القدس – وكالة قدس نت للأنباء
قال البروفسور الإسرائيلي، إيال زيسر، في مؤتمر "هرتسليا" السنوي، والذي يجمع كبار الخبراء والباحثين في الشؤون الأمنية، في جلسة بعنوان "سيناريوهات إقليمية"، إن أشهرا معدودة تبقت حتى انقضاء حكم الأسد، وجاءت هذه التقديرات بعد أن اتسمت تقديرات زيسر بالحذر إزاء "الثورة"السورية وسقوط الأسد.
وقال زيسر في المؤتمر، وهو خبير إسرائيلي رفيع بالشأن السوري، والذي كان حذرا في تقديراته إزاء الثورة السورية، خاصة فيما يتعلق بسقوط الأسد، إن المرحلة الأولى في الحرب الأهلية السورية قد بدأت، وأردف "اعتقد أن الأسد سيسقط خلال أشهر معدودة". ويعتمد زيسر في تقديراته هذه على تقدم الثوار في قضاء الحسكة في شمال سوريا، قائلا إن "سيطرة الثوار على منطقة الحسكة تعني أن لديهم قدرة عسكرية وتكتيكية عالية".
وقدّر المختص الإسرائيلي أن الهدف القادم للثوار سيكون حلب ومن ثم دمشق، وأن "السيطرة على الحسكة تسهل على الثوار وصولهم نحو حلب ودمشق". وتابع زيسر بأنه يستند في تقديراته هذه المرة إلى جملة عوامل مهمة تغيّر موازين القوى في سوريا، واصفا الوضع بأنه وصل إلى نقطة "اللاعودة"، وأوضح قائلا: "العون الذي يتلقاه الثوار من الولايات المتحدة وأوروبا، والخبرة التي اكتسبوها خلال توسعهم في المناطق السورية، تثبت الفرضية بأن النظام موجود في مأزق خطير"، وأضاف "إيران وحزب الله تعيدان الحسابات بالنسبة لبقاء الأسد في الحكم، مما يدل على أن النظام على حافة السقوط".
وميّز زيسر بين الحقبة الأولى "للثورة" السورية التي اشعلتها جماعات سنية من أطراف الدولة، وبدأت "كاحتجاج على ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة"، وبين الحقبة الراهنة التي تتسم بطابع إسلامي، وأضاف أن "الموجة الإسلامية هي التي تقاتل النظام في الحاضر". وأجاب الباحث الإسرائيلي حين سئل عن مصير الجماعات الإسلامية التي تشارك اليوم في القاتل، قائلا إن السوريين يقدّرون في المرحلة الراهنة مساهمة هذه الجماعات في الحرب ضد النظام، لكن بعد سقوط الأسد ستتغير الحال، حيث أن السوريين "لن يرحبوا بتدخل الجماعات الإسلامية المتطرفة في مستقبل بلادهم".
وخلص زيسر في هذا المضمار إلى أن مستقبل سوريا هو عمليا العودة إلى الماضي، إلى نقطة استقلال الدولة عام 1946 موضحا أن " قوات سياسية عديدة، مبنية على قطاعات مختلفة في المجتمع السوري، ستتنافس على بناء سوريا وترميمها".
وفيما يتعلق بالدولة الأكبر في الشرق الأوسط، والتي تحاذي حدودها الشمالية إسرائيل، تحدث يسرائيل ألتمان، وهو باحث في معهد السياسة والاستراتيجية التابع لمركز "هرتسليا" متعدد الجهات، والمختص في الشأن المصري، عن الوضع الراهن في مصر.
وقال ألتمان إن "الصراع في مصر يدور حول هوية البلد"، موضحا أن هذا الصراع يؤثر على الوضع السياسي والاقتصادي في الدولة. وتابع الباحث الإسرائيلي أن "عدم الاستقرار في مصر هو نتيجة أزمة الهوية، بين جماعات إسلامية وأخرى غير إسلامية"، ورفض ألتمن الادعاء القائل إن الصراع في مصر يدور بين قوات ديموقراطية وبين قوات شمولية.
وحذر الخبير الإسرائيلي من أن سياسة الإخوان المسلمين التي تعتمد على "عدم إشراك بقية القوات السياسية ستؤدي عاجلا أم آجلا إلى فقدان الحكم"، وأوضح قائلا " إنهم (الإخوان) يسيطرون على أدوات السيطرة في الدولة وأبرزها الإعلام، والبرلمان، والسلطة القضائية، وهم لا يشاركون قوى المعارضة بهذا، وهذا خطأهم الأكبر".
وأشار الباحث الإسرائيلي إلى أصوات تعلو من حركات المعارضة المصرية، والتي تطالب بتدخل الجيش في الأزمة، وأضاف قائلا " الجيش المصري هو قوة منظمة وقوية، مما يدعو قوات المعارضة إلى المطالبة بانقلاب عسكري لإسقاط الإخوان، وهذا يهدد حكم الإخوان". ورجّح ألتمان أن السيناريوهات المحتملة في مصر تنحصر في حالتين، "إما أن يسقط الإخوان وتحل مكانهم قوات سلفية، أو خروج فئات كبيرة من الشعب إلى الشوارع مجددا لاحتجاجات شعبية واسعة، وهذا السيناريو هو عمليا العودة إلى الثورة زمن مبارك. وفي الحالتين الإخوان هم الخاسرون" حسب الباحث.
وتطرق ألتمان إلى دعم الإدارة الأمريكية للإخوان، محذرا من أن هذا الدعم أيضا في خطر، وأوضح قائلا "فضّلت الإدارة الامريكية دعم الإخوان في البداية خشية من التيارات السلفية في مصر، مثل حزب النور. لكن أمريكا باتت قلقة من مظاهر الاشتباكات في مصر، ومن القتل في الشوارع، ومن الانفلات الأمني والوضع الاقتصادي المتردي. وفي اعتقادي لا يستطيع الإخوان أن يعولوا على الدعم الأمريكي إلى الأبد، فهذا ممكن أن يتغيّر".
يُذكر أن رئيس الدولة العربية شمعون بيريس، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، سيلقيان كلمة في مؤتمر "هرتسليا" المنعقد هذه السنة بين 11 إلى 14 مارس (آذار). ويُقيم هذا المؤتمر الرفيع مركز "هرتسليا" متعدد الجهات، والذي يُعدّ مركزا رائدا للأبحاث الأمنية والاستراتيجية في إسرائيل.