أن تصبح غير موجود على الخارطة البشرية والخارطة الإنسانية وبفعل فاعل فذلك قمة العدوان على وجودك ، هذا ما يمارسه اليوم العدّو الصهيوني ضد اللاجىء الفلسطيني ، إنه صراع الوجود على أرض فلسطين التاريخية ، الذي ما فتأ العدّو الصهيوني يخوضه ضد الشعب العربي الفلسطيني بكل الوسائل وبكل السبل المتاحة له ، ففي العام الماضي وأثناء انعقاد الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة وقبلها مارس العدّو الصهيوني حرباً ضد اللاجئين الفلسطينيين من خلال ادعائه بوجود ملايين اللاجئين اليهود الذين يطالبون بحقوقهم في الدول العربية ، وكان يقصد من ذلك مقايضة قضية اللاجىء الفلسطيني بما يدعيه بقضية اللاجىء اليهودي ، واليوم يعود العدّو الصهيوني ومن خلال سفيره في الأمم المتحدة طالباً بإعادة تعريف اللاجىء الفلسطيني ، مدعياً بأن اللاجىء الفلسطيني هو فقط الفلسطيني الذي خرج من فلسطين نتيجة حرب 1948 ، ولا تنطبق صفة اللاجىء الفلسطيني على الفلسطينيين الذي ولدوا خارج فلسطين بعد عام 1948 في مخيمات اللجوء والشتات .
كما أنّ السفير الصهيوني يدعي بأن حق العودة وليس الاستيطان هو العقبة الأساسية في وجه المفاوضات ، والحديث الصهيوني عن تعريف اللاجىء الفلسطيني وعن حق العودة بهذا الفهم الصهيوني يعيد القضية الفلسطينية إلى جوهر وجودها ، هذه القضية التي نشأت بتخطيط استعماري عالمي تحت عنوان صهيوني ، يدعي بأن فلسطين أرض بلا شعب ، فانتفاء الوجود الفلسطيني في الفكر الصهيوني كان المحرك الأساس للغزو الصهيوني الاستعماري لفلسطين ، ومقابل هذا النفي للوجود الفلسطيني على أرض فلسطين كان لا بدّ من وجود شعب آخر بدلاً منه ، إنه الوجود اليهودي ، فما دامت فلسطين أرضاً بلا شعب فهي في الفكر الصهيوني لشعب بلا أرض ، شعبٌ ليس له وجود ، مجرد ملايين من البشر ينتشرون في أنحاء الأرض يعتقدون باليهودية ديناً لهم ، فيتحولون في الفكر الصهيوني إلى شعب واحد لا يجمع بينهم سوى الاعتقاد الديني ، لغات مختلفة ، قوميات مختلفة ، أوطان مختلفة وأجناس بشرية مختلفة ، كل ذلك يحوله الفكر الصهيوني إلى مجموعة واحدة غير متآلفة يوحدها ادعاءٌ باطلٌ بوجود المحرقة ، فيصبح الهروب من المحرقة باتجاه وطن قومي يهودي على أرض فلسطين ، فالهروب من المحرقة المزعومة يعني في الفكر الصهيوني تنفيذ حكم الإعدام بالشعب العربي الفلسطيني من خلال مقولتهم التاريخية الكبار يموتون والصغار ينسون ، وهذه الجريمة بحق الشعب العربي الفلسطيني ما زالت قيد التنفيذ حتى هذه اللحظة ، وذلك من خلال العمل الصهيوني الجاد اليوم بإعادة تعريف اللاجىء الفلسطيني .
ولمقاومة هذه الهجمة الصهيونية الجديدة على وجودنا الفلسطيني والتصدي لها يتطلب منا نحن الشعب العربي الفلسطيني وفي اختلاف اماكن تواجدنا ، على أرض الوطن وفي الشتات ، وقفة جادة ومسؤولة ، تبدأ بالتأكيد على وحدة شعبنا ما بين الداخل والخارج ، وإنهاء الانقسام القائم ليس بين جنوبي فلسطين وشرقيها وحسب ، بل إنهاء الانقسام الأشمل وإعادة اللحمة لشعبنا العربي الفلسطيني كله في إطار جامع شامل هو منظمة التحرير الفلسطينية ، التي يجب التأكيد على أنها ليست الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا فقط ، بل هي الوطن المعنوي الذي ننتمي إليه جميعا ، والتأكيد على حقنا التاريخي بالإقامة على أرضنا التاريخية من خلال ممارسة حقنا في العودة إلى ديارنا وممتلكاتنا التي طردنا منها عام 1948 ، وتحويل القرار الأممي بالاعتراف بنا كدولة تحت الاحتلال من قرار نظري إلى قرار يـُنفذ على الأرض بعيداً عن كل الضغوط التي تمارس علينا .
حمص في 16/3/2013 صلاح صبحية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت