القنصل البريطاني في المكان الخطأ !

بقلم: آمال أبو خديجة

لم يستعد طلبة جامعة " بيرزيت " بفرش ساحات جامعتهم بالبساط المحاط بالورود ولا تزينها بلافتات الترحيب ولا الاصطفاف على الجانبين لاكتساب لحظة رؤيته و التقاط صور مروره من أمامهم . فما أن برزت جبهة " القنصل البريطاني " من سيارته التي يقلها على جموع الطلبة المحتشدين الغاضبين حتى ثارت حناجرهم بالصراخ ضد وجوده في جامعتهم والمطالبة برحيله فوراً كونه ضيفاً غير مرغوب به .

حضر القنصل البريطاني لإلقاء محاضرة في حرم الجامعة للطلبة الجامعيين ولعله أراد أن يتحدث عن العدالة والديمقراطية وكرامة الإنسان وحريته كونه شخصاً جاء من بلدٍ تفتخر بالديمقراطية ومبادئها وتتغنى بها وأن بلاده لا تسعى إلا لتوفير الأمن والحرية لبلاد العالم الثالث وسيادة الحق والديمقراطية المزعومة، ولعله ظن أن هؤلاء الطلبة سوف ينصتون له بكل أسماعهم ويفهمون الدرس المتلقى من أجندته دون أن يعترضوا عليه كونهم من شعوب العالم الثالث المتلقي المفتقر للحرية والديمقراطية .

خيبت احتجاجات طلبة جامعة " بيرزيت " آمال القنصل البريطاني وتوقعاته التي أراد أن يراها ويسمعها في حرم الجامعة، عندما تلفظوا بكلمات المطالبة بخروجه ورفضه بينهم وتذكيره بالوعد المشئوم الذي اوقع النكبة الفلسطينية وكان سبب الألم الدائم للفلسطينيين وخسارتهم لأرضهم ووجودهم وتهجير الكثيرين منهم في بلاد الشتات والغربة .

وإن جاء القنصل البريطاني بصفة أكاديمية علمية لا يعني ذلك أن لا يُذّكر بموقف بلاده وسياستها اتجاه القضية الفلسطينية وما أحدثته من تأثير سلبي على حياة الفلسطينيين وعدم جديتها في الوقوف جانب القضية الفلسطينية والانحياز التام للكيان الصهيوني على حساب الحقوق الفلسطينية المسلوبة، كما أن بريطانيا كانت من الدول الكبرى التي لم تعترف ولم تؤيد الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة ووقفت صامته حيال الكثير من القضايا الإنسانية التي برزت فيها مدى عنصرية وإجرام الاحتلال الإسرائيلي، كما أنها لم تفعل شيئا حيال تزايد الاستيطان وتوغله في الأراضي الفلسطينية داخل الضفة الغربية والقدس الشرقية

لعل اندفاع الطلبة اتجاه مشاعر غضبهم زادت من حده تصرفهم واعتدائهم على سيارة القنصل البريطاني ومحاصرتها ولا يعني أن طلبة جامعاتنا لا يُقدرون الضيف الزائر إلى حرم جامعتهم ويفتقرون لرقي القيم وحضارتها فعندما يكون الضيف يحمل في تاريخ حضارته الخزي والعار والظلم ضد شعب فلسطين فيكون قد جاء إلى مكان يلفظه ولا يتقبل وجوده وما عليه إلا أن يلف مقود سيارته ويعود راحلاً من حيث أتي .

ثار طلبة جامعة " بيرزيت " وأسمعوا صرختهم للقنصل البريطاني ومنعوا تواجده بينهم ونجحوا في ذلك ، لعل ما فعلوا وما قالوا أيقظ فيه شعور الذنب وتعب الضمير مما فعلته بلاده لشعب كان يعيش أمنا مستقرا في أرضه فكتب عليه بقراره أن يُخرج منها ويعيش اللجوء والحرمان والبعد عن الأوطان، وتنقل ذاكرته صورة الغضب والألم الذي ولدته في قلوب الأجيال من خطيئتها التي لا تغتفر مهما فعلت وقدمت من أموال ومساعدات، رغم أن بريطانيا عليها أن تتكفل بتعويض الفلسطينيين وخسارتهم لأهلهم وأبنائهم وديارهم وأرضهم لعل ذلك يقلل من حده الاحتقان والغضب ضد سياسة البريطاني ومؤزرته الدائمة للكيان الصهيوني .

فإن كانت بريطانيا بلد الحرية والحقوق والديمقراطية لماذا لا تغير من سياستها اتجاه القضية الفلسطينية وتتخذ القرارات التي تنحاز لفلسطين وعودة أراضيها والبعد عن الاستمرار باتجاه دعم الصهيونية فأرض فلسطين مباركة لا تقبل أن تدوس على ثراها إلا أصحاب الأقدام الطاهرة التي لم تمسها نجاسة الانحياز للصهيونية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت