أمن وسلام المجتمع في الإسلام إنما هو بإيمانه بالله عز وجل ، وإسلامه طاعته لرسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو كذلك محفوظ بما استقر في فطرة النفس البشرية الطيبة من حقائق عن الكون والإنسان والحياة ، وهذه الحقائق من صميم الفطرة ، وتولد وتوجد مع الناس حيث ولدوا ووجدوا في كل زمانٍ ومكان ما لم يرتكسوا في حمأة الرذيلة ومستنقع الخباثة ، والسلام والأمن المجتمعي هدفٌ يسعى إليه كل العقلاء في أي زمانٍ وأي مكان ، ولا صلاح للمجتمعات ومنها مجتمع الإسلام إلا بتحقيق السلم والأمن، وهو الأمر الذي شرعه الإسلام لإبقاء ولإنقاء العلاقات بين الناس على اختلافهم في دينٍ أو عرقٍ أولون أو منزلة وجاهٍ ، ولذلك أقام الأمن والسلم في المجتمع والأمة محصناً بالعبودية الخالصة لله عز وجل عقيدةً وعبادةً ومنهاج سلوك ومعاملة ، كل ذلك قائمٌ على العدل والمساواة بين الناس دون الالتفات إلى لون أو عرق أو جاه أو غيره لاستقامة حياتهم الدنيا ، وصلاح حياتهم الأخرى ، وأيد ذلك بمؤيداتٍ عظيمةٍ أعلاها الوحي المنزلُ على النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وكذلك بما ركز في الفطرة مسلمات من الأخلاق والإقرار بكرم كريمها ولؤم لئيمها ، لا يختلف أحد من الناس - مسلمهم وغير المسلم- على كرم الكريم منها ولا على لؤم اللئيم ، ومن ذلك الصدق ، فالصدق هو أساس محاسن الأخلاق ، وهو محمود ومطلوبٌ في كل الشرائع والأديان ، عند المسلمين وغيرهم ، وكذا السخاء ُوالوفاءُ والستر وغيرها كالعفو عند المقدرة والمحاماة عن الضعفاء والمساكين والعطف عليهم ، وأما الكذب فهو أساس الأخلاق السيئة ، وهو مذمومٌ ومقبوحٌ في كل الشرائع والأديان ، عند المسلمين وغيرهم ،وكذا البخلُ والغدرُ والغلظة والجفاء وتتبع العورات والفواحش.
أيها المؤمنون ، يا عباد الله : الإيمان بالأمن والإسلام بالسلم ونحن بالجماعة، ومن هنا كان الخطاب من الله تعالى ومن أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام وخاتمهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم مذكراً للناس أجمعين بهذا الذي جبل الله عزوجل عليه النفوس البشرية لأنه أدعى إلى قبول العظة والعمل بهدايتها ، والتسليم بما اشتمل عليه التوجيه الحكيم من الأمر الكريم .فقد قال الله تعالى مخاطباً الناس جميعاَ ، مسلمهم وكافرهم :{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } النساء1 .
وفي قوله :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ }تذكير بالعبودية الخالصة لله تعالى، وفي قوله : { الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء } تذكير بالأصل الجامع للناس فكلهم أبناء آدم وحواء فهم إخوة بعضهم لبعض ، وهذا يقتضي الشعور بالمساواة والعدل بينهم ، ثم ختم الله تعالى بقوله :{ وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ليقرر هذا المعنى ولتتأكد هذه الحقيقة حقيقة العبودية لله تعالى في الواقع الاجتماعي ، ولتتحول إلى سلوك وعمل وخلق يومي بين الناس ، يؤدي إلى استقرار المجتمع ورسوخه ، الذي تحرسه كذلك منظومة الأخلاق المركوزة في النفس البشرية بغض النظر عن تنوع الناس وتعدد مشاربهم ، والاختلافات بينهم .
عباد الله ، أيها المسلمون :وهذا يتضح في التوجيه النبوي الكريم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في المسند قال:حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ :
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى ، أَبَلَّغْتُ ؟ " . قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : " أَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ " .قَالُوا : يَوْمٌ حَرَامٌ . ثُمَّ قَالَ: " أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ ". قَالُوا : شَهْرٌ حَرَامٌ . قَالَ ثُمَّ قَالَ : " أَيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟ ".قَالُوا : بَلَدٌ حَرَامٌ . قَالَ : " فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ : وَلَا أَدْرِي قَالَ : أَوْ أَعْرَاضَكُمْ أَمْ لَا - كحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، أَبَلَّغْتُ ؟ " .قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .قَالَ : " لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ " .
* فكان الأمر بالجماعة ، وقد روى الدارمي في سننه قال : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ حَدَّثَنِى صَفْوَانُ بْنُ رُسْتُمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ قَالَ : تَطَاوَلَ النَّاسُ فِى الْبِنَاءِ فِى زَمَنِ عُمَرَ ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا مَعْشَرَ الْعُرَيْبِ الأَرْضَ الأَرْضَ ، إِنَّهُ لاَ إِسْلاَمَ إِلاَّ بِجَمَاعَةٍ ، وَلاَ جَمَاعَةَ إِلاَّ بِإِمَارَةٍ ، وَلاَ إِمَارَةَ إِلاَّ بِطَاعَةٍ ، فَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ عَلَى الْفَقْهِ كَانَ حَيَاةً لَهُ وَلَهُمْ ، وَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ عَلَى غَيْرِ فِقْهٍ كَانَ هَلاَكاً لَهُ وَلَهُمْ ) اهـ.
وفي مسند الإمام أحمد وهو حسنٌ لغيره ، قال أحمد : حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ كَذِئْبِ الْغَنَمِ يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ " .
* وكان الأمر بالتعاون والتطاوع وعدم التنازع، قال الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة:{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(2)}.
*وكان الأمر بالرجوع إلى السنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين عند الاختلاف ، فقد تركنا النبي صلى الله عليه وسلم على السُّنَّةِ الغَرَّاء ، والسبيل الجلية كالشمس في كبد السماء ، و قطع بذلك حجة أهل الرَّيْبِ والرِّيَب ؛ وانجلت الغشاوة وانكشف البهتان عن أهله ؛ فلم يبق لهم في إضلال المسلمين بتسعير الخصومة وتوتير الشعور عند الاختلاف مولج ، روى الإمامُ أحمدُ في المسند عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :( وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ , فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟!.. قَالَ : " قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا ، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ ")أهـ.
والمعنى أن المؤمن شديد الانقياد لله تعالى في كتابه العزيز ولمن جاءنا به رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة فهي وحي من الله سبحانه ، ولما تبين من دلائل وأحكام الشرع والدين كما ينقاد الجمل المأنوف لمن قاده فأقامه وركبه أو أناخه حتى ولو كان صبياً صغيراً .
وهذه حقيقة الاعتصام بحبل الله جميعا ، وعدم التفرق فيما قال سبحانه في سورة آل عمران: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) }.
أيها المسلمون:لنا في أهل مكة والعرب من حولهم عبرة ، كانوا مشركين يعبدون الأصنام ، ويغير بعضهم على بعض ، فهذا عمران بن الحصين يحدثنا عن والده رضي الله عنهما فيما روى الإمام الترمذي في السنن قال : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي : " يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا ؟! " قَالَ أَبِي: سَبْعَةً سِتَّةً فِي الْأَرْضِ وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ ،قَالَ : " فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ " ، قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاءِ . قَالَ : " يَا حُصَيْنُ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ " قَالَ فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِيَ الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي فَقَالَ : "قُلْ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي " .
وقد حقق الله لقريش الأمن والسلم بعد الخوف والعداوات فيما بينهم ، قال الله تعالى : {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) } .
فالله وحده هو المستحق للعبادة – سبحانه- لأنه هو الذي خلقهم ، وهو الذي أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوف ، وهاتان النعمتان العظيمتان نعمة الغذاء ونعمة الأمن هما من أعظم النعم على العباد ، وكلُّ واحدةٍ منهما مرتبطةٌ بالأخرى ؛ فلا غذاء بلا أمن ، ولا أمن كذلك بلا غذاء .. ولهذا من استجاب لهذا الأمر جَمَع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة، ومن عصاه سلبهما منه، كما قال تعالى في سورة النحل: { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }.
إخوة الإسلام ، وأتباع النبي عليه الصلاة والسلام : فلنتق ونصبر ، الصبر الصبر مع الصلاة ليكون الله معنا ، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } البقرة153 ، والواجب علينا ونحن في هذه الحال أن ننطق ونعمل بما اقتضاه العدل والإنصاف ، بعيداً عن مهاوي الظلم والإجحاف ، فنقوم في أنفسنا والناس بحق ما أمر الله به ، وكذلك بحق ما نهى عنه ، فقد مضت سنة الله في الأمم الخاليات ، والقرون السالفات ، ونحن نراها في الناس من حولنا آياتٍ تكاد تنطق باللسان الفصيح ، وتجيب من سأل الجواب الفصيح ، وتبين ما استبهم البيان الصريح ، فلنتعظ ولنعتبر ، ولنكن كما أمرنا الله عز وجل ، على الصراط المستقيم ، والسنة والقرآن العظيم ، سبيل السلف الصالحين ، ومن عمل بإحسانٍ من الخلف المتبعين ، ولنجمع من أمورنا ما تفرق ، ولنصلح من شئوننا ما تمزق ، ولنتعاون على الخير والبر والتقوى ، لا على الإثم والعدوان ، ولنعمل جادين على إصلاح ذات بيننا ، وتوحيد كلمتنا وتوحيد صفنا على ما عليه السابقون ، ولنسلم ونستسلم إيماناً وإذعاناً للحق ، واعلموا أن الصلح هو أعظم الواجبات علينا ، وعلينا مع التمسك بالكتاب والسنة ونهج السلف الصالحين ، أن نتماسك فيما بيننا ، فليعلن المخطئ بتوبته ، فإن الأمر جدٌ وولاة الأمر جادون ، وليرجع الشارد عن الجماعة إلى كنفها ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الإثنين أبعد ، والثلاثة ركب ، ويد الله على الجماعة ، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
بقلم/الشــيخ ياســين الأســطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
بالمجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت