ظل وقوف دولة الإمارات المتحدة إلى جانب الشعب الفلسطيني وقوف الأب الحنون مع أبنائه، وقوف لم تقف في وجهه الازمات ومتغيرات التاريخ. وفي خضم الهم العربي الجديد أين اتجهت الأنظار إلى مصير الأنظمة العربية التقليدية لم يغفل آل نهيان عن الهم الفلسطيني ولو للحظة. وقد آثر أهل الإمارات حكومة وجمعيات ومنظمات أهلية أن يكون اتصالهم مباشرا بالشعب الفلسطيني وقضيته، فلم يتأثر هذا الاتصال بمواقف هذا الفصيل أو ذاك من هذه القضية أو تلك ولا حتى بالمواقف الرسمية للسلطة الفلسطينية في الضفة أو الحكومة المقالة في غزة ولا حتى بالمواقف الإقليمية والدولية التي كانت ولا تزال تخضع لمقتضيات لا تصنعها الأمة العربية والإسلامية بالضرورة. والكل يتذكر أن وقوف منظمة التحرير الفلسطينية وقائدها الراحل ياسر عرفات ضد مشاركة القوة الدولية لتحرير الكويت بعد غزوها من قبل نظام صدام حسين بداية عام 1991 لم يدفع دولة الإمارات لتغيير موقفها من قضية الشعب الفلسطيني التاريخية التي ظلت تحكمها مبادئ لا تعتريها شبهة ولا تؤثر فيها السياسة تقلباتها وصراعاتها. إلى جانب الآلاف من الأعمال الخيرية التي تقوم بها الإمارات عبر الهلال الأحمر الإماراتي عبر الأونروا والقنوات غير الحكومية فإن عزم هذه الدولة على بناء مدينة خاصة للأسرى بقطاع غزة بإشراف إماراتي مباشر لهو خير دليل على عمق ومتانة الروابط وحميميتها التي تجمع الإمارات حكومة وشعبا بالشعب الفلسطيني وهذه الروابط كانت ولا زالت تتجسد في الوقوف مع هذا الشعب في الشدائد ومواساته والحيلولة دون سقوطه وانهياره أمام ما ينجر عن الحروب الإسرائيلية من تدمير للعمران والبشر. فإسرائيل تفرج مكرهة اعتقال والإمارات تؤوي بعد انعتاق، تتكفل بالمأكل والمشرب كما تعنى بالملبس والفرش ما إن تأتي آلة الدمار الصهيونية على الاخضر واليابس وما أسهل عملها حتى يأتي البناء على يد الحكومة الإماراتية وما هو عليها بعزيز. وما أشبه مواقف دولة الإمارات العربية المتحدة بمواقف الجزائر التاريخية من قضية الشعب الفلسطيني فكلاهما مع فلسطين ظالمة أو مظلومة تغدقان بغير حساب ولا حسابات ولا تتدخلان في الشأن الداخلي الفلسطيني اللهم إلا من أجل رأب الصدع وتوحيد الصفوف وشحذ الهمم وإشعار اخواننا الفلسطينيين أنهم ليسوا وحدهم وأن قضيتهم قضية العرب جميعا ومهما كانت الظروف.
مدير النشر في صحيفة الجزائر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت