قضى 127 شهرا إداريا..المحرر النتشة في أول لقاء له بعد الحرية

الخليل - وكالة قدس نت للأنباء
نفسه ومعنوياته عالية للغاية، يتحدث بكل ما أوتي من قوة وعزيمة، ويروي حكاية صبر ومصابرة طويلين مع الاعتقال الإداري، الذي عانى منه سنوات طويلة.

الأسير المحرر مازن جمال جبرين النتشة، (41 عاماً) من مدينة الخليل، اعتقل مرات كثيرة ووضع رهن الإداري في غالب تلك المرات، وفي حديث لمركز "أحرار" لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان أكد الأسير المحرر أن حريته من الأسر ومن جبروت الاحتلال الاسرائيلي لا تعادل أي حرية، في الكون، فمن الحرية تستمد الحياة من جديد.

الأسير المحرر بدأ حديثه باستذكار اعتقالاته منذ البداية والتي يوثقها باليوم والشهر والسنة، فيقول:" أول اعتقال لي كان عام 1991، وكنت حينها طالباً في الثانوية العامة، فاحتجزت لشهر واحد، ثم أطلق سراحي".

ويكمل:" اعتقلت مرة ثانية في عام 10/18/ 1994، وقضيت في السجن 8 أشهر بتهمة قضية".

وفي عام 1997 اعتقل مازن، ومن هنا بدأ الاعتقال الإداري، فقضى في ذلك الحين 9 أشهر إدارية، وأكد أنه ومنذ عام 2004 لم يمكث خارج سجون الاحتلال عاماً كاملاً، ففي كل عام كان لا بد من اعتقال.

ويضيف الأسير المحرر النتشة أنه في عام 1998 أمضى عاماً كاملاً في الاعتقال الإداري، وفي تاريخ 29/3/2004 وبعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين، تعرض للاعتقال من جديد وقضى 9 أشهر إدارية أخرى، وفي عام 2005 اعتقل النتشة ووضع رهن الاعتقال الإداري لمدة 44 شهراً، دون توجيه أي تهم ودون الحديث عن ملفات وبنود مخالفة له.

أما الاعتقال والذي يتمنى أن يكون الأخير فقد كان بتاريخ 7/10/2009، ليقضي فيه اعتقالاً إدارياً مدة 41 شهراً، تنقل فيها بين مختلف السجون الاسرائيلية، وذاق فيها من ألوان العذاب.

النتشة اعتبر تجربة اعتقاله مريرة للغاية، وأنها عطلت مسيرة حياته، دون مبرر ومسوغ، في ظل بعده عن العائلة والأبناء من ناحية، فهو أب لثلاثة أطفال: حذيفة وأيهم وأفنان، وعدم استكماله لدراسته من ناحية أخرى.

ويقول:" عندما اعتقلت مازن في المرة الأخيرة كنت أعد لمناقشة رسال الماجستير في جامعة القدس أبوديس، تحت عنوان إدارة تربوية، إلا أن اعتقالي حال دون ذلك، وعرقل حصولي على شهادة الماجستير لسنوات، وهو الأمر الذي كان صعباً للغاية.

كما أكد أن فترة غيابه عن البيت وعن الأبناء، كانت الفترة القاسية، فأطفاله لا يزالون صغاراً يحتاجونه بينهم، وقد ذهل الأسير المحرر مازن النتشة بعد خروجه من الأسر بابنه الأكبر حذيفة يناديه ب( عمو)، بدلاً من (بابا) فهو لم يعش معه ولم يعرفه، مما كان له الأثر البليغ في نفس مازن.

وعن المعاناة والصعوبات والتضييقات على الأسرى الفلسطينيين داخل السجون والتي لا تنتهي، ذكر النتشة محاور وأمور كثيرة تسبب المعاناة للأسير، بدأها بمعاناته مع مرض مزمن يعاني منه منذ سنوات، سببه الضرب والتعذيب داخل السجن، فهو مصاب بالتهاب في الأمعاء، يتناول له أسبوعياً 42 حبة من الدواء، وكان يحتاج لصور ومتابعة وتشخيص مستمر، الأمر المفقود داخل السجن والاكتفاء بالحبوب فقط.

من ناحية أخرى، ذكر النتشة أن التنقل عبر ما تسمى (البوسطة) وهي آلة العذاب التي نعتها بأن "ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها من قبله العذاب"، فهي وسيلة قاسية تخنق الأسرى في التنقلات، لا سيما الأسرى الإداريين، الذين يتنقلون من سجن لآخر باستمرار.

وعن أمر آخر يحصل داخل السجن كل يوم، بل وأكثر من مرة، وهو الوقوف والاستعداد للعد اليومي فجراً وظهراً ومساءً، وإذا حاول أي الأسرى التذمر أو الشخص أو محاولة التهرب أو الرفض، فسيكون حينها عذابه عسيراً ويعاقب أشد العقاب، إضافة إلى التفتيش العاري الذي تتعمد فيه إدارة السجون إهانة الأسير الفلسطيني، وإذلاله وإخضاعه، ومحاولة المساس بما عاش عليه من تعاليم والتزام بالدين والعادات.

وفي نقطة أخرى أشار إليها الأسير المحرر مازن النتشة، هي وضع مجندات اسرائيليات يشرفن على سجون الأسرى الفلسطينيين، في محاولة لإهانتهم والإساءة إليهم، مما يثير غضب هؤلاء الأسرى، الذين يشعرون بالدونية والنقص من هذه الممارسات.

أما في الجهة المقابلة، وكعادتهم يثبت الفلسطينيون وجودهم في كل مكان، ويصنعون من الألم والمحن هدايا ومنح، يقول مازن النتشة إن "الأسرى يصنعون داخل الأسر الفرح والمرح والتفاؤل والأمل بأن الغد والأيام القادمة أجمل بإذن الله تعالى، ومن جمعاتهم ومعنوياتهم التي يتشاركون في إعلائها بين بعضهم البعض، ويتشاركون في رسم الابتسامات وتخفيف معاناة كل واحد فهم داخل الأسر".

وفي رسالته الأخيرة، والتي وجهها لزوجته التي شكرها لصبرها وتضحيتها وحفظها للبيت والأولاد في غيبته، ووجه رسالة لأبناء شعبه الفلسطيني وقيادة الشعب الفلسطيني، بالحفاظ على الثوابت والحقوق، وعدم التفريط بقضية الأسرى، وأكد على أهمية بذل خطوات على أرض الواقع لتحريرهم.

من جهته قال فؤاد الخفش مدير مركز "أحرار" لدراسات الأسرى إن الإعتقال الإداري عبارة عن سيف مسلط على رقاب الأسرى المحررين الذين لا يشعرون بالأمان بعد الإفراج عنه من سجون الإحتلال والذي سرعان ما يعاد إعتقاله .