"آسف اردوغان"

بقلم: كمال الرواغ


إن اعتذار نيتنياهو لأردوغان عن حادثة مقتل الشهداء التسعة الأتراك الذي قضوا على متن سفينة مرمره التركية ليكسروا الحصار المفروض على قطاع غزة ومتضامنين مع أهلها يستحقون أكثر من الاعتذار، ألا يستحق الفلسطينيين من رئيس الوزراء التركي، أن يشترط على نتنياهو أن يعتذر للشعب الفلسطيني الذي تسفك دمائه كل يوم بدون أية مبرر، إلا لأنهم يتمسكون بأرضهم وبحريتهم، هل من اجل ذلك قدم هؤلاء النشطاء المناضلين الاترك، وهل لو فكر نشطاء غيرهم بالتضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله العادل، أن يتم التنازل عن دمائهم باعتذار لرئيس حكومتهم، ومذا بشأن القضية التي يناضلون من اجلها، هل يجدي الاعتذار بعد سبق الإصرار والترصد من العدو على قتل هؤلاء الأبرياء .
أنا على الأقل مع ما قالته "حنين زغبي" عضو الكنيست العربية لنتنياهو، يجب أن يكون الاعتذار مقرون بتشكيل لجنة تحقيق دوليه، تضع حد لغطرسة وقرصنة الاحتلال .
أما التزام إسرائيل برفع الحصار عن غزة فهذا درب من دروب الخيال لأنها ربطته بالأمن فنتنياهو أبلغ اردوغان عن سماح إسرائيل باستمرار تدفق البضائع والسلع الغذائية إلى الأراضي الفلسطينية دون توقف ما دام الهدوء مستمرا، وخلاف ذلك فإسرائيل لها مشروع مع غزة، فهي تريد ربطها على مختلف المستويات بالجانب المصري ، لكي ترتاح منها إلى الأبد .
إن ما دفع نيتنياهو للاعتذار لاردوغان بعد ثلاث سنوات من الانتظار، هو أوباما الذي يبدو بأنه منح إسرائيل الضوء الأخضر لضرب إيران، وهذا ما أشار وشدد عليه أوباما في خطابه بالجامعة العربية عندما قال بأنا لن نسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي الذي يهدد أمنكم وتحت أي ظرف ومهما كان الثمن .
وقد بدأت إسرائيل بتهيئة وتهدئة المنطقة لذلك فإعادة العلاقة مع تركيا، هي ضرورة لموقعها الاستراتيجي، وتركيا دولة حليفة أيضا لأمريكا، ويجب أن لا تكون غائبة عن الصورة، ويجب تهدئة الجبهة الفلسطينية من خلال التوقف عن القتل والتوغل مؤقتا وإدخال بعض المستلزمات الاستهلاكية والغذائية ، والإفراج عن أموال الضرائب وعن بعض الأسرى مؤقتا، وهي التي لن تتورع في اعتقال ضعفهم في اليوم التالي، وإغلاق المعابر في اليوم الثالث بحجة الإرهاب الفلسطيني .
وهكذا بعد أتمام اوباما زيارته للمنطقة بالمرور على العاهل الأردني تكون أمريكا قد هيأت المنطقة، لمرحلة جديدة، مرحلة ما بعد الأسد في سوريا حليف إيران الذي يبدو انه حددت فترة تاريخ صلاحيته بعد اتساع دائرة الفوضى والقتل في سوريا ، وسيقف نجاد لوحده في المنطقة بدون أي عمق استراتيجي ضد إسرائيل، والذي سيتم ضربه هو وصواريخه متى يشاءون، وقد هبت غبار الحرب على المنطقة بقدوم اوباما، فهذا الصيف سيكون ساخنا جدا على المنطقة والتي ستتغير بها كل المعادلات السياسية والأمنية والاقتصادية .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت