الرمز الثائر القائد الوطني والقومي الشهيد ابو العباس تاريخ حافل بالعطاء والنضال

بقلم: عباس الجمعة


نستحضر تاريخ القائد الثوري الشهيد ابو العباس في ذكراه التاسعة الممتلئ بكل ما هو انساني وأخلاقي ووطني وعروبي واممي.
نستحضر بداياته ومساراته وايمانه بقضيته, حاملاً معه موقفه الراسخ والقوي بعدالة قضيته..وحتمية الانتصار..وعلى كتفه الآخر ذلك الحلم المتوهج الذي أثقل كاهله دون أن يكسره أو يفت من عضده.
لم يكن مناضلا وقائدا عادياً, بل قائدا فلسطينيا عربيا ،وملهماً لكل مناضلي الثورة والجبهة ،ولم يكن قائدا بالاسم أو الصورة، بل كان يعيش الثورة في كل مراحلها, يشحذ همم المناضلين، معبدا بفكره ومواقفه وشجاعته وإيمانه طريق النضال من اجل تحرير الارض والانسان.
اعترف بأني أشعر بشيء من الرهبة التي تبعث بعضاً من تحفّظ وتردّد وأنا أشرع في كتابة هذا المقال ، سواء من حيث الشمول والإحاطة التامة بحياة قائد تشعبت مجاريه وتعدّدت اهتماماته وحفلت أيامه بالعطاء والجهد والأثر، على الصعيد الوطني والقومي العام، وكذلك حب الآخرين، واستعداد للبذل والعطاء المستمرَّين، بكرم وطيب خاطر وتضحية بدون حساب، فكان دائما يؤكد على اهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية باعتبارها السلاح الامضى في مواجهة العدو ، لان ضميره وقلبه ووجدانه ما كانت لتسمح له بأن يكون غير ما كان عليه طيلة حياته وفي جميع ممارساته، يدافع عن مواقف وسياسات معينة، فلسطينية وعربية ودولية، اتخذها في حياته شخصياً او عبر جبهة التحرير الفلسطينية التي تولّى قيادتها، فبنظره المسائل سياسية وعالم السياسة واسع ويحتمل الاختلافات، بل التناقضات أيضاً.
هذا الدرب النضالي للقاائد الشهيد الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ابو العباس الذي قال يهون السجن والاعتقال والتشرّد، وتصبح حماية الوطن وصيانة القضية أهم بكثير من حماية الذات والأشخاص. وشرط هذا الاستعداد لبذل التضحيات المتواصلة أن يتمّ بلا شكوى ولا تذمّر ولا أنين ولا عتب ولا نفاد صبر. ومن اجل سعيه المتواصل لدعم انتفاضة الاقصى اراد العدو المتربص بالقضية الفلسطينية ان يلاحق الشهيد القائد ابو العباس وبعد احتلال العراق اعتقل الشهيد وقال انا كفلسطيني مؤمن بتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها وكعربي مؤمن بوحدة الأمة عبر نضال مشترك ، استشعر الاحتلال بأن وجود هذا القائد من شأنه ان يولي أهمية كبيرة للعمل الكفاحي والنضالي حيث تم اغتياله في الاسر بعد حياة حافلة بالعطاء من اجل تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال .
رحل الشهيد القائد ولم يزل شلال الدم الفلسطيني يتدفق على أرض فلسطين ولا زال الشعب الفلسطيني يواصل المقاومة بعزيمة أشد وإرادة أقوى دفاعا عن ارضه ومقدساته رغم اختلال موازين القوى، ولا زال الاسرى الابطال يتحدون الاحتلال ببسالة أذهلت العالم أجمع من اجل فجر الحرية .
اليوم تأتي الذكرى التاسعة لاغتيال الشهيد القائد أبو العباس،وهناك مسألة ملحة وهامة تنتصب أمام جبهة التحرير الفلسطينية لتقيم أوضاعها بوقفة نقدية صارمة، تعبر عن هويتها الفكرية والايدلوجية بشكل واضح ، وان تعمل على ضخ دماء جديدة في عروقها بعيدا عن القيام بمهام التشريفات،مطلوب قيادات تنهض بأوضاع الجبهة في كل خانات وميادين العمل، وأن تنتهي ظاهرة العمل النخبوي والفوقي، مطلوب قيادات تتغلغل في أوساط الجماهير، وأن تبتدع وتبدع أشكال جديدة ومتطورة للعمل والنضال تستوعب كل الطاقات،مطلوب قيادات موحدة وجامعة.
جبهة التحرير الفلسطينية لها تاريخها وأرثها النضالي والكفاحي،ولها سمعة طيبة بين أبناء شعبنا،ولشعبنا ثقة كبيرة بها وبأبنائها،والذين مثلوا حالات نضالية مميزة،وممكنات نهوضها وتقدمها،رهن برأس وهرم قيادي يمتلك وضوحاً كبيراً في الرؤيا وقادر على التقاط الأحداث ومواكبتها،وأن يكون رائداً وقائداً للجماهير في معاركها النضالية والجماهيرية في مختلف الميادين.
ان غياب قائد تمتع بملامح الصرامة والثبّات أمام فلسطين، فكان له مكانته الوطنية والعربية والدولية ، حيث امتزجت سيرة الشهيد بمسيرة الحركة الوطنية، وتطورت مع تطورها وتأثرت بها، وأثرت فيها تأثيرا عميقا، صار الشهيد ابو العباس ركنا من أركان العمل الوطني الفلسطيني، ركنا صلبا يمكن الوثوق به، واليوم الأمل في هذا المجال معقود على استمرار نهج القائد الشهيد الذي اختطه بدعوته إلى الوحدة الوطنية، وبدعوته إلى بلورة خط سياسي واضح، يكفل حقوق الشعب الفلسطيني الـمشروعة غير القابلة للتصرف، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
اليوم يكون قد مضى تسعة اعوام على رحيل القائد الشهيد محمد عباس " ابو العباس" إنه انسان في شعب. وانسان في امة وقائد سياسي في حركة تحرر وطني ما انفكت تكافح من أجل نيل شعبها حريته واستقلاله.
ابو العباس القائد السياسي والعسكري ، الواضح والحازم في مواقفه السياسية، الانسان الدافىء ما ان تتعرف عليه عن قرب حتى يأسرك بتواضعه ودماثة اخلاقة، المسكون في هموم حرية شعبه ووحدة أمته ، ابو العباس مهندس العمليات البطولية الجرئية ضد الاحتلال الصهيوني، الجرىء جداً فكرياً وسياسياً، ارتبطت عنده الجرأة النضالية والحكمة السياسية بعلاقة جدلية لا تنفصلان في الحياة وفي الممارسة. وتميز عن الكثيرين من القادة السياسين في إضفاء اللمسات الأخلاقية على العلاقات السياسية. مما اعطى له وللسياسة الفلسطينية بعداً خاصاً .
ابو العباس الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية هذا التنظيم التي هو جزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني ، كان يدرك جيداً ان السياسة مفيدة بالظروف الموضوعية والامكانات الواقعية. وأن تحقيق انجازات لشعبه تتطلب اداركها وتفرض عليه التعامل معها.
هذا هو ابو العباس ، الانسان المولود في النكبة ، ابن مخيمات اللجوء مضى على درب الشهداء الرئيس الرمز ياسر عرفات وطلعت يعقوب وابو جهاد الوزير والياسين والقاسم والنجاب وغوشه وابو احمد حلب وسعيد اليوسف وحفظي قاسم وابو العمرين وابو العز وجهاد حمو وكل الشهداء العظام والمناضلين الذين سلكوا طريق النضال ، فقدم حياته وفاء للشعب، في كل مكان، وفاءً للامة العربية ولاحرار العالم جميعاً. ونحن اليوم نسير على دربه ونهتدى بأفكاره وتجربته.
ختاما : ستبقى سيرة الشهيد القائد الكبير الامين العام ابو العباس الكفاحية، وإرثه النضالي، في ذاكرة الشعب الفلسطيني وشعوب العالـم، يحملها رفاقه في الجبهة حتى يبقى اسمه خالدا في سماء فلسطين وامام قوى الثورة والتحرر الوطني والنهوض القومي الديمقراطي والعدالة الاجتماعية ، يحمل في طياته كل الدلالات الرمزية النضالية للمستقبل من أجل فلسطين .
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت