احتلال ...انقسام ...انتفاضة ..!

بقلم: هاني العقاد


تكبر الانتفاضة الشعبية يوما بعد يوم , وتكاد تصبح حالة يومية يندفع الفلسطينيين لخوضها من جديد , انتفاضة يلتحق بها الكبار قبل الصغار والاناث قبل الذكور والاطفال قبل الفتية واكاد اجزم ان الاطفال ينتفضوا قبل الجميع , ينتفض الفلسطينيين ليس لمجرد الانتفاض وانما لان اسرائيل مازالت تتعامل معهم وكأنهم لا شيء , مجرد مجموعات من البشر تعيش فقط ادني حق من الحقوق السياسية ولا الحقوق الاقتصادية ولا الادمية التي نصت عليها الشرائع الالهية و القوانين الدولية , ينتفض الصغير قبل الكبير والكبير قبل الشاب اليافع لان كل الطرق امامهم مغلقة ولم يعد امامهم أي خيار سوي هذه الانتفاضة التي يعتبر الحل الشامل لكل مشاكل الفلسطينيين بما فيهم الانقسام الذي تاهت فيه الحكومات العربية ولم تعد تعرف كيف يتم جمع الشمل الفلسطيني الواحد , واخذت وقتا اطول من مسيرة قرن من الزمان .
لم تشتعل محافظات الضفة الغربية بعد بالشكل الذي نقول عنه انها انتفاضة شاملة لكن تتقدم الجماهير الفلسطينية نحو فكرة الانتفاضة وبالتالي تكبر الانتفاضة الشعبية يوما بعد يوم وحدث بعد الاخر دون اذن من احد, فاستشهاد الاسير عرفات جردات ساهم بشكل كبير في رفع درجة الاحباط السياسي بين الفلسطينيين وقتل حجم كبير من الامل لدي الكثير من العوائل الفلسطينية بأن يُحرر ابنائها من المعتقلات الصهيونية وبالتالي تنتهى معاناتهم , وعندما نتحدث عن الاحباط السياسي نقول ان الفلسطينيين بالفعل وصلوا الى مرحلة احباط مركب لكن لم يصلوا بعد الى مرحلة اليأس البالغ التعقيد وان تراكم الاحباط سيصبح حالة يأس خطير , فقد احبط الفلسطينيين مرتين مرة من افاق عملية سلام تفضي الى حل شامل وعادل يمكن للفلسطينيين من العيش في دولة تنموا وتكبر كباقي دول العالم وبالتالي يتمتع الفلسطينيين بالحقوق السياسية التي تجعل منهم امة لها مستقبل سياسي مبني على حق تقرير المصير , الاحباط السياسي الذي هو سببه اسرائيل وسياستها المتطرفة ولد الكثير من الاسئلة في عقول الفلسطينيين اولها , هل هم شعب من حقه الطموح في وطن مستقر وامن ؟ وهل يعيش الفلسطينيين في سلطة تتقدم نحو تحقيق متطلبات الحياة العصرية لمواطنيها دون فيتو اسرائيلي , وهل الحصار الإسرائيلي لمحفظاتهم سيبقي للابد .؟ وهل سيبقي الفلسطيني مقهورا تحت الاحتلال و يورث القهر من جيل الى اخر ؟ كل هذه اسئلة تدور في خلد كل فلسطيني على أي بقعة في فلسطين والمهم ان اجابات هذه الاسئلة كلها عن سلطة الاحتلال الصهيوني الذي يتمادى في احتلاله وقهره للشعب الفلسطيني ويتمادى في حصاره وممارساته التهويدية والاستيطانية ويتمادى في سياسة الاعتقال المتصاعدة داخل المحافظات وعلى الحواجز , ومع كل هذا يريد من الفلسطيني ان يصمت و يقبل بقهر الاحتلال والاحباط السياسي الاخر نتيجة الانقسام الذي استحل مشاعر الملايين من الفلسطينيين و تعامل معهم كأنهم رهائن القيادات الحزبية .
ان ما يجعلنا نؤكد ان الانتفاضة قادمة لا محالة تلك الحالة التي يعيشها الفلسطيني من احتلال و انقسام فلسطيني فلسطيني عدم وجود نية حقيقية لأنهائه وفي نفس الوقت رغبة الاحتلال علنا ببقاء الانقسام والحصار والتفرق بالرغم من ان البعض يعتقد ان غزة قد لا تنتفض مع الضفة الغربية او العكس ان جاز ذلك في حال كبرت الانتفاضة واصبحت حالة نضال ومواجه يومية في كل المحافظات الفلسطينية فإنني اؤكد ايضا ان شعب غزة سوف يتوحد مع الضفة رغما عن ارادة حكامه وسيواجه الاحتلال في كل مكان لان الشعب الفلسطيني لا يمكن تقسيمه والسيطرة علية دون حقوق واضحة والاحتلال عن الشعب الفلسطيني هو الاحتلال المجرم القاتل الذي يحرم هذا الشعب من ابسط حقوقه الادمية والسياسية و وأوكد ان الكثير من القيادات الفلسطينية بالضفة سوف تصطف مع المنتفضين وتتقدم مسيراتهم وتشاركهم انتفاضتهم لأنها ستثمر سريعا و تجذب كل الاهتمام الدولي للقضية من جديد , ولعل بؤرة الاشتعال اليوم هي الضفة وليس غزة فالشرارة بالطبع انطلقت واشتعلت واصبحت كرة نار تكبر كلما تدحرجت للأمام وتدحرجها مربوط بارتفاع وتيرة قمع الاحتلال في أي مكان فكلما كان القمع شديدا كلما كبرت كرة النار و كلما اشتد حصار المحافظات بالضفة الغربية كلما كبرت كرة النار وكلما زادت معاناة الاسرى في سجون الاحتلال كلما تدحرجت كرة النار نحو الهشيم .
لا يوجد حل سحري يوقف الانتفاضة الا بتحقيق رغبة الجماهير الفلسطينية على الاقل بالإفراج عن الاسري القدامى والامناء العامون كالبرغوتي وسعادات وسلامة والعديد من الاسري الاطفال والنساء وتخفيف الاحكام على الاقل عن البعض الاخر ليكبر الامل لدي عوائلهم , ولا يمكن وقف الانتفاضة ايضا الا بأفق سياسي سلمي تعلن من خلاله قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وهذه الحلول لا يمكن لإسرائيل قبولها او حتى التفكير في انصافها لان القيادة الفلسطينية لم يعد لديها أي تنازلات ليقبلوا بأنصاف الحلول وخاصة ان الجمهور الفلسطيني يتمتع بوعي سياسي متفوق , لذا فانا اعتقد ان الانتفاضة قادمة لا محالة و ستصل الى الذروة خلال هذا العام و قد تستمر طويلا طالما حالة الاحباط الفلسطيني على حالها وطالما الانقسام باقي ومستشري و متعمق لان الاحتلال والانقسام وجهين لعملة واحدة تتسبب في افلاس الفلسطينيين من الامل الحقيقي للخلاص من كليهما واقامة والدولة وعاصمتها القدس .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت