خسارة كبرى بكل المقاييس والاعتبارات والمعايير حينما يفقد مجتمع ما احد قادته ورموزه وصانعي حاضره ومستقبله، وفقدان القائد المجاهد الفنزويلي هوغو شافيز الذي وافاه الأجل المحتوم يوم أمس الأربعاء، يعد مثالا ومصداقا للخسارة الكبرى التي مني بها الشعب الفنزويلي بكل مكوناته القومية والمذهبية والطائفية والدينية.
لم يكن الفقيد القائد زعيما لكيان سياسي فحسب، ولم يكن حاملا لهموم وتطلعات وطموحات فئة اجتماعية معينة دون أخرى، ولم يكن صاحب مشروع سياسي محدود في أهدافه ومضامينه، ولم يكن نتاج مرحلة سياسية عابرة، لقد كان القائد هوغو شافيز زعيما وطنيا، ورمزا لجميع الفنزويليين، لقد كان حاملا لهموم وتطلعات وطموحات كل أبناء شعبه، من دون ان يفرق بين هذا وذاك على أساس هذا العنوان او ذاك، وكان صاحب مشروع شامل يتحرك في أفاق رحبة وفضاءات واسعة تستوعب الجميع، وكان مصداقا وتعبيرا لمسيرة جهاد وتضحية ونكران ذات وشجاعة وإقدام في مواجهة الظلم والطغيان والاستبداد بكل أشكاله وصوره، ولم تأخذه في ذلك لومه لائم.
كانت كل محطات حياته عبارة عن مواقف بطولية ومشرفة، في إطار مسيرة طويلة انطلقت منذ عهد لتنطلق تلك المسيرة في مواجهة الأنظمة الاستبدادية القمعية وأبرزها النظام الإمبريالي الصهيوني العالمي من اجل بناء الدولة الفنزويلية على أسس صحيحة، وكان للدور الذي اضطلع به هوغو كبيرا في التأسيس لفنزويلا الجديدة القائمة على مبادئ الحرية والعدالة والاستقلال والمساواة، وتداول السلطة والاحتكام الى الدستور، وكان لذلك الدور المحوري أثرا كبيرا في رسم وصياغة مستقبل الفنزويليين.
إن وفاة القائد الاممي هوغو شافيز الذي عرف بصلابة مواقفه الداعمة للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة ولذي عرف ايضا بمناهضته للاحتلال الإسرائيلي ورفضه للهيمنة الأمريكية ومن هنا فالشعبين الفنزويلي والفلسطيني وشعوب العالم فقدت إنساناً قائداً ومناضلاً عرف بمواقفه التحررية إذ كان يقود اكبر المعارك وأشرسها ضد الظلم والاستبداد في الداخل والخارج سواء على المستوى الإقليمي حيث قاد أميركا اللاتينية إلى مرحلة التكامل والتحرر من خلال مشروع البديل البوليفاري
واشتراكية القرن الحادي والعشرين، أو على المستوى الدولي حيث سجلت له مواقف مشرّفة في محطات عدة وأبرزها قطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع الاحتلال الإسرائيلي رداً على جرائمه في لبنان وفلسطين، وهو ما لم يجرؤ عليه يومها أي
رئيس أو ملك أو أمير عربي .
إن الشعب الفلسطيني فقد صديقا ونصيرا ومدافعا قويا عن قضيته الوطنية بوفاة الزعيم الفنزويلي هوجو شافيز للذي تميز بمواقفه الداعمة لشعبنا والمؤيدة للحق الفلسطيني والذي وقف مدافعا عن فلسطين وفتح أراضيه لشعبنا والجامعات لتعليم أبنائنا كما قام بدعم قطاع الصحة والتعليم بالإمكانيات الفنية والإدارية مؤمنا بان الشعب الفلسطيني هو شعب مناضل من اجل حقوقه ومن اجل حريته .
وإذا كان هوغو شافيز قد غادرنا فأن منهجه سيبقى حاضرا وفاعلا ومؤثرا، والإرث السياسي والجهادي الكبير الذي تركه، والذي يعد مكملا ومتمما للإرث السياسي والجهادي لقادة ورموز كبار آخرين، سيبقى هو الآخر حاضرا وفاعلا ومؤثرا وموجها.
إن الكبار يرحلون بأجسادهم، ولكنهم لا يرحلون بمبادئهم ومناهجهم وأفكارهم وسلوكهم وشافيز واحدا من هؤلاء الكبار الذين قدموا كل ما لديهم لأمتهم ووطنهم وشعوب العالم قاطبة.
إعلامي وناشط سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت