حكومة اسرائيلية ثلاثية الابعاد

بقلم: هاني العقاد


قد لا يكون نتنياهو نجح في تشكيل حكومته الجديدة بقناعته السياسية أو بما يتوافق مع تطلعاته السياسية اليمينية الشديدة و قد لا يكون أكمل تشكيل هذه الحكومة بقناعة جميع الأحزاب السياسية في إسرائيل بل تم تشكيلها في الوقت الضائع من المهلة الزمنية الثانية التي منحها له رئيس الكيان شمعون بيرتز, لان عدم تشكيل الحكومة خلال الفترة الثانية الممنوحة لها تعني تناقض المواقف السياسية في إسرائيل وتعني ضعف نتنياهو كسياسي سيقود البلاد لفترة حكم أخري ,و يعنى عدم جاهزية إسرائيل لاستقبال اوباما خاصة وان الأخير أعلن عن عدم نيته تأجيل زيارته للمنطقة لكنة في نفس الوقت قال انه سوف يستمع لجميع أطراف لهذا ولا يحمل خطة سلام جديدة او خارطة طريق جديدة تفك تعقيدات الموقف السياسي , لذلك سارع نتنياهو بالإعلان عن حكومته لتنال ثقة الكنيست الإسرائيلي قبل وصول اوباما وقبل عقد اللقاءات السياسية مع اوباما و طاقمه السياسي .
هي حكومة ثلاثية الأبعاد تحتاج إلى نظارة خاصة لرؤية تفصيلاتها على حقيقتها وفهم أهدافها السياسية و إستراتيجية التعامل مع الصراع وخاصة أن احد أهدافها كما جاء اليوم في يدعوت احرنوت أن تعمل الحكومة على التقدم بالعملية السلمية و في حال الوصول إلى سلام فلا بد وعرضه على الكنيست أو الاستفتاء العام , ولا يمكن لأي مواطن إسرائيلي أو حتى سياسي بلا نظارات خاصة أن يري مجسمات الصورة الكاملة وري نفس المجسمات من الزوايا المحددة لنقها للتحليل و الفهم , ولان جسم الحكومة من ثلاث أحزاب رئيسية في إسرائيل أولها حزب نتنباهو الليكود ,وحزب يش عاتيد هناك مستقبل الجديد ,و البيت اليهودي فأننا نطلق عليها حكومة ثلاثية الأبعاد لأنها حكومة كاملة الجسم الاستيفاء البرلماني إلا أنها غير واضحة الأهداف السياسية بالكامل ,وداخليا فإننا نعتبر هذه الحكومة قد فقدت أول ما فقدته هو الائتلاف الواسع في إسرائيل مما يجعل حجم المعارضة لهذه الحكومة أوسع من المعدل المعروف في السياسة الإسرائيلية وهذا سيسارع في إسقاطها لأنها ستلبي رغبات ثلاث كتل برلمانية فقط وهي تلك الأبعاد الثلاثية المجسمة هي لن تلبي رغبات الكتل الأخرى , و لعل الحكومة الجديدة ببعدها الثلاثي صورة مكتملة للحكم في إسرائيل لكن ينقصها الكثير لتأتي بالأمن والاستقرار لمواطني الكيان , فهي حكومة متناقضات حكومة متباعدة الزوايا الثلاثة لان تطلعات حزب يش عتيد هناك مستقبل يتطلع إلى محاربة الفساد العام وتقوية حكم القانون والحفاظ على مكانة محكمة العدل العليا كما و يدعوا إلى وضع دستور جديد لإسرائيل ,ويركز برنامج الحزب إلى تغيير سلم الأولويات في الدولة مع منح الأولوية للحياة المدنية وتحسين وضع الطبقة الوسطي ,وينادي هذا الحزب سياسيا بالمفاوضات على أساس حل الدولتين دون التنازل عن القدس .
الحزب القومي اليهودي " البيت اليهودي" حزب يميني متدين غاية في التطرف الديني وهو في الغالب حزب مستوطنين لأنه قريب جدا منهم ويشجع حربهم العدائية ضد الفلسطينيين , وكان قادته قد دعوا قبل الانتخابات البرلمانية الصهيونية إلى تفجير الحرم القدسي الشريف وقتل المسلمين في فلسطين والبلاد العربية , وهو حزب يشارك الحكومة الإسرائيلية الحالية تشكيلتها لتطلعاته الاستيطانية في الأرض العربية الفلسطينية وبالتالي فانه غالبا ما سيتولى وزارتي التجارة و الصناعة و الإسكان , بالإضافة إلى العديد من المناصب الأخرى كنواب وزراء ولجان برلمانية , ومن خلال هذا الجنوح نحو التطرف الحاد فان هذا الحزب يقصد من انضمامه للحكومة استرضاء جمهور المستوطنين اليهود وطمأنتهم بان دعم حركة الاستيطان سوف تستمر بكامل طاقتها وسيكون هذا الحزب مع الليكود ورقة ضاغطة في الكنيست لإقرار مشاريع استيطانية جديدة , لكن مهما كان واقع الحزب فان الحكومة محكومة في النهاية بتطلعات الجمهور الإسرائيلي وستستجيب لأي ضغوطات دولية في النهاية قد تحدد حركة الاستيطان و شكلها و حجمها .
إذن يمين, يمين ديني قومي و يمين وسط و وسط تلك هي تركية الحكومة الإسرائيلية ثلاثية الأبعاد و التي بالفعل ستكون حكومة كتل مجسمة لا يفهما الإنسان العادي لأنها ثلاث أبعاد لا تتفق في أبعادها الأيدلوجية بالمطلق وتختلف في أبعادها الليبرالية كثيرا لان حزب بين لبيد لا يعنيه إلا تغير حالة المجتمع الإسرائيلي وتغير التعليم ,وتغير قوانين الخدمة في الجيش ,والبحث عن الفاسدين السياسيين وتقديمهم للمحاكمة , وسيحاول هذا الحزب أن يلبي طموحات ناخبيه التي وعدهم بها من خلال توليه العديد من الحقائب الوزارية منها وزارة المالية والتعليم بالإضافة إلى العديد من اللجان البرلمانية , لكن وجه الحكومة السياسي بالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بات غير واضح بعد لأنه لا يأخذ ملامح معاملة وسط للصراع , فاعتقد أن التطرف الصهيوني هو على حاله في هذه الحكومة و التهديد باستخدام القوة لتبقي دولة الكيان أمنه كما يعتقدون سيبقي على حاله ,و الاستيطان هو الاستيطان مع بعض تقنين النفقات نحو الكتل الكبيرة ,لكن في النهاية فان السلام مع الفلسطينيين عبر هذه الحكومة سيأتي في شكل سعي الحكومة لمفاوضات سلام لكن دون تحديد أسس هذا السلام ولا مرجعياته وهذا ما سيجعل الفلسطينيين ينفروا من هذا النوع من المفاوضات لأنهم جربوها طويلا بلا فائدة حتى لو كانت هذه المفاوضات بضمانات غربية و أمريكية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت