المنظمات الغير حكومية والتمويل الغربي واثرها على النضال الفلسطيني

بقلم: جادالله صفا

منذ فترة التسعينات وبالاخص بعد انهيار النظام الاشتراكي العالمي بدأت تظهر على السطح منظمات غير حكومية بالعديد من دول العالم، وانتشرت هذه الظاهرة بالمنطقة العربية وعلى وجه الخصوص بفلسطين بعد توقيع اتفاق اوسلو بين قيادة م. ت. ف والكيان الصهيوني.
اخذت هذه المنظمات تنشط بعدة مجالات تعتبر من اهتمام الانسان الفلسطيني، فمع تواصل الضغط الصهيوني والعقبات التي تعاني منها القيادة الفلسطينية والفصائلية من معالجة الاشكاليات التي يمر بها المواطن الفلسطيني نتيجة استمرار الاحتلال وغياب الوحدة الوطنية واستمرار الانقسام وعجز القيادة الفلسطينية وفصائلها عن معالجة العديد من قضايا الانسان الفلسطيني وايضا بظل غياب السيادة الفلسطينية، تمكنت هذه المنظمات من اثارة العديد من القضايا التي تهم المواطن الفلسطيني، محاولة ايهام الفلسطيني باننا نعيش بكرامة ضمن سيادة وطنية، متجاهلة بذلك استمرار الاحتلال، فازالة الاستيطان وهدم الجدار وايقاف قلع الاشجار وهدم البيوت وايقاف حملات الاعتقال وغيرها تنتهي بانتهاء الاحتلال، وهذا ما يضع علامات استفهام على مهمات هذه المنظمات الغير حكومية
الممولون فرضوا شروطهم على هذه المؤسسات سواء من خلال التوقيع على عريضة لنبذ الارهاب وادانته كشرط للتمويل او من خلال طرق او اساليب اخرى، وها هي تنشط للتعامل مع القضية الفلسطينية على قاعدة انها قضية انسانية يجب ان يحترم بها الانسان سواء من سلطة الحكم الذاتي او الاحتلال، والتي بالحقيقة تحاول ان توفر بحوثا وتقاريرا تأخذ بالمحصلة معالجة الجانب الانساني للشعب الفلسطيني دون الاخذ بعين الاعتبار القضايا الوطنية التي يناضل من اجلها الشعب الفلسطيني، الا وهو ازالة الاحتلال.
وعد بلفور والكيان الصهيوني والدول الغربية الداعمة لهذا الكيان يرفضوا حتى اللحظة التعاطي مع القضية الفلسطينية على قاعدة انها قضية وطنية، قضية شعب يعيش تحت الاحتلال وأن حريته هي التخلص من الاحتلال واستقلاله وعودته وسيادته على ارضه، فهم يتعاطون مع القضية الفلسطينية على اساس انها قضية مدنية انسانية.
فالتمويل الغربي للمؤسسات الغير حكومية الفلسطينية، لا تصب اطلاقا بالموقف الوطني الرامي الى التخلص من الاحتلال، وان نجاح هذا التمويل مرهون باضعاف القوى الفلسطينية ومؤسساتها الجماهيرية وعلى راسها قوى اليسار الفلسطيني، وقد شهدت قوى اليسار الفلسطيني خروج العديد من كوادرها التي اتجهت صوب هذه المنظمات كتوجه سياسي لهذه الافراد تعتبره بديلا لتراجع وضعف القوى الوطنية الفلسطينية.
ان اي متابعة لتحركات نشطاء هذه المنظمات وما حصل بالمنتدى الاجتماعي العالمي - فلسطين حرة وقيام مؤسسات غربية من خلال المنظمات الغير حكومية بتمويل وتغطية سفر العديد من الفلسطينين ساهمت لاعطاء صبغة اخرى امام عجز القوى والشخصيات الوطنية وعجزها امام المشاركة الوطنية بالمنتدى الفلسطيني وذلك ضمن شروط التمويل الغربي التي التقت مع اهداف الكيان الصهيوني، والا ما معني ان يتم تقديم تقارير عن نشاط المنتدى من المشاركين ما لا يقل عن 5 صفحات لهذه المنظمات الممولة من كل مشارك، فهي تضع علامات استفهام حول اهداف هذه المنظمات وتوجهاتها المستقبلية، فالادارة الامريكية والدول الغربية التي تعتبر الفصائل الفلسطينية منظمات ارهابية وتلاحق مصادرها المالية ونشطائها، وتقوم باتخاذ اجراءات وملاحقات مالية ومتابعة الحسابات الجارية الفردية او المؤسساتية وتمارس مضايقاتها وملاحقاتها لاموال المنظمة وحجز الاموال لمنع وصولها او تاخيرها الى الاطراف المعنية بالسلطة او توجيه الاتهامات باعتبار ان الامول المحولة لها هي اموالا مشبوهة او لها علاقة "بالارهاب" والتي تهدف بذلك الى خلق شرخ كبير بالعلاقة بين الجماهير الفلسطينية والمؤسسات الوطنية الفلسطينية على كافة انتماءاتها السياسية.
الحس الوطني هو ذلك الحس الذي يتعامل مع القضية الفلسطينية على اساس انها قضية وطنية بامتياز من الدرجة الاولى، وان التعامل مع الاحتلال تتم من خلال مقاومته وازالت وانهائه، وان البديل لهذه المؤسسات هو اعادة بناء وتفعيل المؤسسات الجماهيرية والوطنية التي تعتمد بالاساس على الانسان الفلسطيني وطاقاته وامكانياته وقدراته والتي تحمل هموم الانسان الفلسطيني والتي تقود نضاله وتوجهه بمعركة المصير على طريق ازالة الاحتلال، لان الاحتلال هو المسؤول الاول والاخير عن الواقع المأساوي الذي يمر به شعبنا الفلسطيني داخل او خارج فلسطين، ويجب ملاحقة التمويل الغربي المشبوه لاي طرفا مهما كان، فالوطنية ليست بحجم تقبل الاموال الغربية، فهل الغرب والدول الغربية الممولة حتى اللجظة لم ترى ان هناك شعبا فلسطينيا ووطنا فلسطينيا تحت الاحتلال الاستيطاني الصهيوني؟ وهل التمويل الغربي للمنظمات الغير حكومية هي لانهاء الاحتلال ام لمعالجة القضايا الانسانية للمواطن الفلسطيني؟

جادالله صفا – البرازيل
20/03/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت