لو استأذنت الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة رئيس السلطة محمود عباس في مقاومة الاحتلال، لكان عليها الانتظار حتى اغتصاب آخر شبر من فلسطين، وما كان عباس ليأذن لحماس بالمقاومة، أو تطوير الصناعات العسكرية الفلسطينية التي قصفت تل أبيب اليهودية.
ولو استأذنت الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة رئيس السلطة محمود عباس في إصدار جواز سفر فلسطيني، لكان عليها الانتظار حتى يموت آخر مريض بحاجة إلى علاج في الخارج، في الوقت الذي تعيق فيه حكومة رام الله منح جواز السفر الفلسطيني، تحت حجة انتمائه لرجال المقاومة، أو بحجة تدربه على السلاح، أو بحجة كراهيته للصهاينة.
قبل أيام أصيب المواطن فتحي زقوت بنوبة قلبية، وقد حاول ذووه تجديد جواز سفره في قطاع غزة، بهدف نقله سريعاً لتقي العلاج في الخارج، وكانت المفاجأة أن وزارة الداخلية في قطاع غزة لا تمتلك حق إصدار جواز سفر فلسطيني، ولا حق لها في تجديد جواز السفر، مما أجبر عائلة زقوت على الانتظار حتى تقوم حكومة رام الله بالتحري عن الشخص، الذي يهاجمه المرض، فمات، مات فتحي زقوت، وهو ينتظر صدور جواز السفر من حكومة رام الله.
قد يندهش القارئ لو عرف أن فتحي زقوت هو أحد أبناء حركة فتح، وقد زاملته شخصياً في سجن نفحة الصحراوي، وكان يقضي حكماً بالمؤيد؛ بعد أن فقد ذراعه في إحدى التفجيرات ضد الصهاينة، وحين خرج من السجن، عمل فتحي زقوت في مدينة خان يونس مديراً عاماً في وزارة الداخلية، وكان يشرف على إصدار جواز السفر الفلسطيني، ويقوم بتسليمه للمواطن بيده، فلما احتاج شخصياً إلى جواز سفر، لم يجده لدى حكومة غزة المحرومة من إصدار جواز سفر، ولم تسعفه حكومة رام الله؛ التي ما زالت تتحرى عن سلوكه كي تمنحه جواز سفر.
المواطن الفلسطيني في قطاع غزة بحاجة إلى وزارة داخلية فاعلة، وقادرة على خدمته، وجاهزة لإصدار جواز سفر فلسطيني يسهل له السفر، والمواطن الفلسطيني في قطاع غزة ليس درجة ثانية، كي يلجأ إلى حكومة رام الله لتجري له التحري الزائف، والمواطن الفلسطيني في قطاع غزة ليس ابن البطة السوداء كي ينتظر المراسلات بين مكاتب غزة ورام الله، وينتظر التقارير السرية، وينتظر فتح المعابر، وإغلاق الطرق بمناسبة أعياد اليهود، المواطن الفلسطيني بحاجة إلى جواز سفر فلسطيني يصدر من قطاع غزة، وصادر عن الحكومة الفلسطينية التي حظيت بثقة المجلس التشريعي المنتخب، وما عدا ذلك فهو استسلام للباطل.
وهنا قد يقول وكيل وزارة الداخلية في حكومة رام الله حسن علوي: لا يمكن إصدار وثائق رسمية ذات تمثيل دولي من حكومة مقالة، وغير شرعية، كتلك التي تديرها حماس في غزة! وتابع يقول: ليس المهم إصدار الجواز، وإنما الاعتراف بهذا الجواز! ونأمل ألا تقدم حماس على مثل هذه الخطوة العبثية التي لن تكرس الانقسام فقط، بل ستعني قسمة خطيرة للشعب الفلسطيني !.
لو سألت عابر سبيل: أين الشرعية؟ سيقول: مع البندقية، ولو سألت امرأة أو طفل: من هو صاحب الحق بتمثيل الشعب الفلسطيني؟ سيقول لك: المقاوم هو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والذي يستطيع أن يفرض على تل أبيب منع التجول يستطيع أن يفرض على المجتمع الدولي الاعتراف بجواز سفر يصدره في غزة، والذي يستطيع أن يسقط قذائفه في محيط اجتماع عباس أوباما يستطيع أن يدخل بجواز سفره الصادر من غزة إلى كل المحافل الدولية، ولا داعي للانتظار حتى يموت آخر مريض فلسطيني في قطاع غزة، وهو ينتظر أن تتحرى عنه الأجهزة الأمنية، التي ينسجم تقريرها مع هوى المخابرات الإسرائيلية.
إن الذي انتصر في المعركة على جيش الصهاينة لقادر على الانتصار في كل الساحات.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت