هوغو شافيز: فنزويلا بلد الثوريين

بقلم: جادالله صفا

رحل الزعيم الفنزويلي هوغو شافيز وقبل رحيله زار الدول العربية اكثر من اي زعيم عربي، وقد لا اجازف عندما اقول ان زيارة الزعيم الفنزويلي للمنطقة العربية فاقت تبادل زيارات الزعماء العرب لبعضهم، ما السر بذلك؟
شافيز هو ابن الطبقات الاكثر فقرا بفنزويلا، شافيز جاء لشعبه من اجل ان يبني لهم وطنهم الذي نهبه الفاسدون واللصوص، شافيز جاء لوطن بفترة كانت فنزويلا بحاجة الى قائد يحميها من جشع الصهيونية والامبريالية، من جشع الراسمالية والانتهازية، جاء شافيز لوطن كانت الامية تهيمن عليه والفقر يضرب اطنابه، وكيف يكون ذلك وفنزويلا التي يوجد بها الذهب الاسود، فنزويلا دولة غنية، هل يجوز ان تكون غنية وهناك الملايين من الذين يموتون جوعا رغم كل هذا الغناء، جاء الشافيز ليتمرد على الفقر، جاء ابن الفقراء وابن الشوارع ليتمرد على القهر والظلم الذي رافق سنوات عمره، فهو ابن هذه الطبقات لعب مع ابنائها بشوارع فنزويلا وساحاتها، عاش معاناتهم والامهم، وكيف ذلك ان يسكت على كل هذا، وهل الوطنيون يرضون غير ذلك؟

شافيز ابن فنزويلا، ابن الفقراء والكادحين، وهل هناك من يضحي ويمتلك الشجاعة كما امتلكها الشافيز، تمرد على امريكا ليس لمجرد التمرد، تمرد على امريكا لانه اراد نهضه وطنية لوطنه وشعبه، تمرد على الاستعمار لانه يريد الاستقلال لوطنه وشعبه، يرفض الولاء والطاعة، بترول فنزويلا لشعبها واهلها، قالها الشافيز لا جوع ولا فقر، فنزويلا بلد الخيرات.
الشافيز كان محرضا، محرضا وطنيا اولا، محرضا للحفاظ على استقلالية الوطن وكرامة المواطن، الشافيز كان محرضا على الظلم والقهر والاستغلال، محرضا على التدخل الغربي بشؤون الدول الفقيرة والنامية، محرضا من اجل حرية الشعوب واستقلال بلدانها.
حدد الشافيز منذ اليوم الاول واشار باصابعه على اعداء الامة، انتم ايها الاعداء الداخليون والخارجون، لن تمسوا شعب فنزويلا بسوء، وان الديمقراطية هي تلك التي تحافظ على كرامة الفقراء والكادحين، ولن تكون الا ديمقراطية من اجل نهضة فنزويلا وكرامة شعبها، هكذا كان الشافيز مبدئي، مبدئي بمواقفه لانه يحب شعبه ووطنه.
لقد كان الشافيز مثالا وطنيا ويحب وطنه وشعبه، فرفض الظلم على شعوب العالم، وهذا هو سر وقوفه الى جانب عدالة الشعب الفلسطيني، وكانت جرأته تفوق جرأة الزعماء العرب مجتمعين، عندما قال يجب محاكمة رئيس اسرائيل على جرائمه، قالها ومات الشافيز وهو على قناعة ان قادة اسرائيل وامريكا مجرمي حرب، فهو يعرفهم جيدا ويعرف جرائمهم بامريكا اللاتينية، لماذا لم يقولها الزعماء العرب؟
جرأة الشافيز عندما طرد سفير اسرائيل من فنزويلا، كان موقفا لم تجرأ عليه ام الدنيا، لم تجرأ عليه اي دولة عربية، لم يحذوا حذوه اي زعيم عربي، لنقول فالشافيز كانت تراه الشعوب العربية الملجأ الذي يمكنها ان تلجأ له، شعوبنا العربية وعلى راسها الشعب الفلسطيني كان يرى بالشافيز فلسطينيته اكثر من فنزويليته، كيف ذلك والفلسطيني بامكانه ان يدخل فنزويلا بدون تاشيرة دخول، حيث الفلسطيني محروم من دخول العديد من الدول العربية او ممنوع من مغادرة بقعة من فلسطين بقرار فلسطيني او اسرائيلي؟

رحيل الشافيز قبل موعده كان قرارا امريكيا وصهيونيا، وكان الشافيز يقود معركته ضدهما بكل شجاعة وصرامه، حيث كانت ترى الادارة الامريكية والصهيونية بالشافيز ليس عقبة امام نفوذهما بالقارة وانما عدوا لتوجهاتهما الاستعمارية والاستغلالية، لذا التخلص من هذه العقبة ضرورة ملحة، فلم تاتي الاتهامات من قبل نائب الرئيس الفنزويلي من فراغ، وان اصابة اغلب رؤساء دول امريكا اللاتينية بمرض السرطان لم ياتي عن طريق الصدفة، وانما معركة جديدة على شرفاء العالم ومناضليها اخذها بعين الاعتبار.
فنزويلا ستكون على ابواب مرحلة جديدة امام اعدائها الداخليين والخارجيين، امام تحديات من اجل الاستمرار بنهضتها وتماسكها ومسيرتها الى الحرية والكرامة والمستقبل والمساواة والعداله الاجتماعية، فالشافيز ترك ارثا جميلا بفنزويلا وهو حب الشعب للحرية والوطن، ترك ارثا ان العدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة والاستقلال لن تمنح وانما هي عملية نضالية تتحقق بالنضال.
لقد بكى فقراء فنزويلا هوغو شافيز، لانهم افتقدوا ابا واخا وابنا وصديقا ورفيقا ومناضلا وعشيقا، ونحن كفلسطينين ماذا فقدنا؟ نحن فقدنا قائدا فلسطينيا اسمه هوغو شافيز، فلسطينيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
نم قرير العين يا رفيقي، فانت لم تمت، وانت لم ترحل، لان الثوريون لا يموتون ابدا، فنهجك اضاء سماء الكون، اضاء طريق الحرية لشعوب العالم عامة، فانت من قارة المخزون الثوري كما وصفها الاسير جورج عبدالله فالثوريون لن ينسوك ابدا.
جادالله صفا – البرازيل
07/03/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت