"بآي بآي مصالحه"

بقلم: كمال الرواغ


إن استغباء الناس إلى هذه الدرجة شي غير محتمل، لقد قررت أن استمر في الكتابة عن المصالحة والانقسام ورموزه بعدما أصموا آذانهم وأفئدتهم عن كل الأصوات والنداءات، التي ناشدتهم بكل ما هو مقدس فلسطينيا ووطنيا وعرفيا واجتماعيا، ان يرفعوا أيديهم وهراواتهم الغليظة عن الشعب، وان يردموا هذا الصدع الغير محتمل في جميع مستويات العلاقة الداخلية والخارجية، لكنهم مصممون على ان يستمروا في تمردهم على استحقاقات المصالحة، وصدق فيهم قول الشاعر، أسمعت لو ناديت حيا..لكن لا حياة لمن تنادي ، اعتقد بأنه لم يبقى فلسطيني كاتب أو سياسي أو تاجر أو مزارع أو طالب أو سائق أو راكب أو أي مواطن، إلا وكتب وتحدث عن ضرورة المصالحة الداخلية، اعتقد لقد بات الحديث عمن تسبب في هذا الشرخ أهم ولو أدى ذلك إلى حك أنوف البعض وأثار عصبيتهم الزائدة بسبب كثرة الكيلوسترول والفسفور في الدم، إن الكتابة والحديث ومواجهة ممن تسبب في هذا الشرخ في العلاقة الوطنية الفلسطينية الداخلية، وتشويه صورتنا في الداخل والخارج، وتدمير المشروع الوطني، بحاجة إلى المواجهة والتصدي من الجميع، لأنه أهم وأنجع مهما كانت النتائج، إن استمرار هذا التصدع في القضية الوطنية، وارتداد هذا الزلزال على الجسد الفلسطيني في كافة مناحي الحياة الداخلية لهو جريمة، ويجب أن يقدم كل من تسبب بها إلى محكمة وطنية ثورية، لا أن يكافئ وتقدم له القرابين والحصص والمكافئات .
لقد آن الأوان أن يكف من يختفون خلف هذا الجدار المخزي، الذي هو أسمك وأشد قوة من جدار الفصل والعزل العنصري الصهيوني، آن يتنازلوا لشعبهم وقضيته الخالدة والشاهدة على الإثم والألم والارتزاق، إن ما يفعله هذا الانقسام الأليم الذي يبدو بأنه ليس له علاج إلا بثورة شعبية على كل من يختفون خلف هذا الجدار بشعار واحد فقط فلسطين أكبر من الجميع ويسقط الانقسام .

أن المراقب للمشهد الفلسطيني الداخلي ، يرى مدى خسارتنا، في الجانب الآخر من الأرض والإنسان، وقضيتنا بدأت توزع على محاور كلعبة الروليت على طاولة غير فلسطينية ولا عربية ولا وطنية، بل لخدمة ملفات سياسية إقليميه وأطماع دوليه، أن حركة حماس بدأت تغازلهم وتلعب اللعبة جيدا وبدأت تفرض شروطها المعروفة فك الحصار السياسي والاقتصادي والاعتراف بها كشريك..وبدأت أصوات في فتح تقبل وتعرض عليها ذلك، وساعدها طبعا حالة الفوضى العربية وصراع القوى الوطنية التقدمية والاشتراكية، ضد الأيدلوجيات السياسية، التي تسيطر على المشهد العربي، في غفلة الأنظمة العربية المتهرئة والمتهالكة، بعدما تكلست وسقطت شعاراتها ورموزها ووقعوا في مستنقع الفساد والرذيلة .
إذن حماس أدركت المعادلة وخواصها، وهي لن تعود إلى المربع الأول بعدما خرجت من القمم وعباءة الدين التقليدي إلى رحاب الإسلام السياسي، وإلى عالم الاقتصاد الحر وتجارة الشنطة .
أن حرف أنظار وأفئدة الفلسطينيين عن قضيتهم الكبرى من خلال هذا الشرخ لهو جريمة بحق الشهداء والأسرى والجرحى والمنفيين في أقاصي الأرض بعيدا عن أهلهم ووطنهم وقضيتهم .
على مايبدو أن الغرب بدأ يضجر من سياسة الرئيس عباس الهادئة طويلة النفس، والتي لا تحيد عن الثوابت، لأنه يعلم بأن قضيتنا مستمرة منذ أكثر من مئة عام منذ عقد المؤتمر الصهيوني الأول الذي تعهد بإقامة دولة صهيونيه على ارض فلسطين التاريخية، وهو يعلم جيدا بأن مؤسس الكيان هرتزل قال امنحوني خمسين عاما لأقيم لكم دولة إسرائيل، كيف لا وهو يحمل الدكتوراه بالحركة الصهيونية، وعلى ما يبدو فأن أبو مازن "هرتزل فلسطين" يعمل وفق هذه السياسة، ويعلم بأنه مهما طال الزمن وحتى بعد رحيله سوف يأتي من يكمل هذا الطريق، طريق الدولة والحرية والانتصار .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت