه، وأشار إلى إصابة زوجته، وإلى استهدافه شخصياً، وانعكاس كل ذلك على انتماء الرجل. لقد انتبهت إلى هذا المنطق الذي يعزز الولاء لفلسطين، ويؤكد أن الوطن الذي شرب دماء أحد أبناء عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمود العلول قد صار أغلى بمقدار الدم الذي انسكب من فؤاد ولده، بينما الوطن قد صار أرخص عند محمود عباس بمقدار المنافع التي انصبت في جيب ولده.
إن كل فلسطيني ضحي بولده هو محمود العالول، وكل فلسطيني اكتوى بنار اليهود هو محمود الزهار ، ويحمل في داخله حقداً على دولة الصهاينة لا يحمله محمود عباس، وسيخجل من ضحى حين يضع يده في يد القاتل الإسرائيلي، بينما محمود عباس لا يرى غضاضة في أن يعانق الإسرائيليين، ويستقبلهم، ويمزح معهم، ويعدهم بالأمن والأمان.
وحتى لا يقال أنني تحيزت في مقالي لصالح محمود العالول ومحمود الزهار ضد محمود عباس، سأشير هنا إلى الشاعر الكبير محمود درويش الذي انحاز من قبل إلى جانب محمود الزهار، ووقف ضد محمود عباس، حين قال شعراً: خذوا أرض أمي بالسيف، لكنني لن أوقع باسمي على بيع شبرٍ من الشوك حول حقول الذرة.
ولم يوقع محمود درويش باسمه على بيع شبر من فلسطين، ولن يوقع محمود الزهار باسمه، ولن يوقع محمود العالول باسمه، بينما وقع محمود عباس باسمه الشخصي، وباسم منظمة التحرير الفلسطينية على بيع ما مقداره 78% من أرض فلسطين، حين اعترف بدولة اسمها "إسرائيل" وحين اعترف بحق اليهود التاريخي والديني بهذه الدولة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت