أوباما قادم إلى المنطقة ، لكنه لا يحمل في جعبته هدايا إلينا ، فأوباما الماضي هو أوباما المستقبل ، وأوباما المستقبل هو الولايات المتحدة الأمريكية بماضيها وحاضرها ومستقبلها ، هي رأس الأفعى التي تنفث سمومها في المنطقة العربية ، وما اعتادت إلا على ذلك ، ولا تجيد إلا ذلك ، فأوباما الأمريكي المخلص للبيت الأبيض كان قد أشبعنا قبل أربع سنوات طبلاً وزمراً ، فرقص له أصحاب الحكم في بلاد العرب ، فكان ربيعاً لا ينبت ورقاً أخضراً على أشجارنا العارية ، فلماذا يعيد الحاكم العربي الرقص في حلبة أوباما ، وقد تبين للجميع بأنّ أوباما لا يملك سوى معسول الكلام ، وهو لا يمكن أن يخرج عن السياسة الأمريكية في المنطقة العربية ، فهو ليس الراسم الوحيد للسياسة الأمريكية في المنطقة العربية ، بل هو شاغل البيت الأبيض ومنفذٌ لسياسة أمريكية واضحة كل الوضوح ، فتعليق الآمال على زيارة أوباما للمنطقة العربية هو دليل ضعف عربي يريد التعلق بقشة أمريكية لإنقاذه من مستنقع ذله وهوانه ، فكم خيّب أوباما آمالكم أيها العرب في خطبه قبل أربع سنوات ، فهل ما زلتم مقتنعون بأنه يحمل لكم ترياقاً تنقذون به أنفسكم مما أنتم فيه ؟
أوباما قادم إلى أرض فلسطين المحتلة بعد أن رفض مشروع عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة ، رفضه في مجلس الأمن عندما مارس ضغوطه على أعضاء مجلس الأمن بعدم التصويت لصالح المشروع ، وكذلك رفضه لمشروع العضو المراقب لدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، و تهديداته المتواصلة للجانب الفلسطيني فيما إذا تقدم خطوة نحو أبواب المنظمات الدولية ، وأوباما القادم إلى أرض فلسطين هو من يدعم الاستيطان الصهيوني في أنحاء فلسطين وخاصة في مدينة القدس ، فهل يمكن أن نقبل أوباما ضيفاً علينا في رام الله ؟
أوباما قادم إلى المنطقة في رحلة علاقات عامة وليس أكثر ، وربما ليرى عن قرب نتائج الخريف العربي على المنطقة العربية ، هذا الخريف العربي الذي أسقط كل أوراق التوت عن كل العرب ليفضح حقيقة ذلهم وهوانهم أمام العالم أجمع ، وأوباما يعرف جيداً بأنه لا يوجد ربيع عربي يزهر وروداً جديدة في المنطقة العربية ، فلذلك هو قادم ليشم رائحة الدّم العربي المسفوح على الأرض ، وليشرب نخب السقوط العربي والدمار العربي والعودة بالعربي إلى بداية الحياة ، وسيقف أوباما على جبال عمان ليطل منها على بلاد العرب شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً ويرى ما لا يراه العرب ، حيث يرى بعضهم ربيعاً مزيفاً ، على أنّ أوباما يرى من جبال عمان خريفاً عربياً لن يأتيه الربيع إلا بعد عشرات السنيين ، فهل نقول لأوباما أهلا وسهلاً بك على أرضنا ؟
أوباما قادم إلى المنطقة ، المنطقة العربية ، وإلى فلسطين المحتلة عام 1948 ، وإلى فلسطين المحتلة عام 1967 ، فهل نعي حقيقة هذه الزيارة ، وهل نحن قادرون أن نقول لأوباما بأنّ زيارتكم لن تغني ولن تسمن من جوع ، ومهما كانت تصريحاتكم دبلوماسية فهي ستذهب عبر وسائل الإعلام لتستقر على قنواته الفضائية وصفحاته الصفراء ، وأنتم يا أيها الأوباما لستم مهيئين لأن تكونوا عامل استقرار في المنطقة ، بقدر ما أنتم عامل توتر وتخريب في المنطقة العربية .
أوباما قادم إلى المنطقة ، ولكنّ قدومكم غير مرّحبٍ به من قبل كل الشعب العربي لأنكم أعداء هذا الشعب العربي ، ومهما كانت عصاكم غليظة ، فإنّ قدرة جماهير الشعب العربي على الصبر والاحتمال أغلظ وأشدّ من عصاكم ، ومهما كانت قدرتكم على القهر كبيرة ، فإنّ العنقاء العربية ستخرج يوماً من تحت الرّماد لتصنع ربيعاً عربياً حقيقياً ، فلا مرحباً بكم في المنطقة العربية .
حمص في23/2/2013 صلاح صبحية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت