لقد بات واضحاً أن السياسة الأميركية حيال القضية الفلسطينية، لا تختلف من حيث الجوهر عن سياسات أشد من حكومات الاحتلال الصهيوني تطرفا، والقائمة أصلاً على فكرة تحويل الحياة في الاراضي الفلسطينية المحتلة إلى جحيم لا يطاق، ودفع الفلسطينيين إلى الهجرة ومغادرة الأرض حتى تصبح لقمة سائغة للمستوطنين.
من غير المتوقع أن تسفر زيارة أوباما عن أي تقدم في عملية السلام، أو أي خطوة لصالح الحقوق الفلسطينية، فالرئيس الأميركي قال قبل أسبوع، إنه سيأتي للضغط على الفلسطينيين، وليس على الكيان الصهيوني.
واليوم مع زيارة اوباما تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة حالة غليان شعبي تنذر بانتفاضة ثالثة، في ظل مواصلة اسرى الحرية اضرابهم عن الطعام، معرضين للارتقاء بالشهادة بين ليلة وضحاها وفي مقدمتهم الاسيرين محمد التاج وسامر العيساوي ، وفي ظل ما تتعرض له القدس التي تئن تحت وطأة التدنيس المستمر من قبل قطعان المستوطينين بحماية قوات الاحتلال لتمارس كل أشكال التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني ،وتريد منه أن يقر بشرعية الاحتلال ووجوده،و أن يعتبر نضاله شكل من أشكال الإرهاب.
ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال يؤكد على الاستهتار بكل قرارات الشرعية الدولية وقوانينها ومواثيقها واتفاقياتها،والمساواة بين الضحية والجلاد،بل نصرة الجلاد على الضحية، في عرف الولايات المتحدة التي تقف بجانب هذا الكيان العنصري الذي يستعمل كافة وسائل العدوان بحق الشعب الفلسطيني.
في ظل هذه الاجواء لم تكترث الدول العربية والاسلامية لما يتعرض له الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس والخليل وبيت لحم وفي مختلف أنحاء فلسطين من اعتداءات وانتهاكات وعمليات تدنيس اسرائيلية فاشية، الخطر لم يعد مجرد تحليلات او نداءات استغاثه او عقد المؤتمرات او التضامن او الوعود, ولا يجب ان يتحمل الفلسطينيون وحدهم عبأ حمايتها والدفاع عنها, ولم يعد مفهوما صمت الشعوب العربية عما يحدث في فلسطين والقدس.
ان اهداف حكومة الاحتلال باتت واضحة للقاصي والداني بهدف تصفية القضية الفلسطينية، حيث نشهد حالة غير مسبوقة من التغول والتوحش الاستيطاني،والذي يشبه إلى حد كبير ال"تسونامي" من النقب الى الجليل فالقدس والضفة الغربية،باختصار سرطان إستيطاني يطال كل بقعة من فلسطين التاريخية،ولكن أكثر تجليات هذا التغول والتوحش،نراها في القدس العربية،حيث المصادقة على إقامة وبناء ألآلاف الوحدات الاستيطانية في القدس العربية، ،والهدف واضح هو الإجهاز والسيطرة الكاملة على مدينة القدس،تحت حجة وذريعة أن القدس هي العاصمة الأبدية ،ليس لدولة الكيان فقط،بل لكل يهود العالم،وكذلك من أجل إخراج القدس من أية تسوية سياسية مستقبلية.
لا ننتظر الفرج من زيارة اوباما والشعب الفلسطيني قال كلمته ، فلا بديل عن خوض النضال من أجل تقريب موعد بزوغ فجر الدولة الفلسطينية المستقلة،وهو غير ممكن إلا من خلال استعادة الوحدة بين شطري الوطن،وإنهاء ظاهرة الانقسام المدمرة،وعبر برنامج سياسي تلتف حوله كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني،وكذلك ضرورة أن يتم نقل وإعادة ملف القضية الفلسطينية الى هيئة الأمم المتحدة،بدل التفرد الأمريكي في رعايتها،والتوجه الى محكمة الجنايات الدولية،لرفع قضايا على حكومة الاحتلال وإلزامها فيما يخص وقف الاستيطان والاسرى باعتبارهم جريمة حرب،فقرار هيئة الأمم المتحدة الأخير يعتبر الأراضي الفلسطينية أراض دولة تحت الاحتلال،وما ينطبق على الاستيطان،ينطبق على الأسرى.
ختاما: لا بد ان نحذر بما تحملة جولة اوباما من ضغوطات بهدف العودة مجدداً الى مربع وعبثية المفاوضات، وبذلك سيكون شأنه المقامرة بحق شعبنا الفلسطيني، وكذلك تعميق وإدامة حالة الإنقسام في الساحة الفلسطينية.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت