العرض الأول لفيلم "خمس كاميرات محطّمة" في القدس

القدس المحتلة – وةكالة قس نت للأنباء
اكتظت القاعات الستة في المكتبة العلمية والمركز الثقافي الفرنسي في القدس إثر تعاونهما لعرض فيلم "خمس كاميرات محطمة" الذي ترشح لجائزة الأوسكار العالمية عن فئة الأفلام الوثائقية الشهر الماضي. ففي قاعات مختلفة وبوقت متزامن عرض الفلم الوثائقي لأول مرة في القدس ، وبمشاركة المخرج الفلسطيني عماد برناط في اتصال معه عبر الفيديو كونفرنس.

وجاء فيلم "خمس كاميرات محطمة" ليحكي من خلال قصة برناط وكاميراته الخمس المحطمة قصة المقاومة الشعبية السلمية لقرية بلعين الفلسطينية ضد جدار الفصل والاستيطان على أراضي القرية، كما يتتبع تطور عائلة المخرج على مدى خمس سنوات من الأحداث، إذ قام برناط -وهو بالأصل مزارع فلسطيني- بتصوير كافة مشاهد الفيلم ابتداءً بكاميراته الأولى التي اشتراها عام 2005 لتسجيل ولادة ابنه الأصغر جبريل واستمر حتى انضمام المخرج الإسرائيلي جاي دافيدي إلى العمل في الفيلم عام 2009، وأنتج الفيلم عام 2011 ليعرض في عدد من المدن الفلسطينية وحول العالم بعد ترشيحه لجائزة الأوسكار مؤخراً.

يستعرض الفيلم خمس كاميرات - لكل منها حكايتها الخاصة، ففي عام 2005 عند ولادة ابن برناط الرابع، جبريل، يحصل على كاميراته الاولى، وفي الوقت نفسه بدأت إسرائيل ببناء جدار الفصل العازل على أراضي القرية وصادرت 50% منها لتوسيع المستوطنات القريبة. ومنذ ذلك الحين بدأ أهالي القرية بمقاومتهم السلمية لهذا القرار. وفي العام التالي، يقوم برناط بتصوير هذا النضال، الذي يقوده اثنان من أفضل أصدقائه، ويواصل في الوقت نفسه توثيق نمو ابنه جبريل. لم يمر الوقت طويلا، حتى ابتدأت الأحداث بالتأثير على أسرته وحياته الخاصة من الاعتقالات اليومية، الهجمات العنيفة، اقتلاع الجرافات لأشجار الزيتون، الشهداء والمداهمات الليلية في القرية، وقد تعرض أصدقائه، وحتى أخوته لإطلاق النار من قبل قوات الاحتلال وكذلك للاعتقال. كما تعرضت كاميراته المستخدمة لتوثيق هذه الأحداث الواحدة تلو الأخرى لإطلاق نار أو للتحطيم لتكشف بذلك تباعا جزءا آخر من تاريخ النضال وقصة عماد الشخصية.

وشكر برناط الحضور متمنياً لو أنه تمكن من الحضور بشخصه لمناقشة الفيلم مع الحاضرين، لكنه لم يتمكن من الحصول على تصريح لدخول القدس والتواجد من أجل تلقي استفسارات المشاهدين والرد عليها. فيما تجدر الإشارة إلى أن المكتبة العلمية اتصلت بالمخرج الإسرائيلي ودعته للحضور، لكنه طالب بمبلغ مالي رفضت إدارة المكتبة توفيره له كونها تراه أمراً يتنافى مع مبدأ "دعم الفلسطينيين" الذي تتغنى به منظمات يسارية ينتمي دافيدي إليها.

وتحدّث برناط في اتصال معه عبر سكايب عن تجربته في تصوير الفيلم الذي جاءت فكرته بداية لتسجيل اللحظات الأولى لحياة ابنه جبريل في قرية بلعين، ثم تطوّرت الفكرة ليوثق الأحداث التي رافقت سكان القرية في رفضهم بناء جدار الفصل على أراضيهم، في الوقت الذي تحوّلت في القرية إلى رمز للصمود والدفاع عن حق الفلسطينيين في أرضهم.

وأكّد برناط على أن نجاح الفيلم أتى من كونه انعكاساً لحياته الشخصية، الأمر الذي أعطاه طابعاً إنسانياً مختلفاً عمّا يتم عرضه وصنعه من أفلام وثائقية تتجه نحو الجانب السياسي البحت، دون مسّ للحياة الحقيقية للأفراد الذين يعانون إثر هذه السياسات الإسرائيلية التعسفية. كما أن الفيلم عبارة عن توثيق لتجربته التي يسعى من خلالها إلى إيصال شعور الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي إلى العالم.

وحول وصول الفيلم إلى الأوسكار أشار برناط إلى أن الفكرة التي حملها الفيلم هي التي أعطته قوة الدفع لينافس أفلاماً عالمية أخرى في فئة الأفلام الوثائقية، مؤكداً أن القضية الفلسطينية وصلت إلى المشاهدين من خلاله بطريقة مميزة، وأثارت المشاعر وردات الفعل الإيجابية اتجاه القضية الفلسطينية العادلة.

في حين أشار برناط إلى تنظيم عدد من العروض في عدد من المدن الفلسطينية وحول العالم بعد أن لاقى الفيلم قبولاً وتأثراً واسعاً من الفلسطينيين في الخارج، فيما عبّر كثير ممّن شاهدوا الفيلم حول العالم عن دهشتهم مما يحصل في فلسطين من انتهاكات واضحة من الجانب الإسرائيلي.

وأشار عماد منى مدير المكتبة العلمية إلى أحقية الفلسطينيين في الوصول إلى محافل سينمائية دولية لعدالة قضيتهم وضرورة إيصالها إلى العالم عبر الصورة والكلمة، ووصول فيلم "خمس كاميرات محطمة" إلى الأوسكار ليس الدافع الوحيد لعرض الفيلم في المكتبة، بل هو واحد من أسباب دعم الأفلام الفلسطينية في مدينة القدس وإيصالها إلى المشاهد المقدسي، وذلك كلّه ضمن سياسات المكتبة العلمية التي تقضي بوصول الأعمال الثقافية إلى الجميع على اختلاف توجهاتهم.

كما أكّدت أليس راؤول منظمة النشاطات في المركز الثقافي الفرنسي على أن عرض الفيلم طريقة لدعمه خاصة بعد وصوله إلى الترشيح لجائزة الأوسكار الشهر الماضي، مشيرة إلى إمكانية عرض الفيلم مرّة أخرى بالتعاون مع المكتبة العلمية خلال الشهر القادم بسبب الإقبال الكبير الذي شهده العرض الأول أمس.

وقد تفاعل الحاضرون مع الفيلم بشكل إيجابي وأبدوا تأثرهم لما شاهدوه، إذ قال جون ديف أحد الحاضرين إن معرفته أصبحت أوسع بكمّ الانتهاكات الإسرائيلية، وذلك من خلال قصة أحد سكان قرية تتعرض يومياً إلى مشاكل على إثر بناء الجدار على أراضيها. أما سارة دي سولا التي تأثرت بالفيلم قالت إنها لم تستغرب عدم حصوله على جائزة الأوسكار، كون الفيلم فلسطيني الأصل والقصة ، هويته واضحة وانتمائه قوي.

وكان فيلم "خمس كاميرات محطمة" قد فاز بجائزة السينما العالمية للإخراج في مهرجان صندانس السينمائي في عام 2012. كما حصل أيضا على جائزة الجمهور وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان الفيلم الوثائقي الدولي في أمستردام في عام 2011. كما فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان سينما الواقع الرابع والثلاثون في باريس، ورشح لأفضل فيلم وثائقي في جوائز الاوسكار عام 2013.