اسرى الحرية وحالة الصمت وارادة شعب لا يلين

بقلم: عباس الجمعة


فلسطين تنتفض وتخوض مسيرات ومظاهرات وصدامات وتقدم التضحيات لهم ومن اجلهم، والضفة تدخل أتون الانتفاضة الثالثة انتصارا لهم ، نعم يستحق الأسرى الأبطال في معتقلات العدو وكثير من معتقلي الحرية من أبناء أمتنا ، يستحقون أن نتذكرهم ونعيش معاناتهم ولو بقلوبنا وأرواحنا ، لاننا لم نرى اي تحرك للمجتمع الدولي الذي تحركه الولايات المتحدة الأمريكية كيفما تشاء وقتما تشاء ولم تتحرك الجامعة العربية والمؤتمر الاسلامي وسائر المنظمات العربية والاسلامية الواجب أن تتصدر القضية الفلسطينية أجنداتها وترك الجميع الشعب الفلسطيني الثائر في الضفة الفلسطينية المحتلة يواجه وهو أعزل إلا الحجارة يواجه قوات الاحتلال المدججة بالسلاح تحت غطاء سياسي استعماري وأمريكي فاضح وصمت عربي واسلامي مخجل.
ليس مستغرباً ولا مفاجئاً أن تتفاعل قضية أسرانا في سجون الاحتلال على كافة أرجاء الوطن، لتحظى بدعم وتضامن شعبي، وتتنقل مسالة من خلال الحراك الشعبي تضامناً معهم من مدينة إلى أخرى، ناهيك عن الاعتصامات أمام مقرات الصليب الأحمر. فمنذ أن دخل الأسرى مساراً جديدًا في كفاحهم ضد الاحتلال عبر خوض معركة الأمعاء الخاوية، والتفاعل الشعبي والإعلامي مع قضية الأسرى في تزايد ملحوظ، بصرف النظر عن انشغال بعض وسائل الإعلام العربية بملفات أخرى.
استشهاد الأسير الفلسطيني عرفات جرادات داخل سجون الاحتلال، من الممكن أن يفتح الباب أمام الفلسطينيين نحو مرحلة جديدة لإنهاء هذا الملف الذي يجمع الفلسطينيون على أنه يجب أن لا يبقى على ما هو عليه، وخصوصا بعدما انتزع الفلسطينيون مؤخرا عضوية الأمم المتحدة، ولو بشكل منقوص.
وفي كل الأحوال فإن ما يعانيه الاسير المناضل محمد التاج عميد اسرى جبهة التحرير الفلسطينية داخل زنازين الاحتلال، يعتبر جريمة جديدة تضاف إلى قائمة الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بعد ان أصبحت حالته حرجة ومشروع شهادة في أي لحظة.
من هنا نقول يجب على دولة فلسطين العمل وبسرعة للانضمام إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف، والسعي بكل السبل لضمان أن تمارس المحكمة الجنائية دورها في التحقيق في الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبحق الشعب الفلسطيني واسراه الابطال .
ويبقى الرهان على إرادة الشعب الفلسطيني وصموده، لأنه هو ما سيحدد معالم السياسة للدفاع عن الارض والمقدسات وتجاه الأسرى.
ان الشعب الفلسطيني الذي فرّقه الانقسام السياسي يجب ان يستعيد وحدته الوطنية ويرسم استرتيجيته الوطنية والكفاحية حتى يتمكن من مواجهة الاحتلال ومخططاته العدوانية ولا بد ان تشتعل الانتفاضة الثالثة حتى ترسم ملامح المرحلة المقبلة ، فكفى رهان على حلول ومفاوضات لم يستفيد منها سوى الاحتلال .
ونحن على مقربة من ذكرى القائد الكبير الاسير الشهيد محمد عباس ابو العباس الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية الذي اغتيل مع سبق الإصرار والترصّد وهو قيْد الاعتقال في سجون الاحتلال الامريكي في العراق الذي ارسل رسالة واضحة قبل استشهاده قال فيها ان الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال ما زال قادرا على مفاجأة الجميع والارتقاء فوق الخلافات السياسية والحزبية والانحياز للوطن الفلسطيني الذي يجمع ولا يفرق.
ما يجب أن تُدركه حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تضرب بعرض الحائط بجميع القوانين والمواثيق الدوليّة التي تعترف بالأراضي الفلسطينيّة وتعترف بالشعب الفلسطيني كشعب واقع تحت الاحتلال أن الانتفاضة الفلسطينيّة قادمة لا محالة وأنها لا تحتاج لقرار أو توجيه من أحد وأن عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يخرجون في مسيرات واعتصامات قادرون على تغيير قواعد اللعبة وإنهاء الوهم بالأمن التي تعتقد حكومة الاحتلال أنها حققته خلال السنوات القليلة الماضية لمستوطنيها ولمستعمراتها في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة.
ان فعاليات التضامن الشعبي مع اسرى الحرية يجب أن تتواصل وألا تهدأ ضد الاحتلال، وعلى جميع القوى والفصائل والهيئات والمؤسسات تعزيز زخمها ورفض أي مبادرات أو مقترحات لتنفيس الاحتقان الشعبي من الظلم والغبن الواقع بحق اسرى الحرية، وحاملي مشعل الكرامة الفلسطينية، ما يبشر بربيع فلسطيني مزهر، وبعيد عن أي حسابات ضيقة.
ان الاسير محمد التاج وكافة الاسرى استطاعوا المزج وبتفوق وإبداع بين كافة أشكال النضال والمقاومة ، وكانوا على الدوام قادة محنكين، ومتميزين الحضور والتأثير في كل الأوقات والأمكنة ، مما منحهم مكانة متقدمة جداً لدى شعبهم .
ان السيرة المشرقة للاسير محمد التاج ومحطات حياته الكفاحية والنضالية ، ونضالاته وانتصاراته خلف القضبان ومساهماته الفاعلة لاستعادة الوحدة للشعب الفلسطيني ، حيث قاوم الاحتلال بامعائه الخاوية في مواجهة الاضطهاد الاسرائيلي.
وامام ما يجري نقول للعالم الصامت ان اسرائيل دولة مارقة خارجة على القانون، وصمت المجتمع الدولي على جرائمها الارهابية المستمرة هو الذي يشجعها على المضي قدما في ارتكاب جرائم الحرب في الاراضي المحتلة. وإن الدول العربية لديها ما تستطيع به أن تجبر المجتمع الدولي على احترام إرادة شعوبها، بما في ذلك الشعب الفلسطيني. كل ما في الأمر أنها ربما لا تستخدم إمكانياتها الاستخدام الأمثل لانها وللاسف منخرطة بمشروع تفتيت المنطقة العربية وضرب قوى الصمود والمقاومة .
ختاما : لا بد من القول تحية للحركة الفلسطينية الأسيرة بهؤلاء الابطال يصنعون المرحلة، وتحية لالأسرى القادة احمد سعدات ومروان البرغوثي وابراهيم ابو حجلة وفؤاد الشوبكي ومحمد التاج وحسن يوسف وسامر العيساوي وعبد الخالق النتشة وباسم الخندقجي،وهنيئا للشعب الفلسطيني الذي انجبهم فهم يمثلونه خير تمثيل، فهكذا تتحقق الانتصارات التراكمية على الاحتلال، عبرالارادة والصبر والتضحيات، وهكذا يعلمنا الشعب الفلسطيني ان المعارك مع الاحتلال تحتاج الى ارادات فولاذية والى اجماع سياسي نضالي حقيقي، ويعلمنا ان الانتصار على العدو ممكن اذا ما اجتمعت الارادة والقيادة والوحدة الوطنية والخطة والاهداف، فالعدو لا يعرف عمليا سوى هذه اللغة.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت