عبر بعض الفلسطينيين عن رفضهم لزيارة أوباما بالتجاهل، وآثر بعضهم الصمت، ولم ينشغل الكثير بأمر الرجل الذي يؤثر أطماع إسرائيل على مصالح الفلسطينيين، ولكن بعض الفلسطينيين اعترض عملياً على زيارة أوباما، وأدركوا بحسهم الوطني أن خادم الصهاينة لا يسعى في الأرض إلا لمرضاة اليهود، لذلك رفع شباب بيت لحم مجسماً لخريطة فلسطين على طريق أوباما، ليذكروا العالم بأن الصهاينة قد اغتصبوا أرض فلسطين منذ عشرات السنين.
كان يتوجب على قيادة السلطة الفلسطينية أن تعطي فسحة من حرية الرأي، وألا تهدم مجسم فلسطين بشكل يهين الوطنية الفلسطينية، وهذا ما أغضب الشرفاء الذين صفعوا صورة أوباما بالأحذية، في رسالة إلى العالم تقول: إن الذي يتم صفعه بالأحذية ليس وجه الرئيس الأمريكي، وإنما الخط السياسي المقيت الذي ترعاه أمريكا، والذي يصفع على وجهه هو النهج التفاوضي الذي تسير عليه القيادة الفلسطينية.
وانشغل بعض الفلسطينيين بقطع رواتب موظفي قطاع غزة، وناقشوا حجم المأساة الاجتماعية والمعيشية التي خلفها القرار، الذي أوقع العقاب الجماعي على الأسر الفلسطينية في قطاع غزة، وهم يدركون وثيق العلاقة بين قطع الرواتب في غزة، وتمزيق مجسم فلسطين في بيت لحم، لأن قطع الرواتب يهدف إلى إشغال الناس عن مناقشة سلبية زيارة أوباما، وخطيئة استقباله في الوقت الذي يتعهد فيه بتعزيز التحالف مع الصهاينة، ويصر على دخول المسجد الأقصى تحت حراسة الحراب الصهيونية، وكأنه في ذلك يعترف بالنفوذ اليهودي على المكان.
قطع رواتب الموظفين في قطاع غزة أوجع الناس عملياً، بل أنسى بعضهم الهم السياسي، وراحوا يحسبون نسبة الخصم، وكم تبقى من الراتب، وأسباب الخصم، وكيف يصير ترتيب الوضع المعيشي، ثم تساءل البعض عن البعد القانوني في الخصم، ولاسيما أن شركة توزيع الكهرباء هي شركة خاصة، والعلاقة بينها وبين المواطن علاقة تعاقدية، تخضع لشروط العقد، والعلاقات التجارية المحكومة للقانون، فلماذا مارست حكومة رام الله الخطيئة دون سند قانوني؟ أم أن القانون صار مطية لحكومة رام الله، التي صارت تتصرف بشئون الفلسطينيين بلا سند قانوني.
انقسم الفلسطينيون في اهتمامهم بزيارة أوباما، في الوقت الذي توحد فيه الصهاينة على الهدف، ففي الوقت الذي خرج فيه بعض اليهود بمظاهرة تطالب أوباما بالإفراج عن السجين اليهودي "جونثان بولارد" ، أعد آخرون لقاء احتفالياً في مطار بن غوريون، وعرضوا أمامه صواريخ القبة الحديدية والعصا السحرية، ليؤكدوا للضيف حاجتهم إلى مزيد من الدعم العسكري الأمريكي، وإلى مزيد من الأرض الفلسطينية كي يضمنوا الدفاع عن النفس.
ثم رتبوا للرئيس الأمريكي زيارة إلى قبر إسحق رابين، لا ليؤكدوا للعالم رغبتهم بالسلام كما يظن البعض، وإنما كي يقولوا للرئيس الأمريكي: لا تضغطوا علينا لوقف الاستيطان، فالموت مصير كل قائد إسرائيلي يفكر في التوقيع على أي اتفاقية مع الفلسطينيين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت