مقال الضفة لا تريد رصاصا في الهواء!

بقلم: محمد القيق


يعم الغضب في أنحاء فلسطين كلها بعد استشهاد أسير أو اقتحام أو هدم، وتصدر البيانات الشاجبة والمستنكرة وهذا الملل والروتين الذي تعيشه فئة اعتادت على العيش من دماء الشعب تحت حجة أنهم مسؤولون وقادة، ولا يعرف أحد منا حتى اللحظة من خولهم ليكونوا متحدثين باسم شعب ويطمسوا معاناته بحجة الدبلوماسية والحفاظ على استحقاق الدويلة الوهمية، غير أن أمرا سلبيا تجدد ليكون إضافة لا تخدم القضية الفلسطينية وهي ظاهرة إطلاق النار في الهواء في التشييع أو المطالبة بالحصول على الراتب أو العلاوات أو غير ذلك مما خلط أعمال المقاومة بأعمال الامتيازات الشخصية، فأصبح المواطن لا يفرق بين رصاصة أطلقت غضبا لاستشهاد أسير أو غضبا لخصم راتب أو إهمال حكومي، لذا لا تحتاج الضفة الغربية في ظل ما تعانيه لإطلاق الرصاص في الهواء.

القضية الفلسطينية من أحزاب متفرقة تعرضت للتهشيم والتشويه بسبب "طخيخة الأعراس" الذين لا يدركون أن ثمن تلك الرصاصات غال وأنها إذا استخدمت للغضب من الاحتلال فيجب أن تكون موجهة ضده لأن السماء لا تعيد تلك الرصاصة إلا على من أطلقها.

والضفة الغربية تحت وطأة الاحتلال وظلم القريب والبعيد والفشل السياسي والاقتصادي وانتظار "الدية" الصهيونية عن كل شهيد ليتم إعطاء الراتب تحتاج إلى انتفاضة واسعة تستخدم فيها تلك الرصاصات إن كانت تخرج بحرقة حزنا على الشهداء ورفضا للاستيطان ونصرة للمضربين عن الطعام، فحتما يجب أن تتوجه إلى الاحتلال لا إلى الهواء، لأن الشعب مل صوت الرصاص الذي يزعج ولا يفرح، يشوه ولا يمجد، يضر ولا ينفع، يفرغ الغضب ولا يستثمر في محله.

عقود طويلة من الزمن أطلق فيها مليارات الرصاصات في الهواء، فما عادت القدس ولا تحرر الأقصى، غير أن رصاصا صادقا أنتج مقاومة عز طهرت غزة وقصفت القدس وتلاحَق في الضفة لمنع مفعولها؛ يجب أن تكون مثالا يحتذى لمن يملك الرصاص والسلاح ولا يعرف وجهة الإطلاق.

الرصاص له تكلفة مالية ومعنوية وهيبة المقاوم الفلسطيني لها مكانة كبيرة، فالحفاظ عليها واجب على كل من يحمل السلاح ويجب تعزيز ثقافة أن إطلاق النار في الهواء لا يخدم القضية ولا يساهم في التحرير، بل هو دور سيء لأن جدوى القيام به منذ سنوات ليست إيجابية وثقافة يجب أن تزال حتى نصل لتحرير صادق، فالهواء انتفض ضد رصاصكم وقال إنه لا يريد "الطخطخة والتصفيق" !

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت