الشعوب التي قامت بالثورات في عالمنا العربي،أو ما يسمى بثورات الخريف الغربي الأصيل ،وسيبقى ذلك هو المصطلح الفعلي،والمشروب الرسمي لكل الفصول في المسرحية الهزلية الربيعية والمستمرة العرض على مسارح حياتنا السياسية ،طالما ليس هناك أي اخضرار ..وطالما ليست هناك زهورا أو ورودا يمكن لها أن تتفتح ،وطالما أن هناك أوراقا وأغصانا وجذورا متفحمة ..فهل يمكنا أن نعرف كل تلك التعرجات ،والانكسارات بالربيع العربي ؟! أنا أعتقد حتى لو تنسمنا بعض الشذى فمجرد قولنا ربيعٌ عربي فهو إقصاء سافر لبقية الفصول ،والتي وهبنا الله إياها لتزين لنا جمال الكون من أنشطة وأمزجة ،وأطعمه متنوعة،فاستمرار الربيع والذي لم يأت بعد معناه.. أن نخنق أنفسنا بلباس بدلة سياسية واحدة حبيسة لاتقبل التبديل ولا التطوير طوال العام مخربشة أنسجتها فنبدوا كالبهلوانات !! ..فالحكمة تعلمنا أحبائي.. أن الأثر يدل على المسير ،وأن البعرة تدل على البعير، ولذلك أتساءل هل حققت الثورات أهدافها ،وانجازاتها ،وهل من ركبوا موجات الثورات فصاروا على سدة الحكم ،لثقة الشعوب العمياء ،والغرقى بهم .. هل تغيرت مبادئهم وأيدلوجياتهم الثورية فانسلخوا عن أهدافهم الرئيسية تبعا لقرارات العم سام ؟!!،ولما لم تستقر تلك الدول بعد كل تلك التأججات ؟!! أيها المتشدقون أصحاب النفوذ ..كفاكم هراء ،واستخفافا بعقول شعوبكم عندما تزعمون دائما بالربيع العربي،أما يكفيكم أنكم أسقطتم من قبل سعد زغلول من الزعامة الشعبية الثائرة إلى مجرد حزب الوفد ،حتى لا يصبح رمزا تاريخيا تستمد منه الأجيال النضال والبطولة ،والوفاء وحب الوطن ،أما يكفيكم أنكم أسقطتم جمال عبد الناصر من الزعامة العربية ،وعزمتم على تقزيمة في بوتقة الحزب الناصري الضيقة إرضاء لمحبيه تحت مسمى الحرية السياسية؟! إلى متى ستزعمون بقولكم أنه ربيعا عربيا ،كما زعم الذين من قبلكم أمثال ماوتسي تونج عندما أعلن ثورته الثقافية في 16 مايو سنة 1966 والتي استمرت عشر سنوات ، والعجيب أن هذه الثورة التي سميت ثقافية كانت هي أعدى أعداء المثقفين ، والذين قتل منهم آلاف بل ملايين خلال الثورة ، وتم تشريد ملايين بالدعوة التي نادى بها ماو (أذهبوا للريف وتعلموا من الفلاحين)
إن كنتم أسميتموه ربيعا ،فلما قد سقطتم اليوم جميعا في براثن الفوضى الغير خلاقة أصلا ؟!!
تساؤلات وتساؤلات ،وبرأيي الشخصي الغير ملزم هو أن الإجابة على كل تلك التساؤلات لحالات الفوضى ،وعدم الاستقرار يمكن أن نستنتج أسبابها من قول الحق سبحانه وتعالى :"حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون:منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة " فالذين يرفعون راية العقيدة ولا يخلصون لها إخلاص التجرد هل يمكن أن يمنحهم الله النصر أبدا ،والعلاج لكل مشاكلنا من ثورات هائجة، ومن بطالة متفشية ،ومن اضطرابات نفسية واقتصادية واجتماعية ومن ازدياد حالات الانتحارات واليأس ، وكلما ضاقت بنا الدنيا فالعلاج الشافي الكافي هو في قوله سبحانه وتعالى :وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}فهل اتقينا الله سبحانه ،أم اتقينا النزول من علياء المنابر ،وضياع السلطان والجاه ،والحياة الفارهة رغم أن أقوالكم ماعادت تبهرنا ،وهل توكلنا على الله حقا ، أم توكلنا على كراسينا الحزبية ،وعلى مناصبنا؟!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت