الأردن ومنذ تأسيسه يعتبر من البلدان الآمنة والمستقرة في المنطقة نسبياً و كان دائماً ملاذاً للمهاجرين والفارين من جحيم الحروب في المنطقة , فكانَ الحضن الدافيء للفلسطينيين بعد النكبة , ومن ثمَ النكسة , وكان ملاذا للعراقيين في التسعينات من القرن الماضي , وها هو اليوم ملاذا للسورين , فهل سيبقى كذلك أم أنه ذاهب ٌ إلى المجهول ..لا سمح الله
فالشعب الأردني ربما لا يختلف عن بقية شعوب المنطقة اللهم أنهم يتميزون بالصلابة والجدية والشهامة عندهم سكر زيادة , وأي تغيير على أوضاعهم سيكون كارثياً بكل ما تعنيه الكلمة .
الأنظار تتجه اليوم نحو الأردن والشعب الأردني يضع يده على قلبه خوفاً ورهباً من المجهول وهم يرون ما يحدث في سوريا التي دمرتها الفتن , والخوف والرهبة ليستا مجرد شعور وعواطف بقدر ما هو قرائة لما يخططه الأعداء الصهاينة وقد ثبت بالوجه القطعي أن المشروع الصهيوأمريكي ماضٍ في طريقه رغم كل محاولات النأ ي بالنفس , تحاشياً وتجنباًَ من الخطر فوحش الغابة لا يهمه خنزيرٌ بري أو غزال وديع , فكل من في طريقه فريسة يجب أن يأكلها ..
ولكن إن حصل ما يخطط له في مركز صنع القرار الصهيوني ..!
كيف سيكون الحال في الأردن وأين يذهب الناس من جحيمٍ قادم لا قدر الله ..!
عندما قلنا الزلزال قادم لم يكن هناك ربيع عربي ولكن كان هناك مؤشرات يستقرئها كل ذي بصيرة وعقل , ومن يستقرءون المستقبل ليسوا منجمين ولا مشعوذين , بل مطلعين وقارئين للتاريخ ومدركين للمحصلات التي تُحدثها الوقائع
فالوقائع كانت وما زالت تفيد بأننا في المنطقة نعيش على جرف هار ٍ نتيجة تراكم الخطايا والمفاسد التي دمرت كل مقدرات الأمة العربية وحتى الإسلامية ناهيك عن تردي القضية الفلسطينية ووصولها إلى النفق المظلم وذلك بفعل المخطط التآمري الذي لم يتوقف ولن يتوقف حتى تحقق الصهيونية أهدافها بإخلاء فلسطين تماماً من أهلها
هو مخطط شامل للمنطقة رغم أن الشعوب العربية قد ضاقت ذرعاً بطواغيتها من الحكام الفاسدين , هؤلاء الحكام الذين ثبت أنهم مجرد أدوات أوجدها الغرب لخدمة المخطط المرسوم منذ سايكسبيكو , ورغم أنهم نفذوا كل ما هو مطلوب منهم وجعلوا بلدانهم دول هشة ضعيفة وجردوا الوطن العربي من كل مقومات القوة فأضعفوا شعوبهم وأفقروهم وطحنوهم
ليكونوا لقمة سائغة سهلة الإبتلاع
نعم لم يكن هناك مفر من أن ينفجر الجمهور العربي في مختلف البلاد العربية
وكان الانفجار ضخما ً وبدأ يتدحرج ككرة الثلج حتى اجتاح المنطقة وصولا ً لسوريا.
كتبت قبل ذلك وخلال أحداث ليبيا بالحرف الواحد (العمل يجري في ليبيا والعين على سوريا)وبعد بداية الأحداث في سوريا كتبت وقلت (العمل في سوريا والعين على الأردن)
لماذا قلت ذلك ..!
لأن قناعتي كانت وما زالت إن ما جرى ويجري وسيجري كله مرتبط بالمشروع الصهيوني الأمريكي الذي يريد أن يتحكم بالمنطقة ويسيطر على جميع مقدراتها النفطية خاصة الغاز وغيرها من الثروات الموجودة , وكنقطة محورية للتواصل مع العالم من خلال القنوات والمعابر والمضائق كمنطقة إستراتيجية تكمل السيطرة على مجمل العالم
وأما الثورة على الحكام والطواغيت, فالحكام هُم هُم لم يتغيروا وهم أنفسهم يمارسون الظلم والقهر على شعوبهم ومنذ عقود ولكن لماذا لم تثر شعوبهم عليهم إلا الان .!
أعتقد أن الظروف تهيأت الان بما يخدم المخطط الصهيوامريكي الذي لا يمكن أن ينجح إلا بعد أن يتم لخبطة الأوراق في المنطقة من خلال فوضى عارمة
فالنار التي إشتعلت في إفريقيا وحرقت الأخضر واليابس وغيرت معالم وخريطة المنطقة السياسية , عليها أن تتابع مسيرها لإكمال المشروع كما هو مخطط له وحسب الظروف المناسبة
ولو نظرنا للأردن فنجد أن الأردن نأى بنفسه عن الأحداث في سوريا رغم التماس المباشر جغرافياً وحتى إجتماعيا ً , ولكن الأردن كنظام وهو يحاول أن لا يتورط في الوضع السوري إلا أنه واقع في حيص بيص أمام الضغوط الهائلة التي تمارس عليه وهو بلد صغير يعتمد على المساعدات الخارجية والدعم الغربي
فالوضع الإقتصادي يكاد يصل الى الهاوية والإجرائات الحكومية تزيد الطين بله
وأكثر ما يشكل خطراً هو الفقر الذي أصبح طاغياً على نسبة كبيرة
وقد مرت الأردن بإرهاصات كبيرة خلال ثلاثة أعوام من خلال المظاهرات التي بدأت قبل الربيع العربي
واستطاع النظام أن يستوعبها دون البطش الشديد , وأيضا الحراك الشعبي لم يخرج عن أدبيات المطالب المحقة ولم يسمحوا لمن يعبث ويفسد حراكهم حرصا على أمن واستقرار الأردن
وجرت إنتخابات برلمانية لم ترضي الكثيرين ولم يشارك بها الاخوان المسلمون الذين هم أقوى التيارات الحراكية التي استنفرت قواها الجماهيرية من خلال تظاهرات عارمة, وبقيت تتحاور مع النظام رغم عدم الوصل إلى إتفاق يرضي الطرفين
لكن هل الحذر يمنع القدر ..!
كما بات مفهوماً ومعروفاً أن الشعب الأردني وعلى إختلاف توجهاته وانتمائاته يريد الإصلاح وقد وضع نقاطاً واضحة على الفساد والفاسدين ومطالبهم واضحة من خلال الحساب والعقاب
ولكن ليس هناك ما يشجع على تنفيذ مطالبهم وقد بات واضحاً أن الأمر له وضع سياسي مفروض من صندوق النقد الدولي الذي هو البلاء بعينه , بما يفرض على أي حكومة أن لا تخرج عن النص الذي وضعه الصندوق الدولي , وفيه كل المصائب .
ولربما أن الأزمة السورية أوقفت التصعيد الذي كان سمة المرحلة السابقة وذلك تخوفاً من أن تدخل الأردن بصراعات داخلية ينفذ من خلالها المخطط المرسوم والذي ينتظر التنفيذ بعد إنجلاء الوضع في سوريا الذي يتأرجح
يحاول النظام الأردني وعلى رأسه الملك تفادي النار التي تتأجج على حدود الأردن
ولكن كما قلت سابقاً فهل هو حر ٌ بقراره وهو دولة مرتبطة مع الغرب ..!
وهل والوضع الإقتصادي يؤهله لأن يكون صاحب إرادة صلبة .!
وهو بحاجة للمعونات من أي جهة كانت , فما بالك بالمعونات الخليجية والتي هي ممول الحرب في سوريا بالدولار وبالدفع السياسي وزج المقاتلين إلى محرقة الشام .
كانت هناك محاولات متكررة لدفع الاردن ليكون بابا ً مفتوحاً على الصراع في سوريا ,وكانت الإغرائات كثيرة ومتعددة منها دمجه بمنظومة التعاون الخليجي , ومن ثم بإغرائه بدفع ثماني مليارت دولار لسد العجز في الخزينة , ولا ننسى الضغط الأوروبي والأمريكي الذي هو أكبر
فلو قبل الأردن هذه الإغرائات وسار مع الركب ..فهل سينقذ نفسه أم أنه سيغرق .!
ولنا أن نقرأ زيارة الملك لموسكو والاتفاق الذي تم إبرامه لإنشاء مصانع حربة في الأردن
نقرأ هذا بعين فاحصة ونستكشف خفايا هذا الأمر لحلفاء الأردن الغربيين
وهنا يجب أن نقف أزاء هذه الحركة المفاجئة للملك الأردني ونسأل ..
هل غسل يده من أمريكا مثلا ً ووصل إلى نتيجة أنه مستهدف في النهاية وأن المخطط لا يستثنيه ونظامه .! أم أنها محاولة الغريق الذي لا يخشى من البلل
إن ما تسرب من أخبار عن قوات امريكية تدرب مقاتلين في الأردن للتوجه إلى سوريا إن صحت ..فإن البلطجة التي تمارسها أمريكا تثبت فعاليتها في بلد مستضعف كالأردن
هنا وإذا صح هذا الأمر فيكون الوضع في غاية الخطورة ونكون في بداية أزمة ستطال الأردن حتماً ..لا قدر الله
عندما أقول أن جوهر الصراع في المنطقة هو فلسطين , فلم نخترع أمرا ً جديداً
فإسرائيل تتوسع وتحاصر القدس وتضرب بعرض الحائط باتفاق أوسلو وتضغط على الشعب الفلسطيني لكي يرحل وعملية بيع الأراضي على قدم وساق في عملية شبيهة لما كان يجري قبل عام 48 من قبل أشخاص أثرياء , وفي المقابل يتم تهجير الفلسطينيين من المخيمات في سوريا , إلى الأردن , ولبنان المرشحة للكارثة أيضاً والمستفيد الأول إسرائيل.
إن تهيئة الأجواء لكل ذلك هو ما تم الاعلان عنه قبل سنوات ( الفوضى الخلاقة ) لشرق أوسط جديد , ولا يمكن أن يكون الأردن مستثني من هذا المخطط , ولكن الأمور تسير حسب الخطط والأولويات , وما عاد هناك من له مكانة أو أفضلية في المنطقة سوى إسرائيل التي هي مركز المروحة التي تؤثر ولا تتأثر
صندوق النقد الدولي الشيطان الأكبر
هذا الصندوق الذي تديره جهات صهيونية هدفها إفقار الشعوب وتدمير الدول من أجل أن تعلو إسرائيل وتتعاظم , ولو دققنا في كيفية توزيع القروض وماهية وأسلوب الصرف لوجدنا أن هناك من يساعد هذه المؤسسة الصهيونية من داخل الدول نفسها من خلال التدمير الإقتصادي الممهنج حتى تضيع البلاد والعباد .
صحيح أن الشعب في الأردن يعي ويدرك تماماً خطورة الوضع وحتى الحراك الذي يجاهر ويطالب بالتغيير وحتى الإخوان المسلمون الذين أثبتوا أنهم أردنيون وطنيون ليس لهم أجندات خارجية وهو ما يساعد الأردن أن لا ينجر إلى مخطط مرسوم
ولكن هل كل هذا سيمنع من النزلاق في المخطط التدميري الذي يراد منه تدمير الأردن بكل مقوماته لكي يتم تثبيت إسرائيل كدولة يهودية نقية خالصة من الفلسطينيين الذين يجب تهجيرهم إلى الأردن الذي يجب أن يكون ممزقاً في منطقة محروقة و ضمن دويلات طائفية وعرقية تكون إسرائيل هي المهيمنة على الجميع ..(وهذا هو الهدف)
يمكن للأردن أن يخرج بأخف الأضرار إن تكاتفت الجهود الخيرة ولم يسيطر أصحاب أجندات الفتنة المطلوبة وذلك من خلال التعاون بين النظام والمؤسسات الوطنية
فالشعب الأردني مطالبه منطقية وليست تعجيزية , وهناك تباطوء من قبل الحكومات المتعاقبة
التي تأتي تباعاً وقبل أن تنفذ برامجها ترحل , وكأن العملية تقطيع وقت لا أكثر ولا أقل
أعتقد جازماً أن الإردن يستطيع أن ينجو من هذه المؤأمرة وحتى لو فرضت عليه وذلك بأن تتوحد الجهود والقلوب بين مختلف فئات الشعب الإردني من مختلف المنابت والأصول
وأن يتخذ الأردن الرسمي قرارت سريعة تعيد للأردن هيبته ومكانته وذلك بإنصاف الشعب ووقف الهدر للمال العام ووقف الفاسدين والعدالة في التوزيع الوظيفي ومعالجة البطالة التي هي الخطر الأكبر الذي يمكن النفاذ من خلالها الى هدم القلعة من داخلها لا قدر الله
لقد ثبت بالوجه القطعي أن المنطقة والاردن ليس إستثناءً بأن صندوق النقد الدولي هو صاحب الولاية على مقدرات الدول التي تأخذ أموالاً من هذا الصندوق الذي يضع شروطاً تعجيزية لا مناص من تنفيذها , وقد ثبت أنها جرت الويلات على دول وشعوب المنطقة
فهل يستطيع الأردن الخلاص من هذا الوحش الكاسر ولو بأخف الأضرار .!
حمى الله الأردن , وكفاها شر الفاسدين والمتامرين المتصهينين
وعاشت فلسطين وطناً للفلسطينيين والقدس قبلة للعرب والمسلمين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت